إعمار غزة الحلم المتبدد- د. مصطفى اللداوي
متى يتحقق وعد العرب العتيد للفلسطينيين بإعادة إعمار قطاع غزة، وإعمار ما خربه ودمره العدوان الإسرائيلي الغاشم عليه، الذي مضى على انتهائه ثلاث سنوات، ولم يحقق منه العدو سوى تخريب القطاع، وتسوية مبانيه بالتراب، وقتل رجاله ونسائه وأطفاله، وزيادة حقد أهله وشعبه، ومضاعفة عنادهم وإصرارهم على الثأر واستعادة الحق.
فقد دمر العدوان عمرانه، ونسف مبانيه، وحرق أشجاره، وهدم معامله ومصانعه، وبعثر آلاتها الصغيرة في التراب، وجعل منها حديداً خردة لا تصلح للعمل والإنتاج، وما زال القطاع على حاله ينتظر غيث العرب الذي لم ينهمر، ومساعداته الموعودة التي لم تصل، ومخططاته الجديدة التي لم تقر، وخرائطه المدنية التي لم ترسم، فأموال العرب المذخورة لقطاع غزة ما زالت عنه ممنوعة، وعن سكانه محجوبة، فلم تحرر بعد شيكاتها، ولم تسيل حساباتها، ولم يدفع منها للصامدين في أرضهم شيئاً، ولا لمن دمرت بيوتهم، وخربت مصالحهم، وفقدوا أحبتهم، وبقي السكان في انتظار أن يتحقق الحلم، وتغدو الأحلام حقيقة، والوعود واقعاً مرئياً وملموساً، وشيئاً باليد محسوساً، يستمتع به سكان القطاع، ويدعون الله أن يوفق من منح، وأن يعطي من بذل، وأن يبارك فيمن كان سخي اليد جواد النفس.
قطاع غزة في حاجةٍ منذ سنواتٍ طويلة إلى مشروع مارشال عربي وإسلامي صادقٍ غيور، بل إنه في حاجةٍ إلى مشروعٍ عمريٍ فاروق، يهب له المسلمون، ويتصدى له العرب، يرفعون رايته، ويعلنون أهدافه وغاياته، ويعدون الخطط الحقيقية للمباشرة فيه، بعزمٍ وإرادةٍ عربية، وغيرةٍ ونصرةٍ إسلامية، يجمعون له الأموال، ويقدمون له مما أفاء الله على هذه الأمة، ومنحها من الرزق والعطاء والخيرات ما لم يمنح أمةً أخرى، فقطاع غزة كان قبل الحرب والعدوان في حاجةٍ ماسة إلى المساعدة والنصرة، وإلى العون والإغاثة، وهو إلى العون والمساعدة أحوج بعد العدوان الذي مزق أطرافه، وقضى على خطوط الإنتاج وعوامل الصمود فيه، ثم جاء الحصار الذي آتى على مخزونه ومكنونه لسنوات الحرب والشدة، ولم يعطِ سكانه الفرصة للتجديد والتطوير وإعادة البناء، بل فرض عليهم استنزاف ما لديهم، وإعادة ترميم ما بين أيديهم، رغم أنه لم يعد يعمل ولا ينتج، ويكلف أكثر مما ينتج ويعطي.
يتساءل الفلسطينيون باستغرابٍ كبير ما الذي يمنع العرب من المباشرة في إعمار قطاع غزة، وقد أنشأوا من أجله صندوقاً، وأودعوا فيه ولو اسماً مبلغاً يزيد عن أربعة مليارات دولار، وبشروا سكان قطاع غزة بأنهم قادمون، ومعهم المعدات والآليات والجرافات والسيارات والحديد والاسمنت وكل معدات البناء، وأنهم سيعيدون ما خربه العدوان، وسيبنون قطاع غزة، وسيجعلونه أجمل مما كان، فهو حاضرة البحر، وفيه أقدم مدن التاريخ، وعلى أرضه سادت أعظم الحضارات وسكنت أقوى الأمم، فخرم سكان قطاع غزة آذانهم، إيذاناً بالقرط الموعود، ولكن شيئاً من هذه الوعود لم تنفذ، ولا يبدو في الأفق القريب والبعيد أنها ستنفذ ... فلماذا ...
