مشاريع الاحتلال الاستيطانية في مطار قلنديا تنتهك الجغرافيا والتاريخ
بلال غيث كسواني
يتداول مواطنون من أبناء قرية قلنديا يقطنون قرب مطار القدس الدولي "مطار قلنديا"، صورا للمطار وقت تأسيسه عام 1920 من قبل بريطانيا، وصورة أخرى للوسيط الدولي للأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت الذي عينته عصبة الأمم وسيطا لحل القضية الفلسطينية، وكان في استقباله على أرض المطار شخصيات مقدسية بينها عارف العارف، وموسى الحسيني، ومسلم بسيسو، وعدد من الصحفيين، قبل أن تغتاله الحركة الصهيونية عام 1948.
هذا الاهتمام من المواطنين جاء بعد إعلان وزارة إسكان الاحتلال عن خطة تهدف لإقامة حي استيطاني على أراضي المطار، معربين عن خشيتهم من اختفاء مدرج المطار والمباني التابعة له.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الوزارة باشرت الإعداد للمشروع منذ عشرة أيام، وأنه سيقام على أراضي مطار قلنديا وصولا لجدار الفصل العنصري، بحيث يفصل الجدار بين الحي الاستيطاني الجديد والمناطق الفلسطينية في محيط القدس.
وحسب الإعلان الإسرائيلي، فإن المشروع سيقام على نحو 1200 دونم ليشمل ما بين 6900 إلى 9 آلاف وحدة سكنية استيطانية، إضافة إلى مراكز تجارية بمساحة 300 ألف متر مربع، و45 ألف متر مربع ستُخَصَّص لـ"مناطق تشغيل"، وفندق وخزانات مياه وغيرها من المنشآت.
يتحدث الحاج شريف عوض الله أحد سكان قرية قلنديا لـ"وفا"، عن تحول المطار في خمسينيات القرن الماضي من عسكري إلى مدني من قبل الحكومة الأردنية، حيث سمي مطار القدس الدولي.
وقال: إن المطار شهد حركة سياحية ودينية وتجارية نشطة، واستقبل العديد من الشخصيات ومنها بابا الفاتيكان، والفنان فريد الأطرش، والعديد من الفنانين العرب القادمين إلى القدس.
ومن الصورة اللافتة صورة لتذكرة طائرة تحكي قصة شخص سعودي يدعى يوسف الحجار، حجز تذكرة للسفر من القدس إلى الظهران عبر بيروت ذهابا وإيابا، ولكنه سافر قبل أيام من الاحتلال ولم يتمكن من العودة إلى القدس.
ويتذكر عوض الله، أنه وجد في المطار مقهى، ودكان هدايا تذكارية، وقاعة ملكية لاستقبال كبار الزوار، كذلك شعبة بريد، ومسجد تم بناؤه من قبل أهالي الكويت الذين كان أبناؤهم يدرسون في القدس التي تعتبر مدارسها في حينه من أفضل المدارس في الشرق الأوسط.
وتابع: بعد أن فشل الاحتلال في تحويل المكان إلى مطار دولي لاعتباره مطارا فلسطينيا محتلا من قبل سلطة الطيران الدولية، حوله إلى مطار داخلي ينقل الإسرائيليين إلى حيفا أو إيلات، قبل أن يوقف استخدامه نهائيا في العام 2001.
وأضاف أن المطار كان يشهد حركة سياحية وتجارية قبل أن يستولي الاحتلال عليه وعلى الأرض القريبة منه.
وقال: سافرت عبره إلى بيروت في العام 1964، فكان واحدا من المعالم المهمة في القدس وارتبط اسمه باسم قريتنا الصغيرة التي اشتهرت بسببه في كل العالم، وتوسع وازدهر في خمسينات وستينات القرن الماضي، وتسبب في ازدهار المنطقة بالكامل.
كنا نرى القادمين إلى القدس، وكيف يقبلون ترابها لدى وصولهم، والسياح والعائلات الكبيرة تحضر إلى المطار لأن السفر كان نادرا وكانت كل العائلة تحضر لاستقبال الأحبة أو وداعهم، قال عوض الله.
من جانبه، قال مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس، خليل التفكجي، إن مساعي الاحتلال للسيطرة على منطقة قلنديا بدأت مع بداية احتلال المدينة، حيث زعم وجود 500 دونم تعود لليهود في تلك المنطقة تركها سكانها عام 1948، وتمت مصادرة 1200 دونم من أراضي الفلسطينيين عام 1970، وبعدها بعشر سنوات صودرت أراضٍ أخرى لصالح مستعمرة "عطروت"، وتمت توسعة المطار ومدرجه من قبل الحكومة الأردنية ولكن كل ذلك توقف مع الحرب.
وأضاف: إن الاحتلال أغلق المطار بالكامل مع اندلاع انتفاضة الأقصى وتركه مهملا، ولم يحدث أي ترميم في مرافقه، مؤكدا أن المخطط المعلن سينهي المشهد الذي اعتدنا رؤيته من مدرج المطار ومرافقه، حيث ستقام مكانه حدائق وأبنية استيطانية تهدف لتهويد مدينة القدس، مبينا أن إنشاء الحي الاستيطاني مكان المطار يأتي في إطار مشروع الاحتلال التهويدي للقدس 2020 الهادف لخلق ترابط بين المستوطنات ومدينة القدس شمالا.
وتابع: إن المشروع المعلن له هدفان، أولهما زيادة الكثافة السكانية اليهودية في المنطقة، وقلب الميزان الديمغرافي، وإقامة نفق من المستوطنة الجديدة في مطار قلنديا إلى مستوطنة "بسيغوت" شرق البيرة والمستوطنات الواقعة شرق القدس "آدم وشاعر بنيامين" وغيرها.