الشبيبة النور في آخر النفق
بقلم: الأسير ياسر أبو بكر
تقفز الى الذهن دوما المقدرة الجبارة التي يتمتع بها الشباب، وتبين قدرتهم على صنع المستقبل وعلى تحقيق الأهداف بجسارة تفوق الشيوخ ممن يتم وصفهم بالحكماء، فمعظم القادة الكبار بدأوا يكبرون من مرحلة الشباب التي اشتهروا من خلالها كقادة.
غالب الثورات بالعالم كان قادتها شباب، وذلك لما يتسمون به من حرية وانطلاق وجسارة إضافة لتمكنهم الواعي من تمثّل المعارف القديمة وتلك المستجدة بحيث أنهم يستطيعون تلقيح القديم بالجديد فيتكثف بعقلهم مسيرة وخبرات من سبقوهم ضمن نظرة جديدة متطورة، أو هكذا ما يجب أن يكون في ظل التعبئة الجيدة.
إن الشباب هم المدفعية الثقيلة للمجتمعات الراقية وللامم المتحضرة، وهم بُناة أوطانهم بسواعدهم المشمرة، كما هم القادرون على خوض التجارب وتحقيق الانجازات بالمغامرة سواء تلك المحسوبة او غير المحسوبة، إذ كثيرا ما تحتاج الامور لمغامر يُلقي بحسابات اللحظة القائمة الى الخلف.
لا أرى أدل من ذلك من نموذج الخالد فينا ياسر عرفات وصحبه من الشباب الذين أقاموا فلسطين في قلوبهم، ثم نقلوها الى الأرض عبر الإرادة الواعية والعمل المضني في وقت كانت الأمة تكاد تستسلم وتكاد تلغي فلسطين عن الخريطة.
ولا أرى في حكمة القائد أبوعمار وأبومازن وأبوإياد وأبوالسعيد وأخوتهما من كافة التنظيمات إلا أنهم قالوا ففعلوا، ولم ييأسوا أبدا، حين رأوا النور في آخر النفق وهو ذاك النورالمتمثل في صدور وعقول وإقدام وانجازات الشباب.
لنا حكمة النظر في الثورة الكوبية والجزائرية والفيتنامية وغيرها، وكي لا نبتعد كثيرا فإن الحراك الجديد في الدول العربية مثل الجزائر والخرطوم ينطلق من صدور الشباب وبقدراتهم المتميزة على التغيير، ولا تختلف الصورة في فلسطين.
في بلادنا يشكل الشباب الأغلبية الوطنية، رغم ضعف تمثيلهم داخل الأحزاب السياسية ولكنك تراهم بكل زاوية من زوايا العطاء أي: في العلم والتعليم والعمل والتجارة والسياسة، بل وفي الاعلام، وهم أول من يتصدى للاحتلال في المقاومة الشعبية السلمية في كلا الاتجاهين أي في غزة وفي الضفة.
إن ضرورة أن يكون للطلاب والشبيبة موقعا مرموقا متقدما في التنظيمات السياسية الفلسطينية، بل وفي السلطة الوطنية الفلسطينية - والتي ما هي الا مقدمة التحول للدولة- يقتضي النظر لهم نظرة محبة وترحيب واحتضان كي يُقدّموا للأمام سواء في الحقائب الوزارية، أو كسفراء او في مجالات العمل الاهلي والسياسي المختلفة، ما لن تندم عليه القيادات العتيدة، بل سترى في إقدامهم قوة إضافية ورافعة لن يجدوا مثلها رافعة في الأفكار وفي الابداعات وفي العمل الميداني.
النتائج التي تفد علينا من الحراك الديمقراطي في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية هي مصدر فرح لنا بما يقومون به على الصعيدين، على صعيد خدمة الطلبة كلهم، وخاصة من كوادر الشبيبة وحركة فتح التي لا تميز بين الطلبة مطلقا، وعلى صعيد الوعي السياسي الذي أراه في كثير من الجامعات يتفوق على وعي كثير ممن هم بموقع القيادة في هذا الفصيل اوذاك.
إن القيادات الطلابية والشبيبة ليست هي رهان المستقبل كما نقول نحن في الشبيبة الفتحاوية فقط، وإنما هم صنّاع اليوم وأحداثه التي هي تحفر في المستقبل، ما يعني ضرورة الالتفات لهم والاستماع لهم وادماجهم في كل المؤسسات حيث لا ندم مطلقا، والعكس صحيح فحين تتخلى الأمة عن عنوان تقدمها وعنوان الانجاز والتغيير فيها أي عن الشباب تقع الكارثة.
انني أدعو بكل وضوح لأن تعيد كافة التنظيمات السياسية ترتيب أوراقها وأن تضع ثقتها في شبيبتها وإلا فهي المخطئة حين تسيء الظن بهم، إذ أنها لم تستطع أن تثقفهم او تربيهم او تدربهم على ما يمكّن مشعل الثورة أن يظل دائم الوميض.