أثر فلسطين .. أثر النزاهة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
سننظر وبروح التطلع والتنور، الى تصريحات مرشح الرئاسة الأميركية، عن الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز، باحترام شديد، وباهتمام تستحقه دون ادنى شك، لا لأن صوتا أميركيا على هذه المستوى، وبمثل هذه النزاهة، هو الصوت الذي يصادق على حقيقة المظلمة الفلسطينية الكبرى، ويقول بضرورة تسويتها العادلة فحسب، وانما ولأنه ايضا الصوت الذي يناهض على هذا النحو او ذاك، اقاويل الرئيس الأميركي دونلاد ترامب العنصرية، وسياساته الصهيونية التي اطاحت وبوقاحة لا مثيل لها، بكل قيم النزاهة والموضوعية السياسية والاخلاقية، لا في حربه ضد القضية الفلسطينية فقط، بل وضد قضايا الحرية والعدل والسلام في العالم اجمع كذلك.
ومرة اخرى نقول ونؤكد ان فلسطين بواقعية نضالات شعبها وتضحياته العظيمة، وبقرارها الوطني المستقل، وبمصداقية خطابها الانساني، وسياسات قيادتها الشرعية الساعية لاقرار السلام العادل في الشرق الاوسط، طبقا لمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، هي فلسطين التي تجعل من صوت الحقيقة والحق ممكنا على الدوام، فلو كنا دون هذا الخطاب، وبلا نضال وتضحيات، وبلا قرار وطني مستقل، لكنا نسيا منسيا، وفي احسن الاحوال لبقينا مجرد لاجئين ننتظر عين الشفقة ان تتكرم علينا بمزيد من اكياس الطحين، ولبقي من ظل صامدا في ارض الوطن ينتظر حقوقا مدنية، تظل منقوصة ابدا، طالما يظل الاحتلال، وطالما تغيب حقوقه السياسية والوطنية المشروعة، وهو الامر الذي اراده وعد بلفور المشؤوم، وتريده اليوم صفقة ترامب الصهيونية..!!!
لا مناص من رؤية تصريحات المرشح الأميركي ساندرز التي قال فيها وبمنتهى الوضوح "لا يمكن السكوت على الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني" إلا في سياق ما تحقق فلسطين من حضور فاعل في الساحة الدولية، وفي الضمير الانساني الذي بات يتفلت لمواقف اكثر شجاعة لنصرة القضية الفلسطينية وعلى نحو ما نرى من حركة التاريخ، فان فلسطين بمعناها السياسي والحقوقي والانساني، وبفعلها النضالي، وصمود اهلها الاسطوري، وسياسات قيادتها الشرعية الشجاعة والحكيمة، هي التي تواصل شروقها، فيما الاحتلال الاسرائيلي الى غروب حتمي.
ليست هي مجرد كلمات قالها ساندرز، انها موقف بالغ الشجاعة، وبالغ الاهمية في رؤيته الانسانية والسياسية، المناهضة للرؤية الصهيونية، وهذا ما قد يشكل مخاطر انتخابية لساندرز، ان صح التعبير، ومن هنا تتجلى شجاعة هذا الموقف وأهميته.
ما نتطلع اليه هو ان نبني على هذا الموقف بغض النظر عن نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة ولا نتوهم مطلقا استحالة هذا البناء، بل انه وبالسياسات الحكيمة للشرعية الفلسطينية، الوطنية والدستورية والنضالية، وبمصداقية خطابها الانساني فان هذا البناء يظل ممكنا، بل ومهمة وطنية كضرورة حرية.
مع ساندرز نتطلع ان تكون أميركا مثلما تريد قضايا العدل والحرية والسلام في هذا العالم، وبالنزاهة ان تكون راعية لنصرة هذه القضايا، جنبا الى جنب مع مختلف مكونات وقوى المجتمع الدولي، ليصبح الامن والاستقرار والسلام حقيقة كونية وليكون الازدهار مستقبل البشرية جمعاء، حين التبادل المنتج للمصالح المشروعة وحين تنمية هذه المصالح وترقيتها على اسس النزاهة والاحترام المتبادل وهذا ما تريده فلسطين وما تسعى الى تحقيقه تماما.