"لأن الأسرى والشهداء أقدس ما لدينا"
بقلم: موفق مطر
باتت معتقلات منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري أقرب للتشبيه بمحارق النازية، حتى وإن كانت بلا دخان نيران مادية، فالجلادون يعملون على تحويل إخوتنا وأبنائنا الأسرى إلى رماد على هيئة إنسان، يسعون لقتل روح الأسير بالأمراض، والتعذيب النفسي، والحرمان من الحقوق، والتنكيل بكرامته الإنسانية، أما هدفهم الذي لم ولن يتحقق فهو إكراه الأسير على الكفر بإنسانيته ومبادئه الوطنية ليسهل عليهم تفريغ طاقة النضال والعمل الوطني ليس من نفسه وحسب بل من كل من يعتبر الأسير نموذج بطولة وعطاء وتضحية. تناضل القيادة السياسية على رأسها الرئيس محمود عباس أبو مازن وتعمل على حماية الأسرى وتأمين حقوقهم وفقا للقوانين الدولية، ووضع ملف قتل الأسرى وانتهاك حقوقهم على منصة محكمة الجنايات الدولية، والمنظمات الدولية كمجلس حقوق الإنسان، مرتكزة على كفالة القوانين والشرائع الدولية لحقوق المناضلين المقاتلين من أجل الحرية. فقد رهنا حريتنا واستقلالنا بحرية الأسرى وباتت قضية حريتهم أحد ثوابتنا الوطنية، كما رهنا مستقبل السلام في منطقة الشرق الأوسط بقيام دولة فلسطين الحرة المستقلة ذات السيادة، بعاصمتها القدس الشرقية، والإقرار بحقوق اللاجئين وعودتهم وفق القرارات الدولية.. وللتذكير فإن الرئيس محمود عباس قد أوقف المفاوضات بسبب رفض سلطات الاحتلال الوفاء باتفاق معها قضى بإطلاق حرية الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى من سكان المناطق المحتلة منذ العام 48 حسب الاتفاق، فالقيادة ضحت بالمفاوضات وقد تضحي بها لكنها لا ولن تفرط بوحدة ومصير الشعب الفلسطيني، وحرية المناضلين المقاتلين من أجل حريته واستقلاله، فهذه مبادئ وثوابت لم ولن تتمكن منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري من كسرها أو فرض شروطها علينا فعلى على هذه الأرض قائد وطني وعد فأوفى، ومعه قيادة وطنية تمثل إرادة الشعب الفلسطيني الحر، لا يستطيع أصحاب النفوس المنكسرة المسيرة بالأنا الفئوية المقيتة فهم منهجه ورؤيته للقضايا الوطنية، أو الإحساس بصلابته وهو متمسك بثوابت الشعب الفلسطيني، كما لا يمكنهم رؤية انعكاس صمود الأسرى وأفكارهم الوطنية وتضحياتهم وأعمالهم البطولية على فكر وسلوك قائد حركة التحرر الوطنية رئيس الشعب الفلسطيني وقراراته الوطنية، فالرئيس تحدى إرهاب منظومة الاحتلال (إسرائيل) عندما شددت الحصار والعقوبات،وخصمت رواتب الأسرى وذوي الشهداء من أموال الضرائب الفلسطينية وقرصنتها وأصر على الالتزام بمستحقات الأسرى وذوي الشهداء فقد قال خضم معركة قضية رواتب الأسرى والشهداء التي سلبها المحتلون من مال الشعب الفلسطيني العام: "لأن الشهداء هم أقدس ما لدينا، ولأن الجرحى أقدس ما لدينا، ولأن الأسرى أقدس ما لدينا، لا يمكن أن نفرّط بهم، لا يمكن أن نفرّط بعائلاتهم ولو بقي معنا قرش واحد سنقدمه لعائلاتهم". الوفاء لا يقاس بكم وحرارة خطابات المنابر والبيانات، وإنما بحجم ونوع التضحية التي قدمها الوفي للحفاظ على عهده ومبادئه، وهذا ليس منًة على أحد وإنما تعبير دقيق عن الإيمان العميق بقداسة الحرية التي لا يدركها إلا الذين يجسدون الثقافة الإنسانية في أبعادها الوطنية والقومية والعالمية. لن تكون قضية تحرير وحرية المناضلين الأسرى في موقع الأولوية من حياتنا ما لم نتفق على تفعيل طاقاتنا وقدراتنا وإمكانياتنا الوطنية تبدأ بمقاطعة منتجات المحتلين وتبلغ ذروتها في النضال القانوني في المحافل الدولية الأممية وما بينهما مساحات بلا حدود للنضال الشعبي المنظم، ونعتقد بإمكانية الإتيان بنتائج إيجابية على الصعد المحلية والعربية والدولية كافة، إذا كرسنا قدراتنا الذاتية الفردية والجمعية، وقدمنا أعمالا خلاقة في وسائل الاتصال والتواصل والإعلام والتعبير كالسوشيال ميديا والسينما والمسرح والفنون التعبيرية، وكذلك في الأعمال الأدبية الشعرية والروائية، ذلك أن هذا النوع من الرسائل أسرع وأعمق تأثيرا في وجدان الناس، ومبعث هذا الاعتقاد أننا جميعا بلا استثناء في معتقلات ومعازل حتى وإن بدت كبيرة بحجم قرى وبلدات ومدن. لا يحق لأحد استغلال قضية الأسرى لتسويق شعارات فئوية رغبوية مسيسة، وتأليف جمل يعجز العرافون عن فك شيفرتها، أو اتخاذها مادة للتنظير والتحليق في الفضائيات، ومن يفعل فإنه لن يحرر أسيرا فلسطينيا ولا حتى شبرا من أرض الوطن. فحريتهم حق لن نسمح بتعريضه للمساومة، وبقاؤهم في وطنهم جزء من عقيدة العودة، فهم مناضلون من أجل الحرية. الهبة الشعبية، وتوسيع قواعدها، ونظم فعالياتها، وتعزيز صفوفها، ومضاعفة الضغط على دولة الاحتلال، وإشعارها بحجم كلفة الاحتلال واستيطان، عامل رئيس بالتوازي مع ضغط المعركة الدبلوماسية والسياسية في ميدان المجتمع الدولي سيقصران عمر الاحتلال وعمر(زنازين محارقه) المسماة معتقلات. حرية الأسرى قضية وطنية، لايجوز لفصيلً أو تنظيم أخذها على أنها شأن خاص، كما لا يحق أخذها للاستهلاك السياسي، والاستحواذ على نصيب من مشاعر الجماهير، وعلى الجميع التفكير بأن عمل القوى الوطنية الفلسطينية مع توجهات القيادة الفلسطينية على الصعد المحلية والعربية والدولية، وتحديدا في المنظمات الأممية، وحشد كل الجهود والخبرات الوطنية من أجل تحريرهم، سبيلنا القويم ورسالتنا الوطنية والانسانية للأسرى ولشعبنا وللعالم، أن الحرية أثمن وأعظم هدف نناضل لتحقيقه، وأن مصالحنا الوطنية العليا فوق كل اعتبار ما يفرض احترام العالم لنا، وتثبيت قناعته بجدارتنا في الحياة كراما كشعب حر في دولة حرة.