الثقافة الاخونجية
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
يصفونه بالمثقف، وتتباهى حماس به ناطقا بهذه الصفة، وكاتبا لمطولات تنظيراتها السياسية الفارغة، انه القيادي الحمساوي أحمد يوسف الذي نكتشف اليوم ان بينه وبين الثقافة، بمفهومها التنويري، الساعي لتجسيد قيم الحق والعدل والجمال، ما صنع الحداد..!!! ولسنا نتجنى على يوسف هنا، لأن ما كتبه من تعليق عن المرأة بأنها لا تصلح ان تجلس على منصة القضاء، لأنها محكومة "بالغيرة والرغبة بالانتقام" هو ما يؤكد حقيقة انعدام علاقته بالثقافة بمفهومها التنويري، واذا كانت هناك ثمة ثقافة يحملها هذا القيادي الحمساوي، فهي ليست سوى تلك الثقافة الذكورية، بأصوليتها الظلامية المغلقة، بالغة التبجح والأكاذيب، والمناهضة للواقع والتاريخ، والطاعنة لأبسط قيم الكرامة الانسانية، وهذه على أية حال هي ثقافة الجماعة الاخونجية أينما كانوا وكيفما وجدوا..!! وانظروا مثلا الى ما حققه فتحي حماد من طعن للكرامة الانسانية، حين جلس على منصة يخطب بمديح الخمسين دولارا (...!!) التي يريد توزيعها على جرحى مسيرة العودة، كمكرمة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، خمسون دولارا لشباب باتت حياتهم تتعثر بجراح موجعة، للروح قبل الجسد، لا جراء رصاصات الاحتلال الاسرائيلي فقط، وإنما ايضا جراء ما صدقوه من خطب حماد وأمثاله، خمسون دولارا أقام لها حماد مهرجانا خطابيا ليتمنن بها على الجرحى كعطية جزيلة، وهي ليست إلا حيلة دعائية عن رعاية حمساوية استعراضية لجرحى مسيرة العودة..!!
خمسون دولارا.. وجيوب حماد مثقلة بدولارات التجارة الحرام، والسلطة الحرام التي تريد من هؤلاء الجرحى ان يكونوا متسولين كشأنها، غير ان من يحمل وسام الجرح النضالي، لا يمكن ان يصبح ولن يصبح كذلك ابدا.
الطعن في قيمة المرأة ومكانتها في الحياة والمجتمع، الذي حققه أحمد يوسف فيما كتب، وهذا الطعن في الكرامة الانسانية، الذي حققه فتحي حماد، في مهرجان الخمسين دولارا، لا يصدر إلا عن ثقافة واحدة، ثقافة الجماعة الاخونجية التي لا علاقة لها بالتنور ولا بالتحضر ولا حتى بالحياة، اذ هي ثقافة الموت العدمية، ولا علاقة لها- بالطبع- بالثقافة الفلسطينية، التي لطالما تفتحت وتتفتح على الحياة كي تكون حياة العزة والتقدم والازدهار، حياة العدل والحرية، وهي التي فاضت وتفيض على الدنيا كلها، بأرقى قيم السلام والمحبة والتسامح والمساواة، وأرضها أرض القداسة، وتاريخها تاريخ العطاء والابداع، تاريخ الزرع والبناء، تاريخ النار الدائمة وحارستها المرأة منذ "عناة" وحتى اللحظة، والى يوم يبعثون، مثلما هو تاريخ الكرامة، والعالم أجمع يعرف هذا المعنى جيدا، وهو يرى صمود شعبنا وتضحياته العظيمة، في سبيل حريته واستقلاله وعزة نفسه، هذا المعنى الذي لا يعرف عنه شيئا، لا أحمد يوسف، ولا فتحي حماد، ولا كل الجماعة الاخونجية.