الرجل الذي خسر نصف ثروته في ساعات
الحارث الحصني
بالقرب من أكثر بقاع العالم انخفاضا، تدور أحداث مأساوية ينفذها مستوطنون، بحق الرعاة الفلسطينيين الباحثين عن استقرارهم المعيشي.
فأحمد حسن زواهرة، الذي كان يتغنى بامتلاكه ثروة حيوانية، تجاوز عددها 120 رأس ماعز، وجد نفسه اليوم وقد فقد أكثر من نصف ثروته في غضون ساعات معدودة.
فبالأرقام عن عدد رؤوس الماشية التي نفقت أمس، بعد رعيها لأعشاب في المراعي القريبة من خيامه، رشها مستوطنون في وقت سابق بالمبيدات والسموم، يكون قد خسر حتى اللحظة 62 رأس ماشية.
"الرقم آخذ بالتزايد (...)، هناك رؤوس ملقاة أرضا تصارع الموت". قال الرجل.
وبناء على خبرة عشرات السنين في تجارة الماشية، فقد أخبر زواهرة مراسل "وفا" أن متوسط سعر رأس الماشية الواحد هذا العام يتراوح بين 200 إلى 350 دينارا، تزيد وتنقص لاعتبارات محددة، وبعملية حسابية أجراها الرجل فإن خسارته زادت عن 15000 دينار في يوم واحد.
منذ عام 1993 وزواهرة يسكن المكان نفسه، وعلى امتداد تلك السنين ظل ملازما لتلك المراعي التي تقربه، غير أنه في السنتين الماضيتين بدأت تهديدات المستوطنين بحقه تظهر علنا، مطالبين إياه بالرحيل عن هذه المراعي.
يقول: "وصلوا لباب بيتي وطالبوني بالرحيل".
هذه الأيام يمكن سماع شهادات حية من ألسنة الرعاة عن تهديدات المستوطنين لهم، بغية طردهم من الأراضي الرعوية.
لكن قصة زواهرة واحدة من أبغض القصص التي حدثت فى الأغوار الفلسطينية.
أول أمس عاد قطيع الماشية من المراعي إلى الخيام، بحلول الضحى، وهو الوقت الذي يسبق الظهيرة بساعتين كحد أكبر، ومن ثم وردت على الماء في الخيام قبل سوقها لتستظل في مكان آخر حتى اقتراب وقت العصر، ليسرحها أصحابها مرة أخرى إلى المراعي.
وعندما أراد أبناؤه تسريح الماشية وجدوا العشرات منها قد نفقت.
قال زواهرة: "الماشية فقط تناولت العشب من الخارج، أما الماء فقد ارتوت منه في الخيام (...)، لقد رش المستوطنون المراعي بالسموم لإيذائنا".
زواهرة ذاته أكد ذلك عندما أخبر مراسل "وفا" أنه قبل أقل من شهر منعه المستوطنون من رعي ماشيته، وهددوه".
وأضاف: "لقد فقدت نصف ثروتي التي أعتاش منها في يوم واحد(...)، الشيء الذي يستغرق منك عمرا كاملا لتجميعه تفقده بسرعة".
يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة (بتسيلم): "أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءا لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة".
منذ أيام دخل موسم تجارة الأضاحي فعليا، وأمكن هذه الأيام مشاهدة حركة بيع متذبذبة على حجز الأضاحي توطئة لذبحها أيام عيد الأضحى.
وزواهرة الذي يتخذ هذا الموسم مخرجا له لتغطية بعض الديون المتراكمة عليه كأثمان للأعلاف، قد خسر اليوم بعض الماعز التي كانت محجوزة لبعض المضحين فيها.
يقول: "هذه أيضا خسارة جديدة... لن أدفع ديوني كاملة هذا الموسم".
وأضاف: "قتل المستوطنون نصف ثروتي التي أخذت من عمري عشرات السنين".
ويضيف "بتسيلم": "إنّ أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست "استثناءات" وإنّما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به الدولة وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته. النّتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة، وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها".
حاليا، يبلغ سليل زواهرة أكثر من 37 نفرا، بين أبناء، وأحفاد، وجميعهم يمتهنون تربية الماشية في حياتهم اليومية.
" منذ عشرات السنين وحياتنا قائمة على تربية الماشية... هذا رأس مالنا". أضاف الرجل.
حتى قبيل عصر أمس الثلاثاء، أخبر زواهرة أنه فقد 62 رأس ماعز بفعل السموم، وأن العدد مرجح للازدياد.
ـــ