فهل إسرائيل هي التي تمنع البناء، وتحول دون وصول المدد العربي إلى القطاع، وترفض أن يعيش سكان القطاع عيشة الكرماء، وأن يكونوا في بيوتهم سعداء، شوارعهم نظيفةٌ ومرصوفة، وبيوتهم مبنية وأنيقة، ومدارسهم مفتوحةٌ ومنظمة، ومساجدهم بالآذان صادحة وبالمصلين عامرة، أم أن الإدارة الأمريكية ومعها الرباعية الدولية أمرت أن يتأخر الإعمار، وألا تتم المباشرة به حتى يقبل سكانه بشروطها، وينزلوا عند رأيها، ويعترفوا بالدولة العبرية، ويدينوا كل عملٍ وفعلٍ من شأنه الإضرار بكيانهم، وأن يعلنوا البراءة من كل عملٍ يستهدف أمن الكيان أو مصالحه، وأن يعلنوا أن خيارهم هو السلام لا الحرب والقتال، ويجلسوا مع حكومةِ الكيان الإسرائيلي دون شروطٍ مسبقة على طاولة المفاوضات.
أليس قرار الإعمار قرارٌ عربي، صادرٌ عن مؤسسة الجامعة العربية، التي هي بيت العرب جميعاً، والتي تعبر عن دولٍ ذات سيادةٍ وقرار، ويحظى أعضاؤها بتقديرٍ واحترام، ولهم علاقاتٌ ومصالحٌ وارتباطات، ولديهم المال والخيرات، ويستطيعون المساهمة في حل النزاعات وفرض الحلول، ولهم سابقة في إعادةِ إعمار دول ونجدة شعوب ونصرة قياداتٍ وأحزاب.
أليست مصر هي التي تحد قطاع غزة، وهي عقدة اتصاله مع العالم العربي، وقد أصبحت اليوم حرةً عزيزة، أبيةً كريمة، بعد أن نفضت عن كاهلها أثواب الذل والهوان، وانتفضت عمن أذلها ورهن قرارها، وألحقها بمن هو أضعف منها، وجعل منها أداةً ومطية، وجسراً للعبور وبوقاً للتبرير والتمرير، فلماذا تتأخر مصر اليوم عن فتح حدودها لإدخال كل مواد البناء والتعمير، واحتياجات الإصلاح ومستلزمات الإنتاج والانطلاق، فقد غاب المانعون، وسجن المتآمرون، وحوكم المتاجرون، وجاء المانحون، ولم يبق في ساحة مصر سوى الأحرار الأخيار، فأين فعلهم المخالف، ورأيهم المناقض، وآثار صدقهم الدالة على الثورة والتغيير.
أعلنت حكومة الجزائر أكثر من مرة أنها مستعدة لتزويد قطاع غزة بكل احتياجاته من الحديد والإسمنت الذي يلزم لإعادة إطلاق ورش البناء والتعمير، وأعلنت ليبيا أنها جاهزة لتمويل ما يحتاجه القطاع من مستلزمات البناء والإنتاج، وأعلنت تركيا عن جاهزيتها لتزويد قطاع غزة بكل آليات العمل من شاحنات وجرافات ومختلف لوازم وآليات العمل المختلفة، وغيرهم كثير ممن أبدوا استعدادهم للمساهمة والمشاركة في إطلاق مشروع إعمار قطاع غزة.
ترى هل يتبدد حلم سكان قطاع غزة بإعادة إعمار قطاعهم المدمر، وهل ينسى عمال القطاع ومهندسوه وفنيوه وإداريوه حلمهم في إيجاد فرصة جديدة للعمل قد تمتد لسنوات، وهم الذين أملوا أن يشغلهم مشروع البناء، وأن تستوعبهم ورش الإعمار، وأن يوسعوا على أسرهم وأطفالهم إذا عملوا، وأن ينعشوا اقتصاد قطاعهم إذا انطلقت عجلة البناء، نتمنى ألا يتبدد هذا الحلم، وأن ينطلق بسرعة كبيرة وهمةٍ جبارة ورغبةٍ صادقة، ليصبح حقيقة لا خيالاً، وعملاً على الأرض لا مشروعاً على الورق، وأن يباشر العرب فيه عملهم ليجعلوا من القطاع زمردة عربية، وموناكو إسلامية، وشامةً يعتز بها الفلسطينيون، وحاضرة بحرٍ يفخر بزيارتها المصطافون العرب، ويحرص على المرور فيها المسلمون.
