الهدم الذاتي .. جرح المقدسيين النازف
نديم علاوي
بيدين مثقلتين بالقهر والألم، انهال المقدسي حسام العباسي (30 عاما) على جدران منزله في سلوان ضربا بالمهدة، ليهدمه مقهورا يعتصره الألم، تنفيذا لقرار احتلالي عنصري أجبر بموجبه على ما هو مر، ليجنب نفسه تكاليف الهدم إذا ما نفذته جرافات بلديات الاحتلال، ليضاف ذلك إلى مصيبته في خسران المنزل.
العباسي، تفاجأ بقيام بلدية الاحتلال بالقدس رافقتها المخابرات الاسرائيلية بتسليمه قرارا يقضي بهدم منزله، والذي يتكون من طابق ثالث مساحته 65 مترا، ويضم غرفتين وحماما وبلكونة.
وقال العباسي لـ"وفا"، انه يعيش في هذا المنزل مع عائلته التي تتكون من زوجته وابنته، وكان قد كلفه بناء المنزل أكثر من 50 ألف شيقل، قبل ستة اشهر، ليهدمه بيده خشية من المبالغ الباهظة التي قد يدفعها مقابل ترك المهمة لجرافات بلدية الاحتلال.
وتابع، انه تسلم قرار الهدم بعد ان استدعته سلطات الاحتلال الاسرائيلي مؤخرا، وأجبرته على هدم منزله، دون استئناف، او توكيل محام، مشيرا الى ان قرار الهدم جاءه جاهزا من المحكمة الاسرائيلية.
واوضح ان هدم منزله لم يستغرق أكثر من يوم، حيث تعاون معه الأهالي، وأكد ان هذا المنزل هو الثاني الذي يهدمه الاحتلال لنفس العائلة، مؤكدا أن عائلته مستهدفة من قبل مخابرات الاحتلال الاسرائيلي.
وأكد ان سياسة الهدم الذاتي في القدس لن تهبط من العزيمة، معتبرا في البداية الهدم خسارة كبيرة للمقدسيين، وفي النهاية صمودا وتحديا في الوقوف أمام الخيار الاول الذي ينتهجه الاحتلال لسلب أموال المقدسيين.
وكانت الآونة الاخيرة قد شهدت قرارات متجددة من أجل تفريغ مدينة القدس من الفلسطينيين، بتسليمهم قرارات تقضي بالهدم، فيما يستسلم كثير من المقدسيين لهذه السياسية، باختيارهم هدم منازلهم بأيديهم، عوضا عن سياسية الاحتلال الاجبارية بالهدم مقابل تكاليف باهظة.
وتضاعفت هذه الحالة في شهر شباط المنصرم، بقيام سلطات الاحتلال بإصدار قرارات للفلسطينيين في القدس، تجبرهم بالهدم مقابل مبالغ مالية باهظة، او قيام المقدسيين بالهدم بأنفسهم.
وأكد المستشار القانوني للجنة الدفاع عن أراضي سلوان أشرف الأعور، لـ"وفا"، ان سياسية الاحتلال الاسرائيلي لهدم المنازل، تزايدت بشكل ملحوظ، مشيرة إلى انه خلال الاسبوع الواحد يتم هدم منزلين.
وتابع، هذه السياسة تأتي في سياق تهجير المقدسيين عن مدينة القدس، ويختار المقدسيون الهدم الذاتي مضطرين لصعوبة الوضع في القدس، وبسبب مخالفات الاحتلال المالية الباهظة، وبالتالي لا يوجد خيار غير هذا النهج.
وقال الاعور، ان حجة الاحتلال بالهدم هي عدم الترخيص، في حين ان منازل المواطنين الفلسطينيين في القدس لا تشكل عائقا على البلدية او على الشارع، لا سيما منزل حسام العباسي الذي يبعد عن الشارع، ويقع فوق مبنى شيد منذ عام 1967، ولا يشكل ضررا على بلدية الاحتلال.
وأوضح ان 75% من مباني مواطني قرية سلوان مهددة بالهدم، من قبل سلطات وبلدية الاحتلال في القدس، التي تتعنت في الترخيص وتطلب رسوم ترخيص باهظة لبيوت المواطنين الفلسطينيين، قد تتجاوز النصف مليون شيقل للمنزل البسيط.
وتنتهج سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذه السياسة، ضمن خطة ممنهجة تهدف من خلالها إلى مواجهة التكاثر الطبيعي للفلسطينيين في القدس من أجل خلق "توازن ديمغرافي" مع اليهود، وهذا ما يفسر الضغط المستمر على الفلسطينيين لإجبارهم على الهجرة من المدينة المقدسة.
وبحسب التقرير الصادر عن مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق، فإن عدد البيوت والمنشأت التي تم هدمها والاستيلاء عليها من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي في القدس خلال العام 2018، بلغت 246 منزلا ومنشآة من بينها 31 حالة هدم ذاتي، فيما أخطرت سلطات الاحتلال بهدم 125 منزلا ومنشآة.