أوهام النصر في باب عمرو- رشيد شاهين
بعد حوالي أسابيع أربعة من القصف المتواصل، واستعمال كل ما هو متاح بيد جيش نظام العصابة الحاكم في دمشق على حي "لاحظوا هنا انه مجرد حي" باب عمرو، يتم الإعلان عن نصر مؤزر تم تحقيقه، وكأنما تم تحرير جزء من الجولان العزيز، هذا الجولان الذي لم نر جيش بشار أسد مستأسدا على تخومه كما استأسد على مشارف بابا عمر، فالفرق شاسع هنا، ففي هذا الحي المقاوم، وكما كان عليه الحال في تل الزعتر ومدينة حماة بعد ذلك، ليس سوى عائلات في مجملها، وبعض مجموعات من المقاتلين لا يحملون إلا ما تيسر من عتاد وإيمان بقضيتهم، أما هناك في الجولان، فبيع أو لنقل تنازل بلا ثمن لمن قيل انه عدو يرغب في السيطرة ليس على الجولان فقط وإنما على سوريا وما بعد سوريا، مقولة استند إليها ليس نظام أسد فقط وإنما كل أنظمة الردة العربية من محيطها إلى خليجها؟
نصر العصابة في بابا عمرو، ليس سوى نصر الأوهام والتمنيات، فالثورة لا زالت مستمرة في كل أنحاء القطر العربي السوري، ثورة تستهدف اقتلاع احد أكثر الأنظمة طغيانا على ظهر البسيطة، وهي مستمرة بنفس الوتيرة الملحمية وبذات الإصرار والعزيمة التي لن تلين بهمة الشباب وإصرارهم وإيمانهم بقضيتهم، ملحمة سوف لن تأتي إلا بانتصار مظفر ينهي زيف نظام الممانعة والمقاومة، ويحرر الشام من طاغية العصر الذي ارتضى لنفسه القيام بكل ما لا يمكن تخيله ضد شعب أقصى مطالبه بعض من حرية وشيء من الكرامة.
ليس من الممكن لأي كان إلا أن يتساءل عن كيف لنظام يدعي انه ممانع مقاوم، وانه يفعل كل ما يفعل من اجل تحرير الجولان وفلسطين ولواء الاسكندرون، وعلى مستوى الداخل إصلاح للأوضاع بشكل غير مسبوق، ومن انه يريد أن يُقلِعَ بهذا البلد إلى عنان السماء لينافس به أعرق الديمقراطيات في العالم، أن يمنع أو حتى إن يقوم بتأخير دخول المساعدات الإنسانية و فرق الصليب الأحمر لتقديم المساعدة الإنسانية لأهالي الحي المنكوب منذ أسابيع، وهو العارف بان ما جرى في هذا الحي ليس سوى مأساة إنسانية بكل ما تعني الكلمة تمت على أيدي عصابته، وَضْع اقل ما يقال فيه انه لا يمكن احتماله.
لا شك ان بابا عمرو كان معقلا من معاقل المقامة "العنيفة" التي تصدت للنظام، إلا ان هذا لا يعني بحال من الأحوال ان الثورة قد انتهت أو هي اقتربت من الانتهاء، ذلك ان الثورة في مجملها سلمية، وهي وبرغم سقوط هذا الحي الذي جَيّشَ نظام العصابة آلافا من جنوده، وعشرات الدبابات والمدرعات وكل ما يمكن تحشيده من اجل توجيه ضربة "قاضية" له، إلا ان الثورة بأشكالها السلمية لا زالت مستمرة في العديد من المحافظات السورية، ولا زالت العزيمة ذات العزيمة، ولا زال الإصرار ذات الإصرار، فالشعب السوري حسم خياره بأنه لا بد لبشار أسد ونظامه من الرحيل إذا ما أريد للثورة ان تتوقف، وان سقوط بابا عمرو ليس نهاية المطاف بالنسبة للشعب الثائر في سوريا.
من كان يتوهم انه ببندقية الثائر ومسدسه وسلاحه الشخصي، يمكن مواجهة مروحية عسكرية مزودة بكل أنواع الصواريخ، أو دباباته تي 72 روسية الصنع أو مدافع ثقيلة لم تنفك عن قصف الحي أناء الليل وأطراف النهار، فإنما يعيش حالة من الوهم عاشها بعض من أبناء الأمة، بعد أن تم النفخ في قوة العراق وتصويرها عن قصد من انها واحدة من أقوى قوى العالم، وان خطر الصواريخ العراقية قد يصل إلى قلب أوروبا، عندما كانوا يطالبون من الراحل صدام حسين، الذي تآمرت عليه أنظمة الردة العربية وعلى رأسها نظام أسد، ان يواجه القوى العالمية بما يملك من أسلحة في الحقيقة كانت تقليدية لا بل متخلفة إذا ما قورنت بما يمتلكه الأعداء، وقد زاد عمر معظمها على عقود من الزمن، وكانوا يطالبونه بالتقدم والانتصار، بينما هم يحللون ويُنَظًرون من خلال فنادقهم المترفة، ولا مشكلة لديهم في كم هو العدد من الضحايا الذين يمكن ان يسقط من أبناء الشعب العراقي.
