الصندوق الحل
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
يشكل صندوق الاقتراع عند البعض على ما يبدو حالة رعب (..!!) وأول هذا البعض حركة حماس طبعا التي لا تعرف كيف تتهرب من استحقاقات هذا الصندوق فلا تجد غير أحابيلها اللغوية عديمة الكياسة والمصداقية، التي تتأرجح بها بين الرفض الصريح للصندوق الانتخابي، وبين القبول المعلق على شرط التوافق بلا أية توضيحات، ما يجعله شرطا من طينة العصي التي توضع عادة بين الدواليب لتعطيل سير العربة...!! ولعله من المفهوم أن حماس تتقصد عدم التوضيح بكل هذا الشأن، لأنها تدرك أن عربة الانتخابات إذا ما دارت عجلاتها فإنها لن تتوقف إلا عند إنهاء الانقسام البغيض، وإعادة بناء الوحدة الوطنية على أسس لا تقبل الالتباس السياسي أو الحزبي، ولا تسمح للتدخلات الإقليمية- المدفوعة الأجر- باللعب في الساحة الفلسطينية.
لقد سبق وأن خرجت العديد من التظاهرات الشعبية الفلسطينية هنا، وفي قطاع غزة المكلوم، وهي تهتف الشعب يريد إنهاء الانقسام، ولا وسيلة أمام الشعب لتحقيق ذلك سوى صندوق الاقتراع، بل إن تفعيل هذا الصندوق اليوم بات تحقيقا لمطلب الشعب الذي سيصوت دون أدنى شك للشرعية كي تستعيد حضورها في القطاع المكلوم، بما يعني إنهاء للانقسام وسلطته البغيضة.
يعرف الكل الوطني ذلك تماما، ويعرفون ان التوافق الذي تريده حماس، إنما هو التوافق الذي قد يعيدنا إلى أحابيل الحوارات الحمساوية، التي لا تقرب الحق، وهي تروج لخديعة الباطل، أكثر من ثلاثة عشر عاما من هذه الحوارات لتحقيق المصالحة الوطنية، انتهت إلى لا شيء تماما، برغم ما أنتجت من اتفاقات ظلت بالنسبة لحماس حبرا على ورق، بل إنها لم تتورع عن تمزيقها تباعا حتى التي حملت توقيع أبرز قادتها، ونعني اتفاق عام 2017 الذي حمل توقيع صالح العاروري..!! سنقبل بالتوافق الذي لا يعني المحاصصة والذي يعلن بوضوح قبول الانتخابات دون أي شرط مسبق، ولا شرط على الاستحقاق الوطني، والاحتكام إلى صندوق الاقتراع هو استجابة لمطلب الشعب، واحتكام إلى حسابات المصلحة الوطنية العليا، وأي رفض لهذه الانتخابات وأي محاولة لتعطيلها بأية ذارئع كانت لن يخدم ذلك سوى حسابات القوى المضادة للمشروع الوطني الفلسطيني، على مختلف تسمياتها وهوياتها السياسية والعقائدية.