كفى يا أبطال .. غزة تحترق - ساهر الأقرع
قد غطت روحي سحابة داكنة من الاكتئاب وأنا استمع إلي بعض قيادي حركة فتح بقطاع غزة بأن "دولة غزة" منسية تماما من قبل الرئاسة واللجنة المركزية والمجلس الثوري، بسبب ما حدث من انقلاب مسلح علي شرعيتها، وخسارة مادية كبيرة، وخسارة في الأرواح، وأكثر من ذلك كله امتهان وهيمنة علي الحركة. واستدعت ذاكرتي الانتخابات التي نجحت بها "حركة حماس" وتدميرها للحياة الإنسانية والاقتصادية في "قطاع غزة" .. وعلى هذا المستوى يصبح البحث والتحليل ضرورة موضوعية للخروج من فوضى المشاعر وارتجالية المواقف .. علينا القيام بإثارة أسئلة في العمق ومحاولة الإجابة عليها، علنا نهتدي لموقف محدد المعالم لا يحسب بأي شكل من الأشكال لصالح الأعادي ومشاريعهم التدميرية. علي مدار سنوات الانقلاب لماذا تدخلت دول إقليمية ومنها إيران وسوريا وقطر في شأننا الداخلي بقوة السلاح متمثلة بادي فلسطينية وكأنهم أوصياء على شعبنا ومستقبله؟.. والسؤال هنا يحاول أن يدخل مدخلا آخر: ما الضرر الذي يلحق ببعض الدول من وجود استمرار الانقلاب علي الشرعية الفلسطينية وهو الذي رتب أموره معهم على مستوى الإدارات السياسية منها والمالية، بل لان مصالحهم الشخصية تتم عبر استخدام فلسطين في مصطلحاتهم للنجاة والقوة. هذا أول صرح يسقط أمام التحليل العلمي والمنهجي .. فحركة فتح منذ ولادتها حاربت ولا تزال تحارب في الخطوط الأولي لمواجهة إسرائيل، ولولا أبطال "فتح"، وتبنى أسر شهداء، وقامت الحركة بتطوير الأراضي الفلسطينية حتى أصبحت أجمل، وطورت كافة نواحي الحياة في الأراضي الفلسطينية، وأنشأت جامعات متطورة للتكنولوجيا، لقد فعل الاخ "ابو مازن" و القيادة الفلسطينية على تجميع عناصر القوة المادية مجهزا جيشا ليس من حركة فتح بل من كافة أطياف اللون الفلسطيني، من هنا جاءت عداوة حركة حماس له وإصرارها على تدميره . صحيح ان "الأجهزة الأمنية" قبل الانقلاب كانت تحظى بالتعددية السياسية، ولم يترك الرئيس "أبو مازن" طريقا إلا وسلكها لحرية التعبير عن الرأي وحريات الصحافة، إلا انه كان بلا شك رجل قوي وصلب، وواجه أبطال الحركة الموت الزؤم، ولم يتردد احد منهم، لقد كانوا رجال عقيدة ومبدأ ولم يقم احد بالتخلي عن مسئولياته في أصعب الظروف .. لا كما رأينا كيف انهارت "الأجهزة الأمنية" من الأيام الأولى لمواجهاته مع قوي الانقلاب .. ثم ان معركة قوي الانقلاب كانت ضد الكل الفتحاوي بسبب ما ادعوه من محاولات لحركة فتح بتهميش حماس في شتي المجالات السياسية منها والمالية والإدارية. ان قوي الانقلاب جلبوا معهم عملاء من دول إقليمية يتسكعون على أبواب أجهزة الغرب الأمنية في عواصم أوروبا وأمريكا .. في حين قام الشباب الفلسطيني بالاعتصام سلمياً مطالبا بالحرية والكرامة فقامت قوي الانقلاب بالتصدي لها مراراً بحصده في الساحات العامة "كالجندي المجهول" وغيرها من الأماكن العامة، واعتقلت العشرات ونكلت بهم بأبشع أساليب التعذيب ولم يتدخل أي تيار مستقل او فصيل آخر إلا بعد ما تم تعذيبهم والتنكيل بهم .. من هنا لا ينبغي التشبيه بين ما حدث من انقلاب علي الشرعية الفلسطينية و قصف منازل المواطنين بالأسلحة الثقيلة