السكوت علامة الرضا..!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بلغة مؤامرة صفقة ترامب الصهيونية، شديدة الوضوح، أعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في اجتماع لحزب الليكود، أن السماح بإدخال الأموال إلى حماس في غزة، هو جزء من استراتيجية اسرائيل للإبقاء على الانقسام والانفصال بين الضفة وقطاع غزة، وبما يعني بلا مواربة دعم سلطة الانقلاب الحمساوية، والعمل على تأبيدها من أجل ألا تكون هناك دولة فلسطينية، وفي هذه النقطة بالتحديد كما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية قال نتنياهو: "ينبغي على من يعارض قيام دولة فلسطينية أن يدعم تحويل الأموال إلى غزة"، وهكذا ومع هذا الإعلان الواضح والصريح لم يعد امام "حماس" ثمة ما هو قابل لمغالطة هذا الواقع -واقع المؤامرة - ولا تزويره، ولا الادعاء أنها لا تعلم شيئا عن غاياته التدميرية...!! وبوسع قادة حماس لو كانوا على النقيض من هذه الغايات، أن يردوا على نتنياهو، لكنهم التزموا الصمت المطبق (..!!) فلم نسمع، ولم نقرأ تصريحا واحداً منهم ولهم، ولا من ناطقيهم الكثر، ضد تصريحات نتنياهو هذه، لا بل إنهم مع هذه التصريحات، كانوا يحتفون بصور صرف الفتات من الأموال الانفصالية "المئة دولار" على صغار عناصرهم، وهي في الواقع صور مؤلمة لا تليق بأي انسان، بقدر ما هي جارحة للكرامة وعزة النفس، التي باتت حماس بهذه الصور تمرغها بالوحل ..!!!
حصة الأسد من هذه الأموال هي بالتأكيد لأمراء "الامارة" وتجارها، ولهذا يصمتون عن تصريحات نتنياهو الفاضحة لحقيقة ما تستهدف صفقة ترامب الصهيونية تحقيقه، من قتل لأحلام شعبنا الفلسطيني وتدمير لتطلعاته العادلة والمشروعة في الحرية والاستقلال.
لسنا نتجنى على حماس في هذه الرؤية، ولعلنا نرجو أن نكون على خطأ فيها، لكن سلوك حماس الانفصالي في كل خطوة تخطوها، لا يسمح لنا برؤية مغايرة، وما يفضح الآن انها ضليعة في مخطط الانفصال الذي تغذيه اسرائيل بتمرير الأموال إليها، هو صمتها هذا تجاه ما أعلنه نتنياهو بالفم الملآن، وبالكلمات التي لا تقبل اَي تحريف أو أي تأويل مخادع، وهو على ما يبدو صمت مدفوع الأجر هو الآخر ..!!!
تصمت حماس تجاه هذه التصريحات الاسرائيلية الخطيرة ، لكنها تفيض بالتصريحات الساخنة (..!!) ضد كل ما تتخذه الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية، من قرارات ومواقف لمجابهة تحديات المرحلة الراهنة، والتصدي لمخططات التدمير المحمولة على صفقة ترامب الصهيونية ...!!
لم يعد ما هو قابل للشك في أمر حماس هذا، أمر ضلوعها في هذه المخططات التآمرية، والذين ما زالوا لا يريدون رؤية هذا الامر على حقيقته، ان ينتبهوا اذا ما واصلوا هذا الموقف، فإنهم في أفضل الأحوال سيكونون كذاك التاجر الذي ما طال عنب اليمن، ولا بلح الشام، وهذا ما لا يحبه التاريخ، وما لا ينظر إليه بعين التقدير والتثمين، إن لم يضعه في قاعة المحاكمات القاسية ..!!!
وباختصار شديد: تجري الأموال لحماس في قطاع غزة، من أجل تكريس انفصاله عن الضفة، أي من أجل تدمير الوحدة الجغرافية لدولة فلسطين، أي من اجل منع قيام هذه الدولة، هذه هي استراتيجية مؤامرة صفقة ترامب الصهيونية، التي يرحب بها الصمت الحمساوي، هذا الصمت الذي طال ايضا قبل ذلك، القرصنة الاسرائيلية للأموال الفلسطينية، كي لا تدفع السلطة الوطنية رواتب لأسر شهدائنا البررة، وأسرانا البواسل، والسكوت كما يعرف الناس، كل الناس، علامة الرضى ..!!! لكن ما لا تعرفه حماس حقا ان غزة "لا تبيع البرتقال لأنه دمها المعلب" وبمعنى انها لا ولن تبيع كرامتها الوطنية، ولا تاريخها النضالي، ولا تضحياتها العظيمة ابدا، فهذا هو دمها، وهذه هي روحها وموقفها، حتى لو تدفق معبر بيت حانون بسيل جارف من الدولارات، لأنها تعرف انها دولارات للفصل والهدم والتدمير فحسب.
ملاحظة: يتغول الاحتلال في عدوانه على الأقصى وباحات الصلاة فيه، وقد حول ساحة الغزالي في المدينة المقدسة، إلى منطقة عسكرية مغلقة، وحماس لا تتحدث سوى عن التهدئة والتقدم في مساراتها.!!