أبا المعتصم..
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
جمال أحمد محيسن، دكتوراة في الفلسفة، بكالوريوس ودبلوم عام في التربية، ودبلوم عالي في الدراسات الإسلامية، وشهادته الأبهى شهادة الوطنية النضالية الفلسطينية التي نالها من مدرسة حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح"، التي انتمى إليها عام 1967 من القرن الماضي.
خمسة وخمسون عاما في دروب الكفاح والمقاومة الوطنية، قضاها أبو المعتصم بتقدم لافت في كل موقع ومسؤولية تحملها، وبروح لطالما كانت تتفتح بعطاء لا يتطلع لغير رضا الله ورضا فلسطين، فلا يريد حينها جزاء ولا شكورا.
بحكم شهاداته الأكاديمية وتخصصه في الحقل التربوي اجتهد أبو المعتصم كمعلم بين قواعد الثورة في ذات الوقت عمل على أن تكون للمعلم الفلسطيني مكانته اللافتة في المشهد النضالي والتربوي الفلسطيني، من خلال الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين بعد أن أصبح عضوا في الأمانة العامة للاتحاد، ثم نائبا للأمين العام، ودون في عام 2015 تاريخ الاتحاد منذ نشأته، في كتاب حمل عنوان "مسيرة الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين"
بالطبع ليس هذا وحده ما يقدم الراحل الكبير أبو المعتصم ثمة مناقب له لا يمكن نسيانها، تتعلق بعلاقاته الوطنية والإنسانية، العامة والخاصة، كان دمث الخلق على نحو آسر حتى في عناده الوطني المشروع، لم يكن ليقبل قطيعة مع رفقاء الدرب والمسيرة النضالية، وما كان عنده من وسيلة لتسوية أي خلاف غير الحوار.
بحكم فتحاويته الأصيلة، كان وطنيا حتى العظم، فلم يكن في شؤون التعبئة والتنظيم التي تصدى لمسؤولياتها إقصائيا، في تعاميمه التنظيمية، كان تربويا وحدويا بأمانة بالغة على قيم فتح، ومفاهيمها الوطنية الجامعة.
في الجانب الإنساني لم نكن نعرف أبو المعتصم غير صدر رحب، وقلب محب، ومتفهم حميم، غريم التعالي، أصيل التواضع، كريم التعامل، وبسيط الحاجات كمثل"عشاء الفقراء" وحقا كان له من اسمه النصيب كله، فهو الجمال في حضوره وسلوكه وعطائه، والجمال في انتمائه الوطني الفتحاوي وفي تفتحه المعرفي والحضاري.
سنفتقد أبو المعتصم كثيرا غير أن عزاءنا سيظل في تذكر سيرته العطرة قائدا ما عرف التردد والتراجع يوما وظل في دروب المسيرة التحررية مقبلا لا مدبرا، مكرا لا مفرا، إنه جمال محيسن أبو المعتصم وقد بات في ذمة القادر العظيم الله جل جلاله والذي نرجوه أن يتقبله في جنات الخلد إلى جانب الشهداء والأولياء الصالحين والصديقين إنه العزيز الرحيم.