فلسطين ليست قضيتهم!!!
موفق مطر
"فلسطين ليست قضيتي" مفتاح الولوج الى مزرعة التطبيع التي اسستها منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري الاسرائيلي، جملة تكفي الراغب في اعلان انضمامه الى جماعة المناهضين للحرية والتحرر التصريح بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسيلة اعلامية أو كاتبها بلغة الضاد على ورق جريدة.
لم تعد كلمة السر، كما كانت في زمن بحث منظومة دولة الحرب والجريمة ضد الانسانية عن عملاء وجواسيس لتوظفهم في مراكز صناعة القرار، أو لتستخدمهم كمعطل لمفاصل المجتمعات العربية في مسارات الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والإدارية والثقافية والاجتماعية، فقد باتت كعلامة تجارية لوكيل من دون وكالة أو توكيل، تتيح لصاحبها ممارسة (مهنة الخيانة) علنا تحت مظلة حماية اميركية اسرائيلية.
اصحاب مقولة: "فلسطين ليست قضيتي" متهورون متسرعون لنيل (شهادات اندماج) وقبول، اذ يعمد هؤلاء عبر إشاراتهم العلنية الى ابلاغ محور الاستعمار الجديد الأميركي الصهيوني رغبتهم في خدمته وفق تخصصاتهم.
يعلم هؤلاء ونحن على يقين مما نقول أن قضية فلسطين لم تكن نظرية سياسية صلحت لمجتمع الأمس ولم تعد تصلح لمجتمعنا الحاضر ومجتمع الغد، وليست حزبا أو جماعة أو تنظيما لم يعد قادرا على مجاراة العصر والتقدم والفكر السياسي العالمي المتطور، كما لم يكن بمقدور احد حصرها - القضية الفلسطينية - في اطار أهوائه ورغباته ومصالحه الشخصية الذاتية، وبرهاننا على ذلك سقوط كل الذين استخدموها كورقة لتعزيز نفوذهم الشخصي أو الفئوي بألوانه القذرة كالحزبية والطائفية والعرقية والمذهبية.
رغم قلتهم –ومحدودية وجودهم في هذا البلد العربي أو ذاك- فإنهم لا قدرة عندهم لاعتبار قضية فلسطين قضيتهم، لأنها ليست قضية دونيين لا يرون انفسهم ومستقبلهم إلا في صف الأتباع الخاضعين، استسلموا لواقعهم الى حد فقدوا حق التصرف بعقولهم وعواطفهم، فهؤلاء عجزوا فعلا عن تكوين فلسفة ناظمة لمنهج حيواتهم، ففلسطين ككرة أرضية والواحد منهم كمخلوق ضعيف صغير مجهري زاحف بطيء لا يطير، وللعاقل ان يتخيل كيف لهذا (المدعي) أن يجوبها ويعرف مكنوناتها وجواهرها ومصادر الخير وطاقة الحياة فيها!!... لا نعذرهم لأننا نعلم يقينا ما يقصدون وأهدافهم مما يروجون، لكننا نقول لهم: إن فلسطين عقيدة المؤمنين بالتحرر من سيطرة قوى الاستعمار الكبرى، كانت وما زالت مبعث حياة وقوة للمعنيين بالفناء التام للعنصرية ونموذجها الأفظع منظومة الاحتلال والعنصرية المسماة اسرائيل، وإن انسانيتهم – إن كانوا يقرون بها – تتطلب منهم التفكر والتأمل ولو قليلا ليكتشفوا أن عالمنا الذي يجهلون عوالمه كما يبدو لم يعد فيه عقلية مستنبطة من عقلية العصور الوسطى إلا عقلية المنظومة الاستعمارية (اسرائيل) تتخفى وراء قناع ديمقراطية مزيف، وتسخر العلم لصالح الجريمة ضد الانسانية، تشرعن جريمة الحرب بالاستيطان وتهجير الشعب الفلسطيني صاحب الحق التاريخي والطبيعي لوطنه فلسطين وتدمير مقوماته السياسية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
فلسطين قضية اليمني والسوداني والمغربي والعراقي والليبي والتونسي الذي سار على قدميه آلاف الأميال ليدافع عن رموز عقيدته فيها (المقدسات) واستشهد على أرضها أو صار له أحفاد وأحفاد في مجتمعها، هي قضية السوري واللبناني والأردني والمصري الذي لم يحسب كم قدم من تضحيات لأنه كان على يقين أنه الهدف الثاني بعد فلسطين، فقاتل في خندق فلسطين دفاعا عن وجوده وكرامته ايضا، فلسطين قضية السعودي والعماني والكويتي والقطري والبحريني والإماراتي الأمير منهم والمواطن العادي الذي ترك ترف العيش ليكون مناضلا مقاتلا الى جانب شقيقه العربي الجزائري في قاعدة فدائيين لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية.
فلسطين قضية الأحرار الكبار، الذين لا يرضون بغير نجوم السماء تعلو هاماتهم ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون قضية من يظنون انفسهم نجوما لكن الواحد منهم ليس أكثر شهب طيره هواء واقع الأمة المرير في الفضاء لبعض حين سرعان ما ينطفئ... فيا أيها المتطيرون بأنفسكم اعلموا ان لكل عربي وحر في هذا العالم نجما اسمه فلسطين، ولن تندثر من سماء الكون إلا بعد زوال وفناء العرب والأحرار من الدنيا وهذا هو المستحيل.