مدرسة (تحدي 5) وجود وحلم ومستقبل
عنان شحادة
وسط منطقة جبلية من أراضي عشيرة الزواهرة إلى الشرق من مدينة بيت لحم، تشمخ مدرسة (تحدي 5)، وتتحدى كل المخططات الاحتلالية الرامية إلى هدمها وحرمان الطلبة من التعليم.
العام 2017 كان التحدي، بإنشاء المدرسة على مساحة 8 دونمات تبرع بها أفراد من عشيرة الزواهرة، وبنيت من طوب وسُقفت بالصفيح، وتتكون من أربعة صفوف أساسية بتعداد لا يتجاوز 40 طالبا وطالبة، يأتون إليها من تجمعات جيب الذيب، والزواهرة، والوحش، وأبو محيميد في قرية بيت تعمر.
ويقول مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في محافظة بيت لحم حسن بريجية لـ"وفا"، إن المدرسة منذ يوم إقامتها تتعرض لهجوم من المستوطنين وقوات الاحتلال، في محاولة منهم أن يقتلوا الحياة في تلك المنطقة لأطماع استيطانية، وتحيطها مستوطنات "ازديبار"، وـ"ونيكوديم"، وـ"والداد"، وـ"معالي رحبعام" التي لا تبعد سوى كيلو متر واحد.
وأضاف بريجية أنها تعرضت للهدم في عام 2017، لكن أعيد بناؤها مرة أخرى على أراضي ملكية خاصة يحمل أسحابها أوراقا ثبوتية ومسجلة في "الطابو"، وتم فتح ملف ترخيص بناء، لكن هذا لم يرق المستوطنين الذين اقتحموا المنطقة مرارا، إضافة إلى رفع قضية من مؤسسة "رغافيم" الصهيونية إلى إحدى المحاكم الإسرائيلية لهدمها.
وأشار إلى أن محكمة الاحتلال المركزية أصدرت قرارا تماشيا مع دعوى "رغافيم" لهدم المدرسة، وأن القرار تضمن مهلة لـ60 يوما لتنفيذ الهدم، هذا بعد أن رفضت المحكمة ذاتها تمديد الالتماس الذي قدمته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومؤسسة "سانت إيف" الحقوقية، لوقف هدم المدرسة.
وقال بريجية إن المدرسة تمثل الوجود والحلم والمستقبل، وبالتالي أقرت هيئة مقاومة الجدار فعاليات دعم وإسناد تمثلت في الاعتصام الليلي داخل المدرسة يوميا بمشاركة أهالي الطلبة وقوى، وتنظيم فعاليات في ساعات النهار.
يقول الطالب في الصف الرابع مؤيد الوحش، إنه يضطر يوميا إلى قطع مسافة تقارب 2 كيلو متر للالتحاق بالمدرسة التي تعتبر الأقرب إليه عن غيرها، مشيرا إلى ملاحقة المستوطنين واحتجازهم.
وقال: "ذات مرة، وضعوا أكياسا على رؤوسنا وضربونا ونقلونا إلى مستوطنة قريبة من المدرسة وحققوا معنا... هذا من أجل تخويفنا لترك المدرسة.. لكننا سنذهب إليها ولن يخيفنا المستوطنون".
وفي ساحة المدرسة التي لم تغلق أبوابها أمام طلبتها وكانت بعيدة عن حالة الاضراب القائم في المدارس، تلهو الطالبة فاطمة خليل زواهرة في الصف الرابع الأساسي، ولدى سؤالها قالت "من حقنا كباقي أطفال العالم أن نتعلم، وأوجه رسالة إلى العالم: هل تشكل هذه المدرسة خطرا.. أمنيتي ألا تُهدم المدرسة، فنحن نريد أن نتعلم".
وأعربت مديرة المدرسة شيرين أبو طه عن فخرها بالهيئة التدريسية المكونة من أربع معلمات وسكرتيرة وآذن على التزامهم بالدوام، وعدم خوض الإضراب لأنه لو حدث وتعطلت الدراسة فيها لكانت فرصة سانحة للمحتل أن ينال منها، لكن واجبنا الوطني أملى علينا أن نضع المصلحة الوطنية أمام مصلحتنا الشخصية.
بدوره، أشار الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق خضور لـ"وفا"، إن 28 مدرسة مصنفة تحت مسمى (التحدي)، أولها كانت في مسافر يطا وهي مدرسة الرفاعية الأساسية، ومنها بعض المدارس التي هُدمت وأخرى مخطرة بالهدم.
وأكد أن هذه المدارس تعزز صمود المواطنين مع توفير خدمة التعليم للمناطق المهددة والمستهدفة من الاحتلال، وأن الوزارة تتعامل مع هذه المدارس بشكل استثنائي من حيث التشكيلات أو عدد المراكز، وبالتالي تجد في بعض منها طلبة يناهز عددهم عدد المعلمين، كما يتم منحها أولوية في توفير مرشدين تربويين، وأحيانا توفير حافلات لنقل الطلبة كما يحدث في مسافر يطا والأغوار، بالإضافة إلى الأولوية من حيث البرامج للتفريغ النفسي والإسناد للطلبة والمعلمين.