حكومة العمل المضني
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
هكذا هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" دائما، حين يشتد الصعب، تتصدى لمهماته الصعبة والأصعب، وهذه هي مهمات الحكومة الثامنة عشرة، التي كلف الرئيس أبو مازن ، عضو مركزية فتح د.محمد اشتية بتشكيلها، ولا يخفى على أحد أن قضيتنا الوطنية المركزية، تعيش اليوم أخطر مراحلها وأكثرها صعوبة، حيث الحرب الأميركية الإسرائيلية تستعر ضد الشرعية الفلسطينية، ورأسها، ومشروعها الوطني التحرري، بحصارها المالي الذي اشتدت حلقاته بالقرصنة الإسرائيلية لأموال المقاصة الفلسطينية، الحصار الذي انتج اليوم أولى طعناته لرواتب الموظفين، ليصيب الدورة الاقتصادية عندنا بالركود التنموي ان صح التعبير، وبسبب هذا الوضع، وهذه الحالة، تبدو مهمة الحكومة الثامنة عشرة، مهمة نضالية من طراز استراتيجي تماما على الصعيد الاقتصادي، ولرئيس الحكومة المكلف د.محمد اشتية ما يقوله في هذا السياق بعد أن رأى منظورا تنمويا جديدا لفلسطين، في كتاب أصدره نهايات العام الماضي.
ولا شك ان ما جاء في في كتاب اشتية من أفكار تنموية خلاقة بخصوصيتها الفلسطينية، خاصة ما يتعلق بتكريس "الصمود المقاوم" ستجد طريقها في برامج عمل الحكومة المقبلة.
ودائما وهكذا ستبقى فتح بوصفها وواقعها، حركة التحرر الوطني الفلسطيني، ترى ان "لنا في أرضنا ما نعمل" ومع "القمح الذي نربيه ونسقيه ندى أجسادنا" لنا مجابهة مختلف التحديات، ومنازلة شتى الصعوبات والعراقيل، وخوض أخطر المعارك، في سبيل حرية فلسطين واستقلالها.
الحكومة الثامنة عشرة هي حكومة العمل المضني، وأولوياتها هي الاولويات الوطنية بامتياز، إذ هي أولويات تعزيز الصمود المقاوم وتنمية مختلف موارده، لتحقيق أفضل منظومات الأمن الاقتصادي والاجتماعي والوطني لشعبنا، وفي دروب هذه التنمية النضالية، تمكن معالجة وتصويب مختلف الأوضاع الداخلية الفلسطينية، بإعادة بناء الوحدة الوطنية على أسس أمتن صلابة، وأكثر وضوحا في علاقاتها التكاملية، وتفاهماتها السياسية، المستندة إلى برنامج الإجماع الوطني، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الوحدة التي من شأنها التصدي لمهمة دحر المشروع الاخواني، المتصهين على نحو ما يتماهى مع صفقة ترامب الصهيونية، ومن خلال إنهاء الانقلاب الحمساوي، بكل مخرجاته البغيضة، وهذا ما سيعزز بالتأكيد تصديات أجدى للاحتلال الاسرائيلي، وسياساته العنصرية الدموية، ومخططاته الاستيطانية، وفي الوقت نفسه هذا ما سيسقط بالطبع صفقة ترامب الصهيونية.
لا تصويب يأتي عبر الخطب والبيانات الحزبية "الارشادية" وإلقاء المواعظ المتعالية على الواقع ومعطياته ...!! فلا سبيل بعد الآن "لحوار" من أجل إنهاء الانقسام البغيض، والأصح اليوم، في القول والعمل، هو إنهاء الانقلاب وسلطته القمعية التي باتت تتغول في نهج العصابات الإجرامية، وأحدث ما ارتكبت محاولة اغتيال عضو مركزية فتح في غزة احمد حلس قبل ايّام قليلة، وإنهاء هذا الانقلاب وإسقاط سلطته القمعية، لن يكون بغير العودة لخيار الشعب عبر صناديق الاقتراع، وهذه واحدة من بين مهمات الحكومة المقبلة الأكثر الحاحا، بوصفها من ابرز الاولويات الوطنية في اللحظة الراهنة.
بلا أية مبالغة، الحكومة الثامنة عشرة، هي حكومة العمل المضني حقا، بقدر ما ستواجه من تحديات، وما ستتصدى له من مهمات صعبة، وهي بالقطع مهمات الضرورة الوطنية للمضي قدما نحو إنجاز المشروع الوطني التحرري، بتحقيق كامل أهدافه العادلة في الحرية والسيادة والاستقلال، وما من مهمات تصدت لها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح إلا وكانت على قدرها، وشعارها على قدر أهل العزم تأتي العزائم وحين "تعظم في عين الصغير صغارها / تصغر في عين العظيم العظائم" وهكذا يكون التصويب بالعمل النضالي، واقتحام الصعب والتصدي لمهاته الصعبة والأصعب.