في باريس، يقوم الرئيس الفرنسي الذي طالما نعتناه بالصهيوني، وبالابتعاد عن مبادئ الثورة الفرنسية، باستقبال صحفيين فرنسيين كانا في ذات الحي، وتم تجييش كل فرنسا بكل ما تملكه من علاقات دبلوماسية وقدرات استخباراتية ولوجستية لإيصالهما إلى باريس، من كان يتابع المشهد، يدرك كم هو الفرق بين قيمة الإنسان العربي والإنسان غير العربي، هذا كان يحدث في باريس، أما هناك وعلى الضفة الأخرى من المتوسط، يقوم من يدعي انه رئيس لسوريا وشعبها ليس فقط بذبح مواطنيه، وإنما بمنع وصول حتى المساعدات الإنسانية إلى من كانوا تحت القصف طيلة أسابيع أربعة تقريبا، ويأتي بعض ممن باع ضميره وفقد قيمه وتخلى عن بقية مبادئه، ليقول، إن بشار أسد ونظامه الممانع يتعرضان لمؤامرة كونية.
المؤامرة الكونية كما تعلمنا منذ الصغر، تكون ضد من يمكن أن يشكل رقما صعبا في المعادلات الدولية، ومن يمكن أن يشكل خطرا من نوع ما على المصالح الاستعمارية، أو من يمكن أن يتصدى لمخططات امبريالية "هكذا كانت التسميات قبل عقدين من الزمن"، والسؤال هنا، أي من هذه كان وما زال يشكلها نظام العصابة الحاكم في سوريا؟
فهل تشكل سوريا حقيقة وفي ظل حكم عائلة أسد أي رقم صعب في المعادلات الدولية؟، وهل كان ذات النظام يشكل خطرا في أي مرحلة من المراحل من أي نوع على المصالح الاستعمارية ويتصدى فعليا للمخططات الامبريالية؟، أَوَ لم يكن نظام العصابة في سوريا جزءا من منظومة تلك المصالح؟، أَوَ لم يصطف في حفر الباطن مع كل جيوش الردة على سبيل المثال؟، أَوَ لم يكن ضامنا بلا تردد لحدود إسرائيل في الجولان العزيز؟، أَوَ لم يكن مسالما إلى الدرجة التي لم يَقْوَ على الرد على أيٍ مما قامت به دولة العدوان في فلسطين من انتهاكات على مدار عقود ضد سيادة الأرض السورية؟، أَوَ لم يقف مكتوف الأيدي أمام كل ما قامت به إسرائيل ضد الحليف اللبناني وبعد ذلك الحليف الحمساوي؟، وهل تعتقد قوى الشر وشيطان العالم الأمريكي ان سوريا سوف تقف إلى جانب نظام الملالي في طهران فيما لو تم توجيه ضربة إلى ذاك البلد تحت ذريعة الملف النووي؟، لقد أثبتت التجارب التاريخية ان مثل هكذا أنظمة، لا يمكن لها ان تشكل أي من المخاطر المشار إليها، وان أقصى ما ترغب فيه أو ان تستميت في العمل من اجله، هو البقاء في سدة الحكم وتحويل البلدان التي تحكمها إلى مجرد مزارع وإقطاعيات يقطنها مجموعات من العبيد والأقنان.
نظام العصابة السوري إلى زوال، سواء سقط بابا عمرو أو أي من أحياء المدن السورية، ذلك ان قلب الثورة في سوريا وعصبها لم يكن أبدا الجيش الحر، وإنما شعب مصمم على الخلاص، شعب يغني أهازيج الحرية، شعب اتخذ قراره بعد ان فقد الأمل بنظام العصابة الحاكم، وبعد ان جرب على مدار شهور من ثورته السلمية غير المشوبة بأي عنف عندما انطلقت قبل حوالي العام، ولم يكن في بال من انتفض قبل عام أي جيش أو قوة عسكرية، ولا جيشا حرا أو غير حر، لا بل ربما كان الجيش الحر في بعض من المواقف عبئا على سلمية الثورة، بحيث استفاد نظام العصابة من وجوده، ليذهب بعيدا في غيه وقتله وتذبيحه وتشبيحه، فلقد انطلقت الثورة بصدور عارية وعزيمة لا تلين.
