يوميات من معركة الأسرى ( 4 ) ... - د. مازن صافي
اليوم الثامن من معركة الأمعاء الخاوية :
اتصل بي صدق صباح النور ، ليقول أنه يتابع يوميات الأسرى التي أسجلها التي أنشرها تباعا ، وأضاف أنه يترك لي سؤالا ، يود الإجابة عليه من خلال هذا المقال .. سؤال صديقي هو : " كيف يتحمل الأسرى معاناة إضرابهم مع سوء ظروفهم الاعتقالية أصلا والتي بموجبها تم البدء بالإضراب الشامل ..؟ " .
سؤال عميق جدا ويؤسس لوعي عن قضية الأسرى .. إن الاعتقال هو نعم من الظلم بل هو أقسى حالات الظلم .. والإنسان بطبعه يتأفف من الظلم وبالتالي يرفضه أي كان مصدره .. وبرأي أن الأسرى عانوا الفترة الأخيرة من ظلم كبير أرثر على نفسيتهم وأحوالهم .. هذا المشاعر طوّرت إمكانيات القدرة على خوض الإضراب .. أسرانا اليوم كتلة متلاحمة في مواجهة ادارة السجون .. لقد انتهت الخلافات الداخلية مع بدء لحظة الحقيقة ... مع العلم أن السلطات الاسرائيلية لا تكف أبدا عن محاولة إثارة كافة أنواع التصدعات والاختلافات بين الأسرى ..
اليوم الثامن الاحتلال يعمل على التجرد الكامل من الإنسانية ، و تضييق الخناق على الأسرى، ومحاولتها الدائمة لتجريدهم من ابسط حقوقهم ، والنقل إلى العزل والقمع الجسدي والنفي من سجن لآخر لغرض إرهاق الأسير واخضاعة لظروف قاهرة ،وبالمقابل يعمل أسرانا الصامدين على المقاومة بكل ما قدر الله لهم من عزم وإرادة .. إنهم يجاهدون الان جهادا طويلا ، يناضلون بوحدتهم و صبرهم وتحملهم الجوع والعطش والإيذاء الجسدي والنفسي ..
وتفيد الأنباء من سجن النقب الصحراوي أن ستة من الأسرى أعلنوا يوم ألأحد الماضي 22/ 4 دخولهم الإضراب المفتوح عن الطعام بعد أن أوصلوا رسالتهم لإدارة السجن بالمطالب التي من اجلها يخوضون الإضراب، وعلى الفور قامت إدارة السجن بقمعهم ونقلهم للعزل .. وفي سجن نفحة قامت الإدارة هناك يوم أمس بقطع الكهرباء والماء عن الأسرى المضربين، حيث يقبع في هذا السجن عدد من قيادات الإضراب .. وفي سجن عسقلان اقتحمت سلطات الاحتلال أقسام الأسرى المضربين ، وقامت بنقل ممثل المعتقل واحد قادة الإضراب الأسير ناصر ابو حميد الى عزل ايلاه في بئر السبع، وكذلك نقلت 17 أسير من عسقلان الى جهات غير معلومة ... ولقد أفادت أنباء من داخل السجون أن غالبية معتقلي قطاع غزة قد دخلوا في معركة الإضراب الشامل .. ولأن فلسطين واحدة بشعبها المعطاء ،فمن أسرى الأراضي المحتلة عام 1948 والبالغ عددهم 192 أسيرا، هناك 40 أسيرا دخلوا الإضراب المفتوح عن الطعام. ..
ولأن إسرائيل غير معنية بأي من حقوق الإنسان والطفل والاتفاقيات الدولية ، فإنها تقوم الان بتعذيب وإرهاب والتنكيل بـ الأسرى القاصرون في سجونها ، ونقص شديد ومتعمد في الحرامات والأغطية والمناشف واللوازم اليومية التي لم يعد الصليب الأحمر الدولي يوفرها للأسرى الأشبال ... مما أدى الى تدهور أوضاعهم الإنسانية والمعيشية .. جمع العلم أنه هناك ما يقارب 180 طفلا قاصرا ما يزالون في سجون الاحتلال موزعين بشكل أساسي في سجون مجدو وعوفر والشارون ، وهنا نتساءل أين منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي من كشف هذه الممارسات والإجرام بحق أسرانا .. لماذا لا يفرضوا على إسرائيل الانصياع التام للإرادة الدولية وإخضاع أسرانا الى العناية الطبية المطلوبة وفضح السياسات الاحتلالية الاعتقالية الإسرائيلية وإجباره على تلبية مطالب أسرانا كلها ..
ان الأخبار الواردة من السجون تفيد بأنه من المتوقع خلال هذا الأسبوع والأسبوع القادم أن يدخل كافة الأسرى في سجون الاحتلال في الإضراب المفتوح عن الطعام، فيما عدا المرضى و الأطفال و النساء .. ومن المتوقع أن تصل الأحوال الى كارثة ، هذا ان علمنا إنه منذ اليوم الأول لإضراب أسرانا البواسل الذي بدأ في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني بتاريخ 17/4/2012 قد تم سحب أغراض الأسرى الشخصية ومادة الملح ،و لم يبق لدى الأسرى أي شيء ، إلا إيمانهم المتين بالله عزوجل ، ثم إيمانهم بوعي شعبهم لقضيتهم والفعاليات والحراك اليومي الذي يتمنون أن يصل الى مرحلة تعينهم في معركتهم المصيرية ، معركة كل الشعب والأمة . معركة يعلن فيها كل أسير أنه شامخ كجبال فلسطين، وصلباً كصخورها، لم تنل من إرادته إجراءات السجان ولا عنجهية الاحتلال ، وأن قضبان السجن ،و زنازين العزل،و الجوع ، والتعب لن ثنيه عن قراره في استمرار الإضراب حتى تحقيق كل مطالب الحركة الأسيرة والتي يمكن حصرها من حيث الأهمية في :
إنهاء سياسة الاعتقال الإداري ،و إنهاء سياسة العزل الانفرادي ،و إعادة التