درس معاوية ...
كتب رئيس تحرير الحياة الجديدة
الحرب الأميركية الاسرائيلية ضد الشرعية الفلسطينية، بقيادتها ومشروعها الوطني التحرري، تشتد وتتفاقم: قرصنة لأموال الضرائب الفلسطينية، لا لتشديد الحصار المالي على السلطة الوطنية فقط، وإنما لضرب أيقونات روحنا وذاكرتنا الوطنية وتاريخنا النضالي، شهداؤنا وأسرانا الذين تقرصن اسرائيل أموالنا بذريعة خصم رواتبهم ..!!! وهناك التحريض الاستيطاني الصهيوني الاجرامي المتواصل ضد الرئيس أبو مازن لاغتياله وتصفيته، ثم هناك الآن في هذه الحرب العدوانية المستعرة، هناك "وارسو" في محاولة أميركية جديدة لإيجاد مخارج ممكنة لصفقة ترامب الصهيونية، وهذه المرة بأحصنتها المخصية من الخارجين عن الصف الوطني الذين وصلوا العاصمة البولندية لجر عربة بضاعة صفقة ترامب نحو ما يريد الحوذي الأميركي من مخارج ينفق فيها هذه البضاعة الفاسدة.
لا شيء الآن ابلغ وأوضح من هذه الحرب العدوانية، غير ان حركة حماس في صمت مطبق تجاه هذه الحرب (..!!!) لا موقف ضدها، ولا توصيف لها، ولا ناطق رسمي يهدد أصحابها بأقاويل "المقاومة" المزلزلة، والواقع ما ثمة غرابة في هذا الصمت الحمساوي اذا ما أدركنا ان حماس لا ترى الحرب ضد فلسطين، حربا ضدها، خاصة وهي تتغنى بانتصارات حضورها في بعض مقالات الصحف الاسرائيلية التي جعلت من "وحدات الإرباك الليلي" "وكتائب البالونات الحارقة" سلاحا من أسلحة الدمار الشامل الذي يهدد بإزالة اسرائيل عن الوجود ..!!!
لا يفضح هذا الصمت الحمساوي تجاه هذه الحرب الأميركية الاسرائيلية المستعرة ضد فلسطين ومشروعها التحرري، سوى حقيقتها اللاوطنية، بل هي مع هذا الصمت المشبوه، تضرب حتى ابسط القيم الاخلاقية والاجتماعية والسياسية في موروثنا الثقافي والتربوي عن تحالفات الاهل، وتكاتف الأخ مع أخيه في مواجهة الغريب الاجنبي العدواني، ولعلنا هنا نذكر مرة أخرى، بموقف الخليفة معاوية بن ابي سفيان من قيصر الروم، الذي أراد التدخل في صراع معاوية مع الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، حين عرض على الخليفة معاوية جيشا "يأتيه برأس علي" فكان رد معاوية بليغا في موقف سياسي حاسم برفض التدخل الدولي في صراع الأهل والامة الواحدة، فكتب للقيصر: "من معاوية الى قيصر الروم: اخوان تشاجرا، فما بالك تتدخل فيما بينهما، فإن لم تخرس اتيت إليك بجيش اوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أقدمه لعلي"، لكن ولأن حماس ليست ابنة هذا الموروث، ولا ابنة هذا الدرس وهذه الثقافة، نراها ترضى التفاهم مع الاحتلال الاسرائيلي، وترفضه مع الاهل من أبناء فلسطين وثوارها ..!!!
نرجو ان يتفحص المجتمعون اليوم في موسكو هذه الحقيقة، كي لا نضيع مزيدا من الوقت في حوارات لا تريد حماس غيرها حتى تظل بلا اية نتائج حاسمة، تنهي الانقلاب بكل مخرجاته القبيحة.
وبالقطع لسنا اليوم في مواجهة الحرب الأميركية الاسرائيلية العدوانية في بحبوحة من الوقت لنواصل حوارات المواقف النظرية والحزبية، حرب الادارة الأميركية وحكومة نتنياهو تستهدف رأس الكل الوطني رأس فلسطين، بقضيتها العادلة، ومشروعها الوطني التحرري، وقيادتها الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني التي "لا صوت اليوم ينبغي ان يعلو على صوتها" انها حرب تصفوية شاملة، هذه الحرب الأميركية الاسرائيلية، وعلى الكل الوطني مواجهتها بموقف شامل في وحدته وصلابته، وثباته على المبادئ الوطنية التي لا متاجرة فيها ولا مساومة عليها، ولا طريق للوحدة الوطنية الشاملة، غير طريق قبر الانقلاب الحمساوي البغيض، بكل مخرجاته القبيحة.