لم يراهن أبناء سوريا عندما انطلقوا في المدن والأرياف والبوادي إلا على إيمانهم بقضيتهم وحريتهم وبتحرير سوريا من الطاغية ونظامه، وقد كان شعارهم وسيبقى، الشعب يريد إسقاط النظام، وهذا ما سيحدث، شاء من شاء وأبى من أبى.
نصر العصابة في بابا عمرو، ليس سوى نصر الأوهام والتمنيات، فالثورة لا زالت مستمرة في كل أنحاء القطر العربي السوري، ثورة تستهدف اقتلاع احد أكثر الأنظمة طغيانا على ظهر البسيطة، وهي مستمرة بنفس الوتيرة الملحمية وبذات الإصرار والعزيمة التي لن تلين بهمة الشباب وإصرارهم وإيمانهم بقضيتهم، ملحمة سوف لن تأتي إلا بانتصار مظفر ينهي زيف نظام الممانعة والمقاومة، ويحرر الشام من طاغية العصر الذي ارتضى لنفسه القيام بكل ما لا يمكن تخيله ضد شعب أقصى مطالبه بعض من حرية وشيء من الكرامة.
ليس من الممكن لأي كان إلا أن يتساءل عن كيف لنظام يدعي انه ممانع مقاوم، وانه يفعل كل ما يفعل من اجل تحرير الجولان وفلسطين ولواء الاسكندرون، وعلى مستوى الداخل إصلاح للأوضاع بشكل غير مسبوق، ومن انه يريد أن يُقلِعَ بهذا البلد إلى عنان السماء لينافس به أعرق الديمقراطيات في العالم، أن يمنع أو حتى إن يقوم بتأخير دخول المساعدات الإنسانية و فرق الصليب الأحمر لتقديم المساعدة الإنسانية لأهالي الحي المنكوب منذ أسابيع، وهو العارف بان ما جرى في هذا الحي ليس سوى مأساة إنسانية بكل ما تعني الكلمة تمت على أيدي عصابته، وَضْع اقل ما يقال فيه انه لا يمكن احتماله.
لا شك ان بابا عمرو كان معقلا من معاقل المقامة "العنيفة" التي تصدت للنظام، إلا ان هذا لا يعني بحال من الأحوال ان الثورة قد انتهت أو هي اقتربت من الانتهاء، ذلك ان الثورة في مجملها سلمية، وهي وبرغم سقوط هذا الحي الذي جَيّشَ نظام العصابة آلافا من جنوده، وعشرات الدبابات والمدرعات وكل ما يمكن تحشيده من اجل توجيه ضربة "قاضية" له، إلا ان الثورة بأشكالها السلمية لا زالت مستمرة في العديد من المحافظات السورية، ولا زالت العزيمة ذات العزيمة، ولا زال الإصرار ذات الإصرار، فالشعب السوري حسم خياره بأنه لا بد لبشار أسد ونظامه من الرحيل إذا ما أريد للثورة ان تتوقف، وان سقوط بابا عمرو ليس نهاية المطاف بالنسبة للشعب الثائر في سوريا.
من كان يتوهم انه ببندقية الثائر ومسدسه وسلاحه الشخصي، يمكن مواجهة مروحية عسكرية مزودة بكل أنواع الصواريخ، أو دباباته تي 72 روسية الصنع أو مدافع ثقيلة لم تنفك عن قصف الحي أناء الليل وأطراف النهار، فإنما يعيش حالة من الوهم عاشها بعض من أبناء الأمة، بعد أن تم النفخ في قوة العراق وتصويرها عن قصد من انها واحدة من أقوى قوى العالم، وان خطر الصواريخ العراقية قد يصل إلى قلب أوروبا، عندما كانوا يطالبون من الراحل صدام حسين، الذي تآمرت عليه أنظمة الردة العربية وعلى رأسها نظام أسد، ان يواجه القوى العالمية بما يملك من أسلحة في الحقيقة كانت تقليدية لا بل متخلفة إذا ما قورنت بما يمتلكه الأعداء، وقد زاد عمر معظمها على عقود من الزمن، وكانوا يطالبونه بالتقدم والانتصار، بينما هم يحللون ويُنَظًرون من خلال فنادقهم المترفة، ولا مشكلة لديهم في كم هو العدد من الضحايا الذين يمكن ان يسقط من أبناء الشعب العراقي.
