كورونا فيروس.. والصراع الدولي
يحيى رباح
بعد اربعة شهور على بدء الحرب الباهظة جدا في الأرواح وفي الخسائر الاقتصادية لم يتقدم العالم بدرجة مقبولة في وسائل الدفاع التي يستخدمها العالم بقواه الكبرى والصغرى على حد سواء في محاربة (كوفيد 19)، الا في المظاهر والاجراءات التي ثبت ان الفقراء يقدرون على ادائها اكثر من الأغنياء، شعوب الدول الكبرى الغنية جدا مثل اميركا واوروبا ومن على شاكلتهم، وهي اجراءات العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي.
ولكن حتى هذه الاجراءات السهلة تحتاج الى ثقة الشعوب بقيادتها وفي هذا المجال فان فلسطين المصابة بالفيروس الاخطر وهو فايروس الاحتلال الاسرائيلي المتخفف والفاقد لابسط المعايير الاخلاقية، الاحتلال الذي يواصل القتل اليومي والاعتقال بنوع شاذ من انواع الاعتقال وهو الاعتقال الاداري لمن لا يستطيع حتى مجرد تلفيق اي تهمة مكتملة الاركان ضدهم، والاستشراء في الاستيطان بناء على خرافات ثبت انها باطلة، بل لقد بلغ الامر الى حد ان هذا الاحتلال الشاذ يحارب اي انجاز تقدمه الحكومة الفلسطينية لحماية شعبها، ربما من باب الغيرة والحقد ليس الا،بدعوى ان كل ما يقوم به اي مسؤول او ناشط فلسطيني لحماية مجتمعه المقدسي هو نشاط غير قانوني، وهذا ما فضح به الاحتلال نفسه حين اعتقل وزير القدس او محافظ القدس او نشطاء فتح الاخرين، والسؤال المثير للحقد والكراهية عند حكومة تصريف الاعمال الاسرائيلية هو، كيف اسرائيل على وشك ان تتجاوز العشرة الاف بينما الفلسطينين المخترقين بالمستعمرات غير الشرعية وبالاعمال العدوانية الاخرى، وبالاقتحامات التي يقوم بها الحاخامات، ومياه الصرف الصحي التي تخترق مزارعنا الفلسطينية هي اكثر نظافة الف مرة من بؤرهم الاستيطانية،والسبب ان الشعب الفلسطيني في مجموعة ورغم تعدد فصائله يستمع باهتمام كبير وبانضباط اكبر لنصائح قيادته بينما الاسرائيليون يمارسون عكس ذلك؟؟
نعود الى النظام الدولي الذي قبل ظهور كوفيد 19، كان محشودا بعناصر التناقض التي سببت الحرب التجارية، وسببت ان كل طرف دولي قوي تاجر عبر من يتبعونه بالارهاب الذين يشكون منه ظاهريا بينما يستخدمونه في الخفاء للقيام بحروب بديلة ضد كثير من الشعوب.
والوضع الان بعد شهور على تفشي الوباء الذي اصبح عالميا، انه حتى الاداة التي يستخدمها العالم وهي الحجر والعزل والتباعد الاجتماعي اصبحت تنتج نقيضها، فبدون عمل، وبدون تخفيف الحجز، فالعالم مهدد بانه لن يجد ما ياكله، والاقتصاد عرضة لانتكاسات خطيرة، والفقر يلوح في الافق بشكل مخيف، وهذا بدوره يقود الى ما هو اخطر من كوفيد 19، فعندما لا يجد مئات الملايين وظائف لهم، فسوف يكون رد فعلهم اخطر من كوفيد 19، وهذا هو العنوان المطروح اليوم، فان دونالد ترمب رئيس اكبر دولة في العالم يوجه اتهامه ليستر فشله الى منظمة الصحة العالمية على خلفية اتهامها بالانحياز الى الصين، واذا لم يتحرك الشعب الاميركي فسوف تشاهد صورا اكثر خطورة لفشل النظام الدولي: نرجو ان يكون الشعب الاميركي عند حسن الظن، ولا يتركون الذئب يواصل الفتك بالقطعان.