بتزامن مع الجريمة الإسرائيلية... ممارسات استفزازية في غزة تستدعي وقفة جادة- د.محمود خلوف*
كثيرة هي الأنباء المفزعة والمزعجة التي تابعها الفرد على مدار الساعات ألـ48 الماضية على الصعيدين المحلي والدولي، في ظل العدوان الدموي على غزة، واستمرار سفك الدماء في سوريا، وفي خضم هذا الزخم الإعلامي كانت تتوارد أنباء مؤسفة من غزة تتحدث عن أحداث مقلقة ليست متصلة بالجريمة الإسرائيلية النكراء.
ما لفت انتباهي كمراقب للمشهد الفلسطيني قيام عناصر حماس المسلحة بملاحقة كوادر ونشطاء من أبناء فتح، وزجهم في السجون في وقت قد تكون فيه المقرات الأمنية أو السجون أهدافا لصواريخ الاحتلال الذي عرفناه جيدا بفقدانه للضمير الإنساني، فهو كثيرا ما وجه صواريخ غدره تجاه مقار أمنية ومدنية فلسطينية، وتجربة شعبنا في الضفة الغربية وغزة حافلة بانتهاكات من هذا النوع.
يوم العاشر من آذار/ مارس تابعت وآخرون قيام عناصر حماس بعمليات اعتقال واستجواب لعدد من كوادر فتح في مختلف محافظات غزة، فيما كانت طائرات الاحتلال الحربية تغتال المناضلين والأبطال في مختلف محافظات القطاع الصامد، وها هو النهج نفسه يتواصل ففي اليوم الثاني واصلت حماس نفس الأسلوب وعلى سبيل المثال وليس للحصر اعتقلت القائد البارز في المقاومة جون مصلح، القيادي البارز في كتائب شهداء الأقصى على معبر رفح خلال عودته إلى غزة بعد رحيل اضطراري إلى الخارج...فلم يغفر له لا تاريخه النضالي الطويل في سجون الاحتلال ولا عمله الميداني إلى جانب أبناء "القسام" و"السرايا" و"كتائب الشهيد ابو علي مصطفى"..
لم تكتف حماس بتنفيذ اعتقالات بين صفوف فتح فقط، وتزامن ذلك مع مواصلة حملتها الإعلامية على حركة فتح وفصائل أخرى، من خلال توزيع الاتهامات بشأن تأخير تشكيل الحكومة الفلسطينية بموجب إعلان الدوحة.
ومن حق أي فلسطيني يتابع المشهد الميداني والسياسي بأن يسجل ملاحظات بهذا الخصوص على تصريحات صدرت من قيادات في حركة حماس، فعضو المكتب السياسي محمود الزهار برر معارضته لاتفاق الدوحة بإدعائه من الخوف بأن تكون الحكومة المشكلة برئاسة الرئيس أبو مازن إلى الأبد، مع أن الرئيس أوضح في مقابلة مع قناة الجزيرة بأنه من السهل أن يتنازل عن منصب رئيس الوزراء الذي لم يكن مقترحه، بل كانت فكرة قطرية قبلتها حماس أولا، وأنه قبل بها لإعطاء موضوع المصالحة دفعة إلى الأمام.
أعجبني تعليق أحد المواطنين البسطاء، ممن اكتووا بنار الانقسام عندما رد على كلام الزهار مستنكرا بقوله: حكومة إلى الأبد، أفضل من انقسام إلى الأبد...مع أن الواقع سيجبر الجميع على الذهاب للانتخابات عاجلا أم آجلا.
أما فيما يخص الحملة الشرسة التي يشنها صلاح البردويل على حركة فتح منذ حوالي شهر، وهي نتاج لرفضه لإعلان الدوحة، فأسجل بأنه صرح في السادس والعشرين من الشهر الماضي بأن تشكيل الحكومة جاء بطلب من الرئيس أبو مازن، ليأتي قبل يومين ويقول بأن الأمر تم بالتوافق بين فتح وحماس، ...ويكفي بأن يتذكر الفرد المثل الشائع الذي يقول: حبل الكذب قصير،..والحقيقة لا تغطى بغربال، فمن يريد تقييم المواقف ليعود للتصريحات الصادرة من قادة حماس في غزة على مدار الأسابيع الثلاثة الأخيرة ليرى العجب العجاب.
إن القهر أدخلني تلقائيا للخوض بهذه الأمور في وقت يعاني فيه شعبنا القتل والحصار في غزة، والتهويد والحصار والاستيطان والاعتقالات في الضفة الغربية، لكن من المهم بأن يبقى الفلسطيني ناقدا لواقعه، ومنتقدا للسياسات في بلده على أمل بأن يرى المشهد مختلفا على الأقل في العلاقات الداخلية بين الفصائل والقوى وبالذات في مثل هذه الظروف، لأن التحديات، تتطلب وقف المزاودات، وتغليب المصالح العليل لشعبنا، والتفكير جديا والعمل بروح الفريق للتقليل من آثار العدوان، والعمل على فضح الجرائم الخطيرة التي تطال الكل الفلسطيني.
كاتب وصحفي فلسطيني*