الحلال بَيّن، والحرام بَيّن....
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
للثقافة العربية الاصيلة، ثقافة الانسان في تطلعاته المشروعة والنبيلة، والمحمولة على قيم الحق والعدل والجمال، ثمة لغة لا تخطئ القضية الفلسطينية، بكونها قضية هذه القيم ورافعتها، ما يجعلها ايقونة الثقافة العربية، وشمسها التي لا تغيب في نصها الابداعي، وخطابها المعرفي، ولأن في طلعة الشمس على رأي شاعر العرب الاكبر ابو الطيب المتنبي "ما يغنيك عن زحل" فإننا لن نلتفت الى أي زحل في هذا الاطار، خاصة هذا الزحل التطبيعي، والذي لا نتاج له غير هذا اللغو الذي يعيد على نحو كريه، فبركات الرواية الصهيونية، عن فلسطين والفلسطينيين، في سباق مذل للارتماء في أحضان دولة الاحتلال الاسرائيلية، وبالقطع فإن هذا اللغو، لغو التطبيع الزحلي، لا علاقة له البتة بالثقافة العربية الاصيلة، بدليل أعماله الدرامية التي هي اليوم، وبالمعايير الفنية، وبعد غياب النقد الموضوعي، والرقابة الأخلاقية من أردأ الاعمال الدرامية، وأكثرها انحطاطا وركاكة، في النص والاخراج والتمثيل، ولعلنا هنا الآن، لزاماً علينا ان نترحم على المبدع العربي المصري الكبير اسامة انور عكاشة الذي أتحف شاشة التلفزيون العربي، بأعظم الاعمال الدرامية، من مسلسل "ارابيسك" الى "ليالي الحلمية" وغيرهما، ولن ننسى وليد سيف، ووحيد حامد، أمد الله في عمريهما، وآخرين ممن أنتجوا ما أنتجوا من اعمال استندت الى روح الثقافة العربية وقيمها وتطلعاتها، والتي لا يمكن للغو التطبيع ان ينال منها. مثلما لا يمكن أن ينال من انتماء شعبنا الفلسطيني لأمته وثقته بها وبأبنائها، من حملة الموقف القومي الراسخ، الذي ما زال يردد ويشدد على ان قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين ولكل الأحرار في العالم.
ولسنا نشك أبدا، ان اصوات لغو التطبيع، لا تمثل شعوبها، ولا دولها طالما انها لاتخطئ الموقف من القضية الفلسطينية في خطاباتها، وعلاقاتها الشقيقة مع فلسطين وشعبها، بل ان اصوات اللغو هذه لا تمثل حتى ذاتها، وهي الأجيرة على نحو رخيص، وبفتنة العبد الذي يرى في الخضوع المطلق للسيد امتيازا وبهجة...!! واصحاب هذه الاصوات، ومرة أخرى على رأي المتنبي، هم الصغار الذين تعظم الصغائر في عيونهم، وهو ما يرونه في التطبيع الذي سيظل من صغائر اللحظة المريضة الراهنة، بل والزبد الذي سيذهب جُفاءً ..!!
لا نخاف، ولن نخاف على أيقونة الثقافة العربية، وشمسها، من لغو التطبيع وثرثراته الدرامية، ولا نخاف ولن نخاف كذلك، من لغو المزايدات الايدلوجية، وحسابات المصالح الاقليمية، ولا من لغو أسافين الجماعة الاخونجية، فالحلال بَيّن، والحرام بَيّن، والشمس لا يغطيها غربال، ولا بأي حال من الأحوال، وفلسطين هي الشمس، والحلال، والأيقونة، والانتماء لقضيتها هو انتماء الانسان لإنسانيته، والسير في دروبها، هو السير في دروب الحق والعدل والجمال.
ha