مرة أخرى وأخرى.. الكتابة في زمن المواجهة
كتب رئيس صحيفة الحياة الجديدة
ليس بوسع كاتب المقالة الصحفية، في أية صحيفة كان، أن يكون ناطقا باسم الشعب الفلسطيني تجاه قضاياه المصيرية، كأن يقرر (...!!) أن الشعب لم يعد ينظر بعين الرضا لشعارات المشروع الوطني التحرري ..!! والحقيقة أن هذا الأمر لكي يكون واقعيا وصحيحا فإنه يحتاج إلى استفتاء، لا إلى تخيلات رغبوية في مقالة صحفية، والحقيقة أيضا أن الكاتب الذي ينصب نفسه ناطقا باسم الشعب، إنما يكون ذاهبا نحو غاية أخرى في مقالته، لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير، ولا بالحرص على الشعب ومسيرته النضالية..!!
وحتى لا يقال إننا نفعل ذلك أحيانا في هذه الكلمة، نوضح أننا لا نتحدث هنا باسم الشعب، الحديث الذي هو حصريا لقيادته الشرعية، وإنما نتحدث هنا عن إرادته الحرة، بوصفها حقيقة جلية، وقيمة نضالية عليا، وضرورة تعبوية، وبكونها الباعث للمشروع الوطني التحرري، والأساس الذي يستند إليه القرارالوطني المستقل، والموقف السياسي لقيادته الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية.
قد كتبنا غير مرة في هذه الكلمة، عن ضرورة تحمل الكتابة الصحفية في زمن المواجهة الذي نعيش اليوم، لمسؤولياتها الأخلاقية والمعرفية والوطنية، ذلك لأن زمن المواجهة، هو زمن الكلمة المسؤولة، حاملة الأمانة والمصداقية، بواقعيتها التعبوية، لا زمن كلمة التحليلات الرغائبية، والاستعراضات الشعبوية، والمزايدات الثورجية التي تكتب لأجل تصيدات حزبية وفئوية، وحتى شخصية بحسابات نفعية، وبعضها بحسابات حسية مريضة (..!!) وخاصة هذه التي تنتشر على بعض المواقع الاعلامية الإلكترونية، وبعض منصات التواصل الاجتماعي، كمثل ما ينتشر الفطر السام من حول المستنقعات الآسنة ..!! ولا ينبغي أن ننسى هنا الإشارة إلى أن دوائر المخابرات المعادية تجد طريقها إلى العديد من هذه المواقع وهذه المنصات، لتغذيتها بالشائعات والتقولات و"الوثائق" والأخبار المزورة، لتحيلها إلى مواقع ومنصات تحريضية ضد الشرعية الفلسطينية، ومواقفها المتصدية لمخططات التآمر التصفوية، الأميركية الصهيونية.
لا نريد أن نردد ذاك الشعار الذي يقول لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولكننا نتطلع للصوت الذي يعلو فوق صوت الاستعراضات الشعبوية، والأخرى ذات الحسابات النفعية، وهذا الصوت الذي نتطلع اليه يظل هو صوت الحرية والدال عليها الذي يملأ فضاء فلسطين ويعلو بكلمات كتابها المبدعين.