يكتب للتاريخ وللتأصيل
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
للرئيس أبو مازن، وثمة من لا يعرف ذلك، ثلاثة وعشرون مؤلفا، هي بمجملها كتابات في شؤون القضية الفلسطينية، في اطار البحث والدراسة والتدوين النقدي لتاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، لأجل التاريخ، وبغاية تأصيل وعي الصراع، وتخليق وعي الدولة، كضرورة موضوعية للمضي بحركة التحرر الوطني الفلسطيني، نحو تحقيق اهدافها العادلة في التحرر والاستقلال.
وفي التدوين النقدي الذي يحققه الرئيس أبو مازن لأجل التاريخ، تتكشف حقائق بالغة الأهمية، بشأن ملابسات السياسات الدولية والاقليمية، ومساوماتها التآمرية، التي ألقت بالقضية الفلسطينية في الدروب الوعرة، بل وبعضها حاول نفيها الى صحارى العدمية، بنفي الشخصية الوطنية الفلسطينية..!!!
وفي هذا التدوين كذلك لا نقرأ أية تنظيرات ايديولوجية، ولا أية أفكار نخبوية، ولا أية دعوات انعزالية، أو شوفينية، وإنما هو السرد الموضوعي، لحقائق تاريخ الصراع في سيرتها الاقليمية والدولية، التي اثخنت القضية الفلسطينية، وابناءها بالجراح العميقة، ولكن بلغة الباحث عن خلاص اخلاقي بالدرجة الاولى، مما انتجته هذه الحقائق، ولاجل الا تكون مرة أخرى.
الكتابة للتاريخ هي ما يشغل الرئيس أبو مازن، من اجل ألا يحاكمنا التاريخ بعد ذلك بتهم النسيان العدمي أو النسيان المتخاذل أو بتهم الجهل والتخلف، والكتابة للتاريخ هي كتابة الذاكرة التي تضج بالحياة، في تجلياتها الإنسانية المتحضرة، التي لا تنتصر الشعوب من دونها.
ونعود ونقول ثمة من لا يعرف ان للرئيس أبو مازن ثلاثة وعشرين كتابا، هي اليوم في المكتبة الفلسطينية، والعربية، خطاب فلسطين المعرفي، والتاريخي، والأخلاقي معا، مثلما انها خطاب حركة التحرر الوطني الفلسطيني، في تأصيله لوعي الصراع، ولتخليق وعي الدولة، كضرورة حرية وتحرر.
ويبقى ان نقول، المعرفة الايجابية، هي القدرة على إدراك الصواب، والدروب الصحيحة، وحسن الرأي والخلق، وثمة من قال: "المعرفة هي الشكل الوحيد للمقاومة" وأما الجهل استنادا الى هذه المقولة فهو الشكل الوحيد للتخلف والهزيمة، وخير المعرفة هي معرفة الواقع والتاريخ في حركته وصيرورته ومن مرجعياتها الأصيلة لا المغربنة، وللمفكر المصري، عبد الوهاب المسيري، مؤلف "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" التي هي أكبر الأعمال الموسوعية العربية، في القرن العشرين، لهذا المفكر رأي نقدي بشأن المعرفة المغربنة وهو يرى صائبا "ثمة هزيمة داخلية في الفكر العربي، تجعل من الغرب المرجعية الوحيدة، ومصدر المعرفة الأوحد" وهذا ما لا يريده الرئيس أبو مازن فيما كتب وما يكتب.
يبقى أن نقول لمن لا يقرأ ما قاله ارسطو: "العلم هو الخير، والجهل هو الشر" ولا شر حقا أخطر من شر الجهل.