"وفا" ليست وكالة - عبد الحكيم صلاح
تهل علينا خلال الأيام المقبلة الذكرى الأربعون لتأسيس وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. هذه الذكرى لا نستطيع أن نمر عليها هكذا مرور الكرام، لما تحمله من معان كبيرة ورمزية لها علاقة تلازم مع مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية.
المجلس الوطني الذي انعقد في القاهرة عام 1972 وأقر تأسيس وكالة أنباء فلسطينية كمؤسسة تضاف إلى مؤسسات منظمة التحرير كان يدرك تماما أهمية هذا القرار وضرورة وجود مؤسسة إعلامية تكون مرآة للقضية الفلسطينية تعكس هموم الشعب وعذاباته وتطرح الرأي الفلسطيني بأدوات فلسطينية.
انطلقت وفا بكادر متواضع من الفدائيين وبإمكانيات بسيطة وخلال فترة قياسية نهضت وأصبحت مصدرا رئيسيا للمعلومة وللخبر الفلسطيني، ورافدا لوسائل الإعلام الفلسطينية كصوت فلسطين والنشرات والمجلات الفصائلية وفيما بعد مصدرا لوسائل الإعلام العربية والأجنبية.
استقطبت وفا خيرة الكفاءات الفلسطينية من مختلف التوجهات الفكرية وكذلك العربية التي التحقت بالثورة الفلسطينية أو ساندتها ما ساهم في النمو والتطور السريعين للمؤسسة على قاعدة الكفاءة والفكر الناضج والرؤية الواضحة الأمر الذي عزز من حضورها في الوسط الإعلامي العربي والدولي، وبدأت تخرج من عباءتها الفلسطينية لتنافس في المؤسسات الصحفية الإقليمية والدولية وكانت بحق الناقل الأمين لصوت فلسطين القضية.
لقد خرّجت وفا قيادات إعلامية وسياسية وثقافية وفي حالات يجمعون بين الصفات الثلاث يشار لها بالبنان منهم من تبوأ أرفع المناصب في المنظمات والاتحادات الإعلامية العربية والدولية وخرج منها الساسة والدبلوماسيون الذين ساهموا بتغيير الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية.
وفا اليوم ليست موقعا إخباريا بل هي نافذة نطل من خلالها على متحف الحركة الوطنية الفلسطينية الزاخر بنضالات شعبنا، جولة في أرشيفها المكتوب أو المصور يكفي الزائر ليعيش تفاصيل القضية بكل شجونها منذ البداية إلى يومنا هذا.
وفا هذه المؤسسة الوطنية المناضلة قدمت في مسيرتها الشهداء والجرحى وتؤدي رسالتها الوطنية بوفاء، تستحق منا الدعم والمساندة لتبقى كما بدأت مدرسة سياسية ثقافية يتتلمذ فيها شبابنا على العمل الإعلامي الملتزم ووقفة إجلال وإكبار لجيل الرواد ومن سار على دربهم.