نحن وحنون فلسطين ننحني للشهيد محجوب عمر- د . احمد العزم
على مقربة من ذكرى معركة الكرامة، وقبل نيسان الشهداء، انتقل إلى رحمة الله، المناضل العربي الكبير، الطبيب، المفكر، المترجم، الكاتب، والقائد الميداني، وقدوة المناضلين المثقفين المقاتلين الدكتور محجوب عمر "رؤوف نظمي عبد الملك".
في رثائه أحنى رأسي كثيراً، وأتذكر كيف خفق القلب بألم، يوم استشهاد خليل الوزير. ولكني الآن أشعر بألم شخصي إضافي لأني لم أقم بما يكفي لمعرفة إرث هذا المناضل كما يجب. ولم أكتب في حياته.
محجوب عمر هو الإسم الذي اختاره الدكتور رؤوف نظمي لنفسه في نضاله ضمن صفوف حركة التحرير الفلسطيني ( فتح ) منذ التحاقه بها بتاريخ 21/5/1969.
(وفي مصادر أخرى) منذ العام 1967، هو طبيب، قبطي مصري من الصعيد، كان عضوا في الحزب الشيوعي المصري، عرفه سجن أبو زعبل قبل انتقاله لثورة فلسطين. عرفه جنوب الأردن مقاتلا ومسؤلا في المقاومة، وعرفه مستشفى الأشرفية، في عمّان، طبيبا يداوي الجرحى والمرضى، ويكتب عنهم لاحقا نصوصا إنسانية رهيفة.
عمل في لبنان في مركز التخطيط، وكان مقربا من أبو جهاد وأبو عمّار، وترجم إلى العربية كتب عالمية مهمة في علم الثورة وتجارب النضال.
عرفته جبهات القتال من مختلف الحدود التي شهدت قتالا، الأردن، ولبنان، وغزة. وعرفته أرض غزة، وهو يذهب إليها بعد اتفاقيات أوسلو. عرفه سجن أبو زعبل في مصر، قبل انتقاله لثورة فلسطين، ثم يعود لمصر قبيل ثورتها الأخيرة.
في كتاب د. شفيق الغبرا الأخير "حياة غير آمنة" مشاهد عن د. محجوب، وهو يتنقل بين مكاتب التخطيط والبحث في بيروت إلى المعسكرات والخنادق على خطوط المواجهة في جنوب لبنان، وهو يأخذ بيد المقاتلين الشبان، خصوصا المثقفين المتعلمين، ويشرف على تدريبهم وإعدادهم.
ساهم في كتاب خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974، وساهم في صياغة برنامج الدولة الديمقراطية المدنية على كل فلسطين الذي تبنته فتح آخر الستينيات.
هذه الثورة مظلومة ومغدورة. مظلومة بأن كثير من الناس الناس، أصحاب التضحيات والمساهمات لا نعرفه تماما، ومظلومة ومغدورة بأنّ العفن الذي جسده البعض طفا على السطح، وكون طبقة نتنة، ولكن في العمق لا زال هناك قلوب وعقول، لا تبدل تبديلا.
لك حنون فلسطين، ولك قلوب الأطفال والشباب والسيدات والرجال وهم يقفون بوجه العدو… ولك في سفر فلسطين مكانك.