الى أخي الأسير ... إبن أمي وأبي - عكرمة ثابت
في السادس من نيسان تحل ذكرى إعتقال شقيقي وإبن أمي وابي ، أخي الاسير مسلمة ( ابو ثابت ) الذي أعتقل عام 2003 بعد ملاحقة اسرائيلية له استمرت اكثر من سنتين وهو الان يقضي حكما بالسجن لمدة 25 عاما ، ومنذ إعتقاله وحتى الآن لا زالت سلطات الإحتلال الإسرائيلي تحرم غالبية افراد الأسره من زيارته بحجة المنع الامني وعدم وجود صلة قرابة !!!
امر مضحك مبكي أن لا نكون بنظر السجان الإسرائيلي وقوانين الإحتلال أقرباء بعد أن كنا طوال سنوات ما قبل الإعتقال اخوة اشقاء ، ولدنا من رحم امنا العفيفة المناضلة " سميرة الحافظ " وتربينا على مروءة وشهامة وثقافة والدنا المربي الفاضل المعروف الاستاذ" عبدالله ثابت " ... عشنا في كنف عائلة وطنية نهلت من معين العلم ما تيسر لها بإمتياز وشهرة مشهودة لها ... لنا جذر واصل " ثابت " وفروع ممتدة ما بين قريتنا المدمرة التي هجّرنا منها عام 1948 " البرير " الى قريتنا العامرة التي إحتضنتنا وتكاثرنا فيها " رامين " ... نحمل بطاقة لجوء وشهادة ميلاد وهوية وجوازسفر جميعها تثبت أننا من نفس اللحم والدم وصلة قرابتنا من الدرجة الأولى , اخوة وأبناء من ام واب معروفين لا زالا على قيد الحياة – اطال الله في عمرهما وحفظهما لنا .
تمر الذكرى العاشرة لإعتقال شقيقي فيما لا زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تحتجز معه المئات من الأخوة غير الاشقاء ، تآخينا معهم على المبدأ والفكرة والهدف وإن لم يجمعنا بطن الامومة الواحد فقد جمعتنا خنادق النضال والكفاح ووحدتنا قيود المعتقلات وزنازين السجون ... مئات من جهابذة الفتح الميامين أمثال القائد الكبير ابو القسام " مروان البرغوثي " والمناضل العنيد " ناصر عويص " والاخوة الأوفياء ماجد المصري وأحمد البرغوثي وحسام شاهين وناصر ابو حميد وياسر ابو بكر ومنصور شريم ومحمد ابو ربيعه والعشرات من المناضلين من الاسرى الحاضرين في عقولنا وقلوبنا ومن سبقهم في معركة الارادات والانتصار على ويل المعتقلات وظلمات السجون وفي مقدمتهم عميد الاسرى الاخ الصابر الصامد كريم يونس ... لهؤلاء التحية ولكل من معهم من الأسماء التي حفرت سيرتها على صخر الكبرياء الفلسطيني وفي سفر التاريخ الوطني لشعب وحيد في العالم لا زال يرزخ تحت ويل الاحتلال وبطشه ، كل التحية والوفاء والإحترام للاسيرات والاسرى الذين تحتل ذكرى إعتقالهم أجنداتنا السنوية وتلهب ذكرياتهم مسيرة عملنا اليومي في نيسان شهر الأسرى المميز وشهر اليوميات الفلسطينية الحافلة بالبذل والتضحيات ... نيسان المذابح والشهداء والمبعدين والجرحى والمعتقلين ... نيسان شهر العطاء الفلسطيني المتدفق دوما .
