القلب حين ينطق، والمسؤولية حين تقرر
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
أكثر ما ميز كلمة الرئيس أبو مازن، لشعبنا الفلسطيني يوم أمس، عبر شاشة تلفزيون فلسطين، هو بلاغتها القلبية، ويصح التعبير تماما، بكونها كانت كلمة شديدة الحنو، والمحبة، والمسؤولية، بحرصها الأكيد على ضرورة تكريس مختلف سبل الوقاية لأبناء شعبنا أينما كانوا، من أجل ألا تطالهم جائحة "الكورونا".
وبقدر ما كانت كلمة الرئيس على هذا النحو المحب الحريص والمسؤول، بقدر ما كانت واضحة الرؤية في ما ينبغي مواصلته من اجراءات حكومية، وسلوكيات اجتماعية، لمحاصرة الفيروس الخطير، على طريق دحره، لأجل ضمان السلامة والصحة العامة لشعبنا، ودائما لأن الانسان هو أغلى ما نملك، ولطالما أكد الرئيس أبو مازن ذلك، وهو يتابع شؤون القطاع الصحي في فلسطين، وعلى نحو حثيث، قبل ظهور "الكورونا" بوقت طويل، ولأنه وبحدس المسؤول، كان يستشرف المستقبل بهذا الشأن، ولا عجب في ذلك، فهو صاحب رؤية، وصاحب موقف، لا يحث الخطى بغير دروب فلسطين، الماضية نحو الحرية والاستقلال، ولا هم لديه سوى سلامة شعبه، وازدهار حياته، بتمام الصحة والعافية.
ومثلما سبق الرئيس أبو مازن أول مرة، بإعلان حالة الطوارئ، يسبق مرة ثانية بتمديد هذه الحالة، وبالتوقيت المناسب تماما، من حيث إن حالة الطوارئ في شهرها الأول، قد أثمرت على نحو واضح محاصرة فعالة "للكورونا" بعد ان ترجمتها الحكومة، كما بات واضحا، الى برنامج عمل يومي، طارد وما زال يطارد الفيروس الخطير أينما ظهر، ولهذا اقتضى تمديد حالة الطوارئ لشهر آخر، ومنه اسبوعان حاسمان، من أجل ان تثمر اجراءات الحكومة اكثر واكثر في ملاحقتها للفيروس، وتضييق الخناق عليه، حتى اندحاره.
وبمقتضى المسؤولية الوطنية، والاجتماعية، والانسانية، ودون أية أوامر سلطوية منفرة، وغير واقعية، حث الرئيس أبو مازن عمالنا على التحلي بالمسؤولية الوطنية واعتماد السلوكيات المطلوبة، التي تؤمن الوقاية من "الكورونا" بعدم الاختلاط والالتزام الصارم بإجراءات الفحص والحجر وفقا للتعليمات الصادرة من وزارة الصحة وجهات الاختصاص، في الوقت الذي أكد وشدد فيه على ان القيادة تعمل جاهدة "مع الجهات المعنية" لتنسيق عودة عمالنا وعمل كل الاجراءات اللوجستية والطبية اللازمة لسلامتهم.
وكما في كل كلمة للرئيس أبو مازن، فإن أسرى الحرية في سجون الاحتلال لهم هذه المكانة اللافتة، في اهتمامات السلطة الوطنية وسياساتها، ولطالما أكد الرئيس، انهم على سلم الأوليات دائما في برنامج العمل الوطني، في سبيل تحريرهم، واليوم وفي مواجهة جائحة الكورونا، لا بد من تأمين سلامتهم من هذه الجائحة، وأولا بضرورة إطلاق سراحهم، ويتحمل الاحتلال حتى ذلك الوقت، مسؤولية سلامتهم، وسنفرح كلما تنسم أسير من أبنائنا نسائم الحرية، غير انه ينبغي ان يكون الفرح اليوم، فرح المسؤول عن الصحة العامة، باقتصار مظاهر الفرح، بدمعته الطيبة، وأغنية القلب الأجمل من كل الأغاني، وهذا فرح سيؤمن لنا الخروج الامن الظافر من ازمة "الكورونا" .
كما حث الرئيس عموم أبناء شعبنا أينما كانوا، في الوطن، ومخيمات الشتات، على التكاتف والتكافل والامتثال المنتج لكافة وسائل الوقاية بالحجر المنزلي وسواه من مستلزمات الوقاية، وتمديد حالة الطوارئ، انما هو تمديد بالغ الضرورة وبالغ المسؤولية، لتعزيز مستلزمات الوقاية وسبلها، ومن أجل ان تتمكن القيادة والحكومة، من ادارة شؤون البلاد، على أكمل وجه، في هذه المرحلة الحرجة، وكل ذلك وكما شدد الرئيس أبو مازن في ختام كلمته "من أجل الحرص عليكم، وعلى من تحبون، ومن نحب"، ولسان حال الرئيس في هذه الجملة نحبكم ونحب كل من تحبون وغايتنا السلامة العامة، من أجل فلسطين العافية، وقد بات العالم يشهد لها حسن الموقف والاجراءات التي تخوض بها الحرب ضد "الكورونا" وفلسطين العافية، هي بلا شك فلسطين الحرية والاستقلال.