لا يحدث إلا في فلسطين
عنان شحادة
في الوقت الذي يحرص فيه كل إنسان في العالم على بناء منزل يأويه، يجد الفلسطيني نفسه أمام هدم ما بناه رغما عنه، تحت تهديد الاحتلال الإسرائيلي بلا حجج.
في منطقة بير عونة بمدينة بيت جالا، وليس بعيدا عن جدار الفصل العنصري وطريق "الأنفاق"، وقف المواطن الخمسيني أيمن رزق زرينة أمام منزله مجبرا على هدمه بيده، خوفا من تبعيات قد تلحق به من إجراءات وتدابير احتلالية ومالية.
زرينة الذي هدم منزله ذاتيا، اليوم الثلاثاء، حالة من عشرات الحالات لنفس العائلة تعرضت إلى هجمة من قبل المحتل، تخلله هدم عدد من منازلهم، وبركسات لتربية الأغنام والخيول، عدا عن إخطارات أخرى بالهدم.
قبل أشهر هدم الاحتلال إسكانا لابن عمه وليد زرينة مكونا من ستة طوابق، وبعدها منزلا مكونا من ثلاثة طوابق للمحامية باسمة اللحام.
"قبل يومين سلمني الاحتلال إخطارا بهدم منزلي المكون من طابقين ذاتيا، وأمهلني ثلاثة أيام على أن يكون العاشر من الشهر الجاري موعدا للهدم، وفي حال رفضت يقوم هو بالهدم على نفقتي بتكلفة (230) ألف شيقل" يقول زرينة.
"هُجّر والدي في نكبة 1948 من منطقة المالحة القريبة من القدس، ولن نرحل مرة أخرى حتى لو اضطررنا لأن نسكن الخيمة مرة أخرى" يضيف زرينة.
ويتابع: "14 فردا عدد أفراد أسرتي من اليوم لا مأوى لهم، حسبي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
وأوضح "كما قال الرئيس رحلنا عام 1948، لكن لن نرحل في العام 2019، نحن صامدون".
وعاد زرينة بذاكرته إلى الوراء مستذكرا ما مر به بدءا من 29-5-2018 عندما تم اخطاره للمرة الأولى بوقف البناء ثم الهدم، وكيف شرع بالإجراءات مع المحامين لوقف القرار، لكن قوبل بالرفض وهذا كلّفه حتى دخول المحكمة (15) ألف شيقل، ثم الى ما يسمى بالمحكمة العليا، ومرة أخرى رفض الاستئناف، وصولا للإخطار الذي سلم لي قبل ثلاثة أيام، مشيرا الى انه صرف حوال (200) ألف شيقل أجرة محاميين ومحاكم إسرائيلية.
ورفع زرينة بيده الاخطارات التي سلمت له بهدم منزله، وقال "انظروا هذه شهادات قتل مع سبق الإصرار".
صالح نجل صاحب المنزل (23 عاما) يقول: "كنت أخطط لتشطيب شقتي الخاصة بي لكي أكوّن أسرة، كان موعد زواجي مع هذا العام، الآن الاحتلال قتل حلمي".
ويضيف "في عمر 16 عاما، تركت مدرستي وانخرطت في سوق العمل لأكون عونا الى جانب والدي واشقائي الثلاثة، وكل ما تم ادخاره تم به بناء هذا المنزل الذي هدم أمام أعيننا، ولا نقدر أن نعمل شيئا، الاحتلال قتل الحلم لكن لن يقتل الإرادة والعزيمة لمستقبل أفضل".
من جانبه، أفاد مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية لـ"وفا"، بأن منطقة بير عونه في مرمى نيران الاحتلال منذ فترة، هي جزء لا يتجزأ من أراضي مدينة بيت جالا، وتقع ضمن حدود العام 1967 ويملك أصحابها "طابو" كوشان عثماني".
وأضاف بريجية ان الاحتلال يصعّد من هجمته في المنطقة بهدف تفريغها وضمها لحدود ما يسمى بلدية القدس، مشيرا الى انه تم حتى الآن هدم (8) منازل وأخطر (12) منزلا بالهدم وإيقاف البناء.