في 20 آذار صادفت الذكرى الاولى لاستشهاد القائد يوسف اسماعيل العواودة" شعيب"
ذكراه العطرة تتجدد في القلوب...وسيرته النضالية منارة للثوار الرافضين للاحتلال الذي ما زال جاثما على ارضنا .
ولد يوسف اسماعيل العواودة "شعيب" في مدينة دورا في تاريخ 17/9/1948 ، وترعرع على احد جبالها وعاش طفولته يتنقل بين اشجار اللوز والتين والزيتون وكروم العنب، كان هادئ الطبع، يميل للجدية، سريع البديهة، خجول، يسمع اكثر مما يتكلم، يحب السرية، يقدر الصداقة. ان موقع البيت الذي عاش فيه اتاح له رؤية الساحل الفلسطيني المحتل ، فكان يشده منظر الغروب وهو يرى الشمس تهبط في احضان البحر الابيض المتوسط، ومنظر الاضواء التي تتلألأ ليلا منبعثة من مدن فلسطين التي احتلها الصهاينة عام 1948، وكأن شيئا يشده الى تلك البقعة من اراضي فلسطين منذ الطفولة، كان مسكونا بفلسطين رغم انه يسكنها، وكل همه كان مقاومة الاحتلال واسترجاع ما اغتصب من اراضي فلسطين، كان الاصغر في عائلة مكونة من اربعة بنات واربع اولاد والاب والام . تطور الحس الوطني عند" شعيب" بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أخذ يتبلور الحس الوطني عند "شعيب" ورغم صغر سنه الا انه لازم المذياع لسماع أخبار الفدائيين في بور سعيد والاسماعيلية، وكان يحرص على الالمام بأدق التفاصيل عن العمل الفدائي في مصر، وكان يأمل ان يقوم بعمليات مماثلة على اراضي فلسطين، وقد اختار له اسما حركيا وهو لا يزال في سن الثامنة، وفي بداية الستينيات انضم الى منظمة التحرير الفلسطينية، وكان اكثر ما يؤرقه آنذاك اعتداء الجيش الاسرائيلي المتكرر على القرى الامامية مثل السموع وبيت عواء، وفي عام 1966 القى الجيش الاردني القبض على " شعيب " ونبيل عمرو وحسن عبدالله العواودة وعشرة طلاب آخرين وارسلوا الى عمان وبعد محاكمتهم تم نقلهم الى سجن الزرقاء كي يقضوا محكوميتهم فيه، لكن عندما تأزم الوضع بين الدول العربية واسرائيل أطلق الاردن سراحهم جميعا في يوم 22/3/1967 ليستقبلوا حرب الايام الستة في 5/6/1967 وكان يتوقع اعتقاله هو ورفاقه من قبل جيش الاحتلال الصهيوني لان اسمائهم كانت مدرجة في الملفات الموجودة في العمارة سابقا والمقاطعة حاليا. دراسته: تلقى تعليمه الابتدائي والمرحلة الاعدادية في مدارس دورا، وكان عنده طموح بان يدرس في معهد حلوان الرياضي في مصر، لأنه كان من ضمن فريق رياضي في مدرسة دورا وقد حاز على العديد من الميداليات وكأس في مباريات كرة القدم. بعد احتلال الضفة الغربية تألم كثيرا على ما حل بالوطن والشعب، فخرج متوجها الى سوريا عبر الاردن وتلقى التدريب الازم مع جيش التحرير وعاد الى ارض الوطن مع بعض رفاقه عبر الجبال، وبدأ مسيرة العمل الفدائي، وتكوين الخلايا الفدائية على ارض الوطن، والتحق بمدرسة العروب الزراعية، وقد تعرض للفصل عدة مرات على يد مديرها بسبب نشاطه الوطني واستقطاب الطلاب، فكان يقوم بالعمليات الفدائية ليلا ويجلس على مقاعد الدراسة نهارا. وقد رد اللواء جبريل الرجوب على البعض في بيت عزاء الشهيد" شعيب " لقد تم تنظيمي من قبل " شعيب " لا تقولوا اني مديره، كلمة حق نطق بها اللواء الرجوب في زمن عز فيه قول الحقيقة، وستظل كلمة اللواء ناقوس يدق لكي يذكرنا بانه مازال يوجد رجال في زمن عز فيه الرجال، وزمن اصبح فيه تزييف تاريخ الثوار صنعة من يريد طمس الحقائق. . في تاريخ 26/1/1970 اصبح مطاردا الى قوات الاحتلال الصهيوني، وقد عملت اسرائيل المستحيل للنيل من " شعيب " لنوعية العمليات التي كان يقوم بها ضد الاحتلال، وقد اعلنت اسرائيل عن جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عنه او النيل منه، وقال: السيد محمد احمد عمرو ، وهو احد رفاق درب" شعيب " ( كان لا يهدأ، دائم