وعمليات القتل والبتر وبين ما تفعله الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية فهذه الأجهزة تعمل بكافة مناطق الضفة علي توفير امن للمواطن وتسهر ليلا في الطرقات من اجل توفير كافة سبل الطمأنينة والأمان له. ثم بأي سلاح قتل الفلسطينيين إبان الانقلاب .. إنهم قتلوا بسلاح أجنبي وعربي وقتلوهم كذلك بجنود ليسوا فلسطينيين وإنما إيرانيين .. إنهم سلطوا المرتزقة على شعبهم ليقتلوا منه على مدار شهر العشرات وينتهكون الحرمات ويروعون الآمنين، وهذا كله في ظل تلكؤ وتخاذل من بعض صانعي القرار، وتجاهل الفصائل الأخرى لما جري و يجري من عمليات قتل حتى الآن، الأمر الذي طمع قادة قوي الظلام والاستبداد بغزة وأغراهم بالتوقيع علي المصالحة وعدم تطبيقها ولا بأي شكل من الإشكال، وهي مجرد إضاعة للوقت فقط لا غير بسبب الأموال التي جلبوها معلنون صراحة عن تحويل قطاع غزة إلي إمارة خاصة بهم ولن يسمحوا لغيرهم بمشاركتهم الحكم حتى لو كان ذلك علي حساب شعبهم لا يهم ذلك. إن قادة قوي الظلام والاستبداد بغزة استنجدت بعناصرها من أول يوم ليقتلوا الآمنين من شعب قطاع غزة وليتصدوا للمظاهرات السلمية التي طالبت بإنهاء الانقسام،.. وعلى مدار شهر كامل شن هذا النظام البائد حربه على كل المدن والمخيمات الفلسطينية في قطاع غزة شرقا وغربا، يقتل ويرتكب المجازر ولا أحد يستطيع أن يوقفه أو لا أحد يريد أن يوقفه، وأعطوه الفرصة كاملة لكي ينهي سير الأحداث لصالحه. بعد هذا كله، هل كان ينبغي أن نترك يا سادة قطاع غزة يبيد هذا النظام ويدمر المدن والمخيمات ويقضي على كل شيء له علاقة بالحياة وبحركة فتح كما أعلن هو؟.. هل كان لا بد أن يترك يعربد ويتأله ويفعل ما لا يفعله العدو بعدوه؟ إننا نقول بوضوح، إن هذا النظام طاغوت ولا فرق بين طاغوت وطاغوت، وقد ارتكب من الأفعال ما يوجب متابعته .. ولكننا أيضا نقول بوضوح شديد يكفي ما قامت به أجهزة أمن هذا النظام ولا نقبل بمزيد .. نحن نعرف أن جميع الأسلحة التي استخدمت في قتل أبناء شعبنا في عام2006 مدفوعة الأجر من قبل قطر و دمشق وإيران .. ولكننا نرى أن الأمور يمكن أن تخرج عن سياقها المعلن .. إن الشك كبير في هذه الأثناء في تحول الهدف المعلن عن مساره. ومن هنا بالضبط فإن المطلوب مبادرة عربية واضحة وقوية لا سيما من دول الجوار لأخذ الأمر بجدية، للضغط علي قوي الانقلاب في غزة للبدء الفوري بتطبيق المصالحة لمنع انهيار الأوضاع في المنطقة برمتها .. والعرب قادرون على ضبط المصالحة رغم انف قوى الظلام والاستبداد في هذه اللحظات وبسرعة، وتسليم الأمر للشعب الفلسطيني ليقرر مصيره ويتخذ خطواته في طبيعة النظام الذي يريده. لا ينبغي دفن الرأس في الرمال .. إن ما يجري في الأراضي الفلسطينية سيكون له الأثر على الإقليم وعلى سير الثورات الشعبية في البلدان العربية، وهنا أصبح التحرك العربي ضرورة لها علاقة بالأمن القومي العربي ومستقبل بلداننا وسيادتها، فهل نستدرك ما فات. اشك في ذلك وأتمنى لو يكذب ظني الحكام ويفعلوها لمرة واحدة ويخرجونا من تحت نار عملاء شعوبنا الذين ينفذون مخططات إجرامية بأسماء عديدة ومعددة .
saher_1977@windowslive.com
saher_1977@windowslive.com