"فَثَمَّ وجهُ الله"
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
مرجعيات الافتاء الاسلامي الشرعية الكبرى في العالم العربي، أفتت جميعها بجواز الصلاة في البيوت، وعدم الذهاب الى المساجد في هذه الأيام، منعا للاختلاط الذي هو من أخطر وسائل تفشي فيروس "كورونا" الذي يهدد الحياة، وقد بات وباء تعمل البشرية اليوم جميعها لدحره.
ولا شك ان مرجعيات الافتاء استندت الى القاعدة الفقهية التي تقول: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح" ودرء مفسدة "الكورونا" توجب الوقاية التي تلزم بعدم الاختلاط، والوقاية نوع من التطهر التي يحض عليها العلي القدير، في تنزيله المحكم، وهو يخاطب نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "يا أيها المدثر، قم فانذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فأهجر"، وفي الحديث الشريف " إن الله يحب ان تؤتى رخصه، مثلما يحب ان تؤتى عزائمه" وفي رواية اخرى مثلما يكره ان تؤتى معصيته " والرخصة هي لتسهيل وتسيير أمور الدين والعبادة على الناس لتسيير وتسهيل امور دنياهم ، ومن ذلك مثلا رخص الصيام " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من ايام اخر" صدق الله العظيم، وهذا ما يجعل الاسلام دين يسر لا دين عسر.
وبالقطع فان الانسان يظل من القيم العليا في الدين، بحكم ان خالقه سبحانه وتعالى، قد خلقه في أحسن تقويم، واستخلفه في الأرض ليعمرها، بنيانا وحياة ومعرفة وقيما وأخلاقا، وهذا ما يتطلب العافية جسدا وروحا، ومن أقوال الحكمة: "يصبح الإنسان عظيما تماما بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الانسان" و"الانسان الذي لا يعرف أن يصغي لا يمكنه سماع النصائح التي تقدمها الحياة في كل لحظة".
وبعد، تظل الصلاة "فأينما تولوا فَثَمَّ وجهُ الله" غير أن الجماعة الاخونجية، وأقرانهم من أحزاب الفتنة والتكفير، لا يعترفون بغير الفتاوى الحزبية، مناكفة، ومكابرة، وتجهيلا، وللغايات الحزبية بحد ذاتها، ولهذا يحاولون اليوم كسر اجراءات الحكومة الساعية لمحاصرة فيروس "كورونا" ومنها الإغلاق المؤقت للمساجد، كي لا يصار الى تفشي هذا الفيروس الخطير بين جموع المصلين، فالإنسان هو أغلى ما نملك ولأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد أوصانا "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته" وهذا ما استند اليه الرئيس أبو مازن في كلمته التي وجهها لأبناء شعبنا في كل مكان، وهو يحثهم على اتباع مختلف سبل الوقاية، التي درهمها "خير من قنطار العلاج" من أجل التغلب على الفيروس الخطير، والخروج من الأزمة التي يخلفها بتمام الصحة والعافية.
ويظل ان نؤمن أينما وضعت سجادة الصلاة، فإنها تجعل من المكان الذي توضع فيه بيتا من بيوت الله، وهذه هي بيوت المؤمنين الذين باتوا يقيمون صلاتهم في بيوتهم درءا لمفاسد فيروس "كورونا" ولله الحمد من قبل ومن بعد.