الحراك، ويتمتع بحاسة سادسة انقذته من عدة محاولات لاغتياله وهو مطارد) . وقد نسف بيت والده من قبل جيش الاحتلال بعد "معركة الطبقة"، التي خسر فيها العدو خسائر لم يتوقعها لأنه اعد الكمين لاصطياد "شعيب" واصبح العدو هو الخسران. واستمرت المطاردة الا ان البعض استطاع ان يدس له شيئا ما في الطعام وهو مطارد، وقد اخبر اخته سارة بأن "فلان" احضر له طعاما، وبعدها لم يعرف ماذا حل به، وعندما صحي على نفسه وجد انه قد مر عليه ثلاث ايام دون ان يعرف ماذا حصل معه، ومنذ ذلك الوقت بدأ يظهر عليه اعراض مرض لا احد يعرف ما نوعه او سببه، وقد عانت والدته واخته سارة معاناة من شقين، مداهمات جيش الاحتلال لبيوتهن في كل لحظة للبحث عن " شعيب " ، ومتابعة العلاج الذي كان يصل اليهن لإعطائه الى "شعيب" والتساؤل الذي كان يتبادر الى اذهانهن عن المرض، وعن الدواء الذي يصل اليهن دون ان يرى الطبيب " شعيب" ، وبعد فترة من الزمن تمت السيطرة عليه واودع السجون الاسرائيلية ، وامضى فيها 14 عشر عاما ثم خرج مع صفقة تبادل الاسرى عام 1985 لأنه كان من ذوي الاحكام العالية، وقد رفض الخروج الى الاردن، واصر على البقاء في فلسطين، وبعد خروجه من السجن، كان جيش الاحتلال يذهب للتأكد من حالة " شعيب " بعد حدوث عمليات كانت مشابه في نوعيتها الى ما كان يقوم به " شعيب " من عمليات ضد الاحتلال. بعد دخول السلطة عام 1994 تم تصنيفه برتبة عقيد" على قوات ل 17 ، وبعدها تم تفريغه على الأمن الوقائي "جندي اول تحت التمرين" واخذ يتدرج في الرتب الى ان وصل رتبة رائد" قبل التقاعد، لم يتزوج ، عاش في بيته وحيدا بعد وفاة والدته استشهاده قد خرج من السجون الاسرائيلية وهو يعاني من مرض نفسي، وحسب تشخيص اسرائيل " انفصام شخصي" ولم يعالج من ذلك المرض على مدار 26 عاما بعد خروجه من سجون الاحتلال الصهيوني سوى فترة من الزمن بعدما تم تفريغه على الامن الوقائي، وعندما بدأ يتحسن وضعه النفسي اوقف الطبيب العلاج ، وعاد الى وضعه النفسي السابق ، وفي ليلة الخميس17/3/2011 حسب افادة بعض الجيران قالوا: بان قوة من الجيش الاسرائيلي امضت ليلتها حول بيت "شعيب" وبعد الساعة الخامسة صباحا انصرفوا، وعندما لاحظوا الجيران عدم ظهوره في البيت ظنوا ان جيش الاحتلال قد اعتقله ، ولم يعرفوا بانه نقل الى المستشفى بعد انصراف الجيش بعدة ساعات، وانتقل الى جوار ربه يوم الاحد 20/3/2011 في ظروف غامضة، وقد شيع جثمانه الطاهر في جنازة عسكرية الى مثواه الاخير في مدينة دورا. وفي كلمة تأبين القاها السيد عباس زكي قال فيها: كان قائدا عسكريا فذ، ومن مؤسسي الخلية الفدائية الاولى في جبال الخليل مع الرعيل الاول، عاش حياة مليئة بالبطولات والمواقف الوطنية، كان صامتا لكنه قلعة كبيرة في ساحات النضال والمعارك التي خاضها في جبال الخليل والتي اجبرت المحتلين ان يشهدوا له بالحنكة والعقلية القيادية والاقدام على التضحية بعد ان عاش مطاردا وأسيراً ذو عزيمة وكبرياء. وهذا مما كتب السيد يونس الرجوب...وقد ذيل المقال بتوقيع، تلميذك الوفي: يونس الرجوب .رحل شعيب البطل الوطني الرائع مؤسس الكفاح المسلح في جبل الخليل وقائد عسجد الاحرار في صدى الوديان ، وبقينا خلفه نجمع خيوط الحكاية لا بد أنه قال شيء قبل الرحيل او واصل صمته المقروء على صفحة الوجه الحين. من قال ان امثالك يرحلون فأنت انبلاج الفجر بعد المغيب وملح الارض وقمح الطيبين والخبز الحلال في اكف البسطاء الذين لم يعتدوا على ارزاق الآخرين ولم يفرطوا بالأمانة، ستبقى ايها الصديق معلم الفدائيين الخارج من مرقده في كل مساء بالدم والنار والبارود وغلال السهول الباقية والجبال العالية وليمون يافا وحور الخليل، سنبقى الرافضين هوامش التاريخ ونفير المقتحمين جوهر الحقيقة