في ذكرى إعتقالك يا أخي الحبيب ، نستذكر بكل فخر وإعتزاز كل الابطال الذين حولك ومعك داخل الزنازين وخلف الجدران والقضبان ... نستذكر الرجال الأحرار الذين أحبوا الارض وعشقوا ترابها ... هؤلاء هم فخر أمتنا الذين كتبوا من سنوات عمرهم ومعاناتهم سيرة الصمود وسطروا بإراداتهم وسجاياهم وأمعائهم الخاوية ملحمة الصبر والانتصار على صلافة السجان وعذاب وقهر المعتقلات والسجون ... هؤلاء هم الجبابرة وعنوان الإرادة الحقيقية وهم السواعد القابضة على زناد الصبر لا تثنى عزائمهم ولا تنكسر ... نرفع رؤوسنا شامخة بكم يا أخي وببطولاتكم التي تثبتون بها أنكم جنرالات العصر ورواد الحرية والنصر وصناع المجد والكرامة لشعبكم وأمتكم العربية والإسلامية ... كل التحية لك ولكل أخواتك وأخوتك بالقيد والأسر .. كل التحية والإحترام لهناء الشلبي ولخضر عدنان ولكفاح حطاب ولكل اسيرة وأسير يجعل من معدته وأمعائه ترسا وطنيا يدافع به عن كرامة وعزة شعبه .
تأتي ذكرى إعتقالك وتمر ، وشعبكم الفلسطيني الحر لا زال يصارع المعانة اليومية ويقاوم بمسيراته السلمية سياسات التوسع والتهويد والإستيطان في ارضه المحاصرة والمستهدفة في القدس وغزة ونعلين وبلعين والنبي صالح وبورين وكفر قدوم والمعصرة وفي كل شبر داخل فلسطين المحتلة عام 1948 ... تمر ذكرى اعتقالكم يا عشاق نيسان ولا زالت الحواجز العسكرية الإسرائيلية تعسكر في كل مكان لتقطع الاوصال وتذل البشر والشجر وتنتهك ابسط المباديء في قوانين حقوق الانسان ... لا زالت عشرات الحواجز الإحتلالية قائمة لتغرس عنصريتها ووحشيتها في صدر الانسان والارض الفلسطينية وتحيل حياته الى سجن كبير تمنع فيه حرية الحركة والتنقل وتمارس بداخلة أعتى اساليب القهر والتعذيب .
تمر ذكراكم ويأتي يومكم – يوم الاسير – في نيسان ، ولا زال سجننا الكبير ماثلا قبالة سجونكم الموزعة بين الشمال والجنوب في أرضنا الفلسطينية المحتلة والمطعونة بخنجر التهويد والإستيطان .. فحكايتنا – ايها الصابر الثابت - لا تختلف كثيرا عن حكايتكم ومعاناتنا ليست اقل من معاناتكم وحلمنا كبير بحجم احلامكم ... نحلم مثلكم بالحرية والإستقلال والإنعتاق من الاحتلال وسياساته ... نواجه يوميا مثلكم صنوف التنكيل والتفتيش المهين ونتصدى لها بصدورنا العارية وإراداتنا العالية ... وفي كل خطوة نضالية سلمية نقوم بها نجابه مثلكم بوحشية الاحتلال وقمعه اللا إنساني بالرصاص الحي والمطاط وبقنابل الغاز المسيلة للدموع وبالضرب والتكسير وتسليط الكلاب المسعورة علينا ... حكايتنا يا أخي طويلة ومريرة تماما كما هي معاناتكم وسنوات سجنكم ... لكننا نؤمن مثلكم ونتعلم منكم بأن ليل القهر والظلم قصير وأن قيد الإعتقال والقضبان والأقفال لا بد يوما أن تنكسر وتتحطم .
لقد تعلمنا منكم يا أخي أننا : -
قد نجوع ونعرى ، لكننا لن نركع ...
قد نبكي ونتوجع ، لكننا لن نركع ...
نموت قطعا نتقطع ، لكننا أبدا لن نركع .
الحرية لأسرى الحرية ... المجد والخلود للشهداء ... الشفاء للجرحى ... العودة للمنفيين والمبعدين والمشردين ... الإستقلال والعزة لشعبنا الفلسطيني البطل .
إنتهى