لاودر والحلم الصهيوني المتهاوي
بقلم: الأسير اسامة الأشقر
تناول رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لاودر في صحيفة نيويورك تايمز في مقال مفصل حالة إسرائيل المتراجعة في الأوساط الأميركية، وقد عرض لمجموعة هامة من استطلاعات الرأي الحديثة والتي تشير بوضوح تام لما تعانيه دولة إسرائيل بين أوساط الشباب وطلبة الجامعات والطبقة المثقفة في أميركا.
ويتضح من مقال لاودر الجديد أن الظاهرة تتسارع باطراد وأن حالة العداء لممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية متزايدة بين شرائح جديدة كانت لوقت قصير غائبة أو مغيبة عن دائرة الفعل السياسي والإعلامي، هذا المقال الذي يعلق الجرس ويدق ناقوس الخطر لم يكن الأول من نوعه ولن يكون الأخير، غير أن كاتبه هو الذي يلفت الانتباه حيث مكانته المرموقة في الأوساط اليهودية وكان وما زال يعتبر صاحب المهمات السرية التي ينفذها بإيماء من دوائر صنع القرار الصهيوني والإسرائيلي. كما أن لمقاله هذا أهمية خاصة فهو ينصح القادة الإسرائيليين بتغيير سياساتهم واعتماد استراتيجيات أكثر إرضاء للمجتمع الدولي، بعكس نتنياهو الذي أصرعلى ترك هذه الساحة واستخف كثيرا بالمواقف الأميركية والدولية المعارضة والمناهضة لسياسته تجاه الشعب الفلسطيني. لذلك فهو يقول في مقاله إن من مصلحة إسرائيل الآن العودة لعملية السلام، وأن هذه العملية ستشكل طوق النجاة لإسرائيل في السنوات القادمة، ويوجه رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت باتباع استراتيجية أكثر مرونة من سابقه خاصة مع الإدارة الأميركية الجديدة لكي يستطيع كسب ودها ليتمكن من إعادة تسويق إسرائيل مجددا في الأوساط الإعلامية ومراكز صنع القرار الأميركي.
هذا الاستعراض الموضوعي لمكانة إسرائيل المتراجعة أميركيا وعالميا لم يكن هدفه إرضاء مناصري الحق الفلسطيني أو إحقاق الحق وإعادة الحقوق المسلوبة للفلسطينيين بل هو محاولة جادة لاستخلاص العبر وإعادة توجيه السياسة الإسرائيلية لما يعتبره لاودر الأفضل لمصلحة إسرائيل استراتيجيا ولكي تقوم دوائر صنع القرار الإسرائيلي بإعادة تقييم شاملة لمجمل سياساتها الاستعمارية في الأرض الفلسطينية.
من هنا يفترض بالفلسطينيين وكل مناصري الحق الفلسطيني أن يتنبهوا لما يمكن أن يتم إعادة إنتاجه مثل العودة للمفاوضات بالشروط السابقة أو تقديم بعض التنازلات الشكلية أو إجراء بعض اللقاءات السياسية الترويجية أمام العالم وكل ذلك في محاولة لتغيير صورة إسرائيل المتهاوية أمام العالم لأن إسرائيل تدرك جيدا أنها بدأت تفقد شرعيتها وشرعية وجودها أمام الكثير من الفئات الهامة في العالم.