فقد في العتمة- مريم زقوت
مواليد تفتحت أعينهم على عتمةٍ؛ في حاضناتٍ لا تقوى على الاستمرار لمنحهم أكسجين الحياة، أطفال كثر بعمر الورد يصارعون الوقت الثقيل وفوضى العتمة لإنهاء مذاكرتهم المدرسية، اللعب غير متاح، الحياة ثقيلة، الضوء فارق غزة لفضاء آخر. لم يعد لنا إلا إيقاد نار نستأنس بها، تجمعنا حول قصص وتسامر، فانقطاع التيار الكهربائي لم يعد مشكلة كون الموت والحياة أصبحا سيان في غزة المولعة بالإفتعالات بالموت بألعاب القتل، وفعل الاهتزاز حتى الدوار وفقدان الاتجاهات.
أُبصر تحدي الصمود، وصمود التحدي في أعين ناس أوجعهم نزوات السادة، والأفعال الناقصة، والحياة المكسورة بفعل شدة مضخمة. إن هذا الوجع بقدر ما يجعل الحياة قاسية والناس في كدٍ وكد، بقدر ما تضيء في الرأس فكرة للنبل، فكرة للاعتزاز، حتماً ستنجلي هذه الغمة، حتماً سنغدو إلى غُمة أخرى، لذلك لا أستطع إلا تذكيركم يا سادة القوم: وأنتم تعدون فطوركم الصباحي في فنادق الخمسة نجوم، تذكروا شعبكم الصابر في عتمةٍ، في قلةٍ ، في كدٍ ووجعٍ، تعالوَّا على خلافاتكم، ومصالحكم الشخصية تذكروا وطن (يطن) وجعاً، ومواطن يتلوى تحت وطأة الذهاب والإياب، إن الشعب قادر أن يصارع الموت، يصنع بدائل الحياة؛ فلا كهرباء تذله، لا ماء يقهره، لا وقود يخذله، فقط إن استطعتم أن تمنحوه المصالحة لنستطيع أن نحمل ملفنا الإنساني وقضيتنا السياسية بقوة وعزم، لفضح مخططات الاحتلال، وسياسة العقاب الجماعي لقطاع غزة، الذي يمثل خرقاً واضحاً لبنود اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني الملزم للاحتلال لتوفير سبل الحياة للمواطنين. فالمعاناة ليست قدرنا وعلى شعوب العالم وقادته أن يدركوا أن كرامة الحياة هبة الله لا يحق لأي أحد كان من كان سلبها من الناس في أي مكان على هذه الأرض، يا قادة هذا الشعب ؟! قفوا معاً أولاً ليقف العالم معكم تنفسوا قليلاً وامنحوا شعبكم الأكسجين ولا تجعلوه يضيع في عتمة العنوان.
ناشطة نسوية وحقوقية
مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر