فلسطين الكوكب الدري
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لعله من الطبيعي ألا يرى القيادي الحمساوي محمود الزهار فلسطين على الخريطة، مثلما قال في شريط فيديو مسجل له وهو يتحدث إلى عدد من جلسائه في غزة..!! فلسطين الكوكب الدري بحضورها الإنساني والحضاري عبر التاريخ، وفي الواقع الراهن، وبمكانتها المقدسة، وقضيتها العادلة، وملاحم شعبها البطولية في سيرته النضالية، فلسطين هذا الكوكب، لا يراها الزهار، ولن يراها، لأنه ببساطة لا ينتمي إلى حقيقتها، ولا إلى تطلعاتها، ولا إلى مشروعها الوطني، ونظنه والله تعالى أعلم، من الذين "ختم الله على قلوبهم، وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فهم لا يبصرون هدى، ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون".
ولا يرى الزهار فلسطين على الخريطة، لأنها كما قال صغيرة كمثل مسواك "ينظف" به أسنانه (ليس لدى مخيلة الحمق غير التشابيه ذات العلاقة بالرغبات الحسية!!) و"فلسطين مسواكا" لأن مشروع جماعته الاخوانية أكبر بكثير منها..!! وقد بتنا نعرف والعالم أجمع، أن هذا المشروع الكبير، ليس إلا مشروع توسيع مساحة الصيد في بحر غزة، وحرية التجارة عبر معابرها، وهدنة أصيلة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي...!!! وحقا "تعظم في عين الصغير صغارها" رحم الله المتنبي.
مشروع المساحات البحرية، والتفاهمات مع دولة الاحتلال التي أغدقت على خزائن حماس المزيد من الأموال، وسمحت لسلطتها بالهيمنة واللصوصية، هذا المشروع عند الزهار، أكبر من مشروع دولة فلسطين الحرة، من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية..!! والواقع أن "العبودية الاخوانية" إن صح التعبير، ترى دوما بمشروع الحرية نقيضها، وكلما سمعت به أثار قلقها الفيزياوي، وعلى النحو الذي عبر عنه الزهار، وهو يقول إنه كلما سمع بمشروع دولة فلسطين شعر بالتقيؤ..!!
هل من الممكن بعد هذا الكلام للزهار أن يظل البعض متصورا أن هناك حقا خلافا بين فتح وحماس...!! وحقيقة الأمر هي هذه التي نطق بها الزهار، وغير الزهار من قيادات حماس، وغير مرة، التي تقول بتصدي المشروع الوطني التحرري لمشروع الجماعة الاخوانية وإذا كنا ما نزال نحرض على المصالحة الوطنية وندعو إليها، ونطالب بها، فلأننا نرى في ذلك سبيلا لتعزيز مسيرتنا الحرة، نحو انتصار مشروعها الوطني، بتحقيق كامل أهداف شعبنا العالدلة في الحرية والاستقلال.
ولأجل مستقبل فلسطين في دولتها المستقلة ذات السيادة، سنقبل بمصالحة تداوي الجراح التي خلفها الانقسام البغيض، وعلى نحو المراجعة الوطنية لكل ما كان من سياسات ومواقف خلال حقبة الانقسام، وستظل المصالحة المجتمعية أساسا في كل هذا الإطار. وكل هذا جزء من مشروع الحرية والتحرر الوطني الفلسطيني، مشروع فلسطين الكوكب الدري الساطع المتلألئ، الذي وحده أعمى البصيرة فحسب من لا يراه.