فقد دمر العدوان عمرانه، ونسف مبانيه، وحرق أشجاره، وهدم معامله ومصانعه، وبعثر آلاتها الصغيرة في التراب، وجعل منها حديداً خردة لا تصلح للعمل والإنتاج، وما زال القطاع على حاله ينتظر غيث العرب الذي لم ينهمر، ومساعداته الموعودة التي لم تصل، ومخططاته الجديدة التي لم تقر، وخرائطه المدنية التي لم ترسم، فأموال العرب المذخورة لقطاع غزة ما زالت عنه ممنوعة، وعن سكانه محجوبة، فلم تحرر بعد شيكاتها، ولم تسيل حساباتها، ولم يدفع منها للصامدين في أرضهم شيئاً، ولا لمن دمرت بيوتهم، وخربت مصالحهم، وفقدوا أحبتهم، وبقي السكان في انتظار أن يتحقق الحلم، وتغدو الأحلام حقيقة، والوعود واقعاً مرئياً وملموساً، وشيئاً باليد محسوساً، يستمتع به سكان القطاع، ويدعون الله أن يوفق من منح، وأن يعطي من بذل، وأن يبارك فيمن كان سخي اليد جواد النفس.
قطاع غزة في حاجةٍ منذ سنواتٍ طويلة إلى مشروع مارشال عربي وإسلامي صادقٍ غيور، بل إنه في حاجةٍ إلى مشروعٍ عمريٍ فاروق، يهب له المسلمون، ويتصدى له العرب، يرفعون رايته، ويعلنون أهدافه وغاياته، ويعدون الخطط الحقيقية للمباشرة فيه، بعزمٍ وإرادةٍ عربية، وغيرةٍ ونصرةٍ إسلامية، يجمعون له الأموال، ويقدمون له مما أفاء الله على هذه الأمة، ومنحها من الرزق والعطاء والخيرات ما لم يمنح أمةً أخرى، فقطاع غزة كان قبل الحرب والعدوان في حاجةٍ ماسة إلى المساعدة والنصرة، وإلى العون والإغاثة، وهو إلى العون والمساعدة أحوج بعد العدوان الذي مزق أطرافه، وقضى على خطوط الإنتاج وعوامل الصمود فيه، ثم جاء الحصار الذي آتى على مخزونه ومكنونه لسنوات الحرب والشدة، ولم يعطِ سكانه الفرصة للتجديد والتطوير وإعادة البناء، بل فرض عليهم استنزاف ما لديهم، وإعادة ترميم ما بين أيديهم، رغم أنه لم يعد يعمل ولا ينتج، ويكلف أكثر مما ينتج ويعطي.
يتساءل الفلسطينيون باستغرابٍ كبير ما الذي يمنع العرب من المباشرة في إعمار قطاع غزة، وقد أنشأوا من أجله صندوقاً، وأودعوا فيه ولو اسماً مبلغاً يزيد عن أربعة مليارات دولار، وبشروا سكان قطاع غزة بأنهم قادمون، ومعهم المعدات والآليات والجرافات والسيارات والحديد والاسمنت وكل معدات البناء، وأنهم سيعيدون ما خربه العدوان، وسيبنون قطاع غزة، وسيجعلونه أجمل مما كان، فهو حاضرة البحر، وفيه أقدم مدن التاريخ، وعلى أرضه سادت أعظم الحضارات وسكنت أقوى الأمم، فخرم سكان قطاع غزة آذانهم، إيذاناً بالقرط الموعود، ولكن شيئاً من هذه الوعود لم تنفذ، ولا يبدو في الأفق القريب والبعيد أنها ستنفذ ... فلماذا ...
