القدس في حقيقتها الفلسطينية
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة......
لنضع الأمر المقدسي في سياقه الواضح، انتصر شباب القدس، وشيبها، وجميع أهلها رجالا ونساء وأطفالا على إجراءات الاحتلال التعسفية، وألحقوا بواباته الحديدية بتلك الإلكترونية التي أطاحوا بها نهايات عام 2017، وفتحوا حينها طريق الصلاة سالكة نحو المسجد الأقصى.
مع هذا النصر ما ثمة حقيقة جوهرية، سوى حقيقة القدس الفلسطينية العربية، بكونها الخط الأحمر الذي لن تسمح فلسطين، شعبا وقيادة، وفصائل المساس به، ولا بأي حال من الأحوال، خاصة ما يتعلق في اللحظة الراهنة، بالعملية الانتخابية التي لا يمكن أن تكون دون القدس، لأن العاصمة وأهلها هم قلب هذه العملية، وليس فقط لأجل أن تكون الانتخابات شاملة للكل الفلسطيني في جميع أراضي دولة فلسطين المحتلة، وإنما أساسا كي لا تحيا صفقة القرن التصفوية من جديد، والتي قبرها الصمود الوطني الفلسطيني، الرسمي والشعبي.
ومع هذا النصر أيضا اتضحت حقيقة أن أهل القدس، هم أهل المعرفة الوطنية الذين لم يسمحوا لفئات ضالة بالتشويش على هتافهم الوطني الموحد، بهتافات مدسوسة، وشتائم حاولت تدنيس قدسية معركتهم ضد الاحتلال وإجراءاته التعسفية...!!
وأيضا مع هذا النصر لم يعد ممكنا للمزاودات الحزبية أن تتواصل، وما عاد ممكنا كذلك ألا يرى البعض من أصحاب المزاودات الاستعراضية، أن القدس وأهلها هم من لا يقبلون أبدا أن تجري الانتخابات دون حضورهم ومشاركتهم، ترشيحا وتصويتا وحملة إعلامية، وعند مراكز الاقتراع، وحولها في مدينتهم.
وحدهم أهل القدس بوحدتهم وتكاتفهم وهتافهم الوطني، من أسقط بوابات الاحتلال الحديدية وهم من أعلوا موقف القيادة الفلسطينية أن لا انتخابات دونهم، وقد أحالوا هذا الموقف إلى معركة، بواقعية بالغة في شوارع القدس، لا بتنظيرات إعلامية لم تقدم لمعركة القدس غير شعاراتها الاستعراضية..!!
وأهل القدس بانتصارهم من يقولون اليوم، من يريد انتخابات دون القدس، إنما يصادق على إعلان ترامب المشؤوم، أن القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلية، وأنه بذلك يفتح طريقا لعودة صفقة القرن المقبورة...!!
ليست القدس ذريعة أبدا، فإما أن تكون بالسيادة الفلسطينية لتتكامل وتكتمل العملية الانتخابية فيها، وإما الصراع والمواجهة جولة بعد جولة، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، ولأمر الله العلي القدير شعب لا يهاب الصعاب، ولا يتوانى عن التحدي، وقد أثبت أنه من أهل العزم، وكما تعرفون "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"، وهذه هي حقيقة الحقائق الفلسطينية.
ha