في باريس، يقوم الرئيس الفرنسي الذي طالما نعتناه بالصهيوني، وبالابتعاد عن مبادئ الثورة الفرنسية، باستقبال صحفيين فرنسيين كانا في ذات الحي، وتم تجييش كل فرنسا بكل ما تملكه من علاقات دبلوماسية وقدرات استخباراتية ولوجستية لإيصالهما إلى باريس، من كان يتابع المشهد، يدرك كم هو الفرق بين قيمة الإنسان العربي والإنسان غير العربي، هذا كان يحدث في باريس، أما هناك وعلى الضفة الأخرى من المتوسط، يقوم من يدعي انه رئيس لسوريا وشعبها ليس فقط بذبح مواطنيه، وإنما بمنع وصول حتى المساعدات الإنسانية إلى من كانوا تحت القصف طيلة أسابيع أربعة تقريبا، ويأتي بعض ممن باع ضميره وفقد قيمه وتخلى عن بقية مبادئه، ليقول، إن بشار أسد ونظامه الممانع يتعرضان لمؤامرة كونية.
المؤامرة الكونية كما تعلمنا منذ الصغر، تكون ضد من يمكن أن يشكل رقما صعبا في المعادلات الدولية، ومن يمكن أن يشكل خطرا من نوع ما على المصالح الاستعمارية، أو من يمكن أن يتصدى لمخططات امبريالية "هكذا كانت التسميات قبل عقدين من الزمن"، والسؤال هنا، أي من هذه كان وما زال يشكلها نظام العصابة الحاكم في سوريا؟
فهل تشكل سوريا حقيقة وفي ظل حكم عائلة أسد أي رقم صعب في المعادلات الدولية؟، وهل كان ذات النظام يشكل خطرا في أي مرحلة من المراحل من أي نوع على المصالح الاستعمارية ويتصدى فعليا للمخططات الامبريالية؟، أَوَ لم يكن نظام العصابة في سوريا جزءا من منظومة تلك المصالح؟، أَوَ لم يصطف في حفر الباطن مع كل جيوش الردة على سبيل المثال؟، أَوَ لم يكن ضامنا بلا تردد لحدود إسرائيل في الجولان العزيز؟، أَوَ لم يكن مسالما إلى الدرجة التي لم يَقْوَ على الرد على أيٍ مما قامت به دولة العدوان في فلسطين من انتهاكات على مدار عقود ضد سيادة الأرض السورية؟، أَوَ لم يقف مكتوف الأيدي أمام كل ما قامت به إسرائيل ضد الحليف اللبناني وبعد ذلك الحليف الحمساوي؟، وهل تعتقد قوى الشر وشيطان العالم الأمريكي ان سوريا سوف تقف إلى جانب نظام الملالي في طهران فيما لو تم توجيه ضربة إلى ذاك البلد تحت ذريعة الملف النووي؟، لقد أثبتت التجارب التاريخية ان مثل هكذا أنظمة، لا يمكن لها ان تشكل أي من المخاطر المشار إليها، وان أقصى ما ترغب فيه أو ان تستميت في العمل من اجله، هو البقاء في سدة الحكم وتحويل البلدان التي تحكمها إلى مجرد مزارع وإقطاعيات يقطنها مجموعات من العبيد والأقنان.
نظام العصابة السوري إلى زوال، سواء سقط بابا عمرو أو أي من أحياء المدن السورية، ذلك ان قلب الثورة في سوريا وعصبها لم يكن أبدا الجيش الحر، وإنما شعب مصمم على الخلاص، شعب يغني أهازيج الحرية، شعب اتخذ قراره بعد ان فقد الأمل بنظام العصابة الحاكم، وبعد ان جرب على مدار شهور من ثورته السلمية غير المشوبة بأي عنف عندما انطلقت قبل حوالي العام، ولم يكن في بال من انتفض قبل عام أي جيش أو قوة عسكرية، ولا جيشا حرا أو غير حر، لا بل ربما كان الجيش الحر في بعض من المواقف عبئا على سلمية الثورة، بحيث استفاد نظام العصابة من وجوده، ليذهب بعيدا في غيه وقتله وتذبيحه وتشبيحه، فلقد انطلقت الثورة بصدور عارية وعزيمة لا تلين.
لم يراهن أبناء سوريا عندما انطلقوا في المدن والأرياف والبوادي إلا على إيمانهم بقضيتهم وحريتهم وبتحرير سوريا من الطاغية ونظامه، وقد كان شعارهم وسيبقى، الشعب يريد إسقاط النظام، وهذا ما سيحدث، شاء من شاء وأبى من أبى.