فهل إسرائيل هي التي تمنع البناء، وتحول دون وصول المدد العربي إلى القطاع، وترفض أن يعيش سكان القطاع عيشة الكرماء، وأن يكونوا في بيوتهم سعداء، شوارعهم نظيفةٌ ومرصوفة، وبيوتهم مبنية وأنيقة، ومدارسهم مفتوحةٌ ومنظمة، ومساجدهم بالآذان صادحة وبالمصلين عامرة، أم أن الإدارة الأمريكية ومعها الرباعية الدولية أمرت أن يتأخر الإعمار، وألا تتم المباشرة به حتى يقبل سكانه بشروطها، وينزلوا عند رأيها، ويعترفوا بالدولة العبرية، ويدينوا كل عملٍ وفعلٍ من شأنه الإضرار بكيانهم، وأن يعلنوا البراءة من كل عملٍ يستهدف أمن الكيان أو مصالحه، وأن يعلنوا أن خيارهم هو السلام لا الحرب والقتال، ويجلسوا مع حكومةِ الكيان الإسرائيلي دون شروطٍ مسبقة على طاولة المفاوضات.
أليس قرار الإعمار قرارٌ عربي، صادرٌ عن مؤسسة الجامعة العربية، التي هي بيت العرب جميعاً، والتي تعبر عن دولٍ ذات سيادةٍ وقرار، ويحظى أعضاؤها بتقديرٍ واحترام، ولهم علاقاتٌ ومصالحٌ وارتباطات، ولديهم المال والخيرات، ويستطيعون المساهمة في حل النزاعات وفرض الحلول، ولهم سابقة في إعادةِ إعمار دول ونجدة شعوب ونصرة قياداتٍ وأحزاب.
أليست مصر هي التي تحد قطاع غزة، وهي عقدة اتصاله مع العالم العربي، وقد أصبحت اليوم حرةً عزيزة، أبيةً كريمة، بعد أن نفضت عن كاهلها أثواب الذل والهوان، وانتفضت عمن أذلها ورهن قرارها، وألحقها بمن هو أضعف منها، وجعل منها أداةً ومطية، وجسراً للعبور وبوقاً للتبرير والتمرير، فلماذا تتأخر مصر اليوم عن فتح حدودها لإدخال كل مواد البناء والتعمير، واحتياجات الإصلاح ومستلزمات الإنتاج والانطلاق، فقد غاب المانعون، وسجن المتآمرون، وحوكم المتاجرون، وجاء المانحون، ولم يبق في ساحة مصر سوى الأحرار الأخيار، فأين فعلهم المخالف، ورأيهم المناقض، وآثار صدقهم الدالة على الثورة والتغيير.
أعلنت حكومة الجزائر أكثر من مرة أنها مستعدة لتزويد قطاع غزة بكل احتياجاته من الحديد والإسمنت الذي يلزم لإعادة إطلاق ورش البناء والتعمير، وأعلنت ليبيا أنها جاهزة لتمويل ما يحتاجه القطاع من مستلزمات البناء والإنتاج، وأعلنت تركيا عن جاهزيتها لتزويد قطاع غزة بكل آليات العمل من شاحنات وجرافات ومختلف لوازم وآليات العمل المختلفة، وغيرهم كثير ممن أبدوا استعدادهم للمساهمة والمشاركة في إطلاق مشروع إعمار قطاع غزة.
ترى هل يتبدد حلم سكان قطاع غزة بإعادة إعمار قطاعهم المدمر، وهل ينسى عمال القطاع ومهندسوه وفنيوه وإداريوه حلمهم في إيجاد فرصة جديدة للعمل قد تمتد لسنوات، وهم الذين أملوا أن يشغلهم مشروع البناء، وأن تستوعبهم ورش الإعمار، وأن يوسعوا على أسرهم وأطفالهم إذا عملوا، وأن ينعشوا اقتصاد قطاعهم إذا انطلقت عجلة البناء، نتمنى ألا يتبدد هذا الحلم، وأن ينطلق بسرعة كبيرة وهمةٍ جبارة ورغبةٍ صادقة، ليصبح حقيقة لا خيالاً، وعملاً على الأرض لا مشروعاً على الورق، وأن يباشر العرب فيه عملهم ليجعلوا من القطاع زمردة عربية، وموناكو إسلامية، وشامةً يعتز بها الفلسطينيون، وحاضرة بحرٍ يفخر بزيارتها المصطافون العرب، ويحرص على المرور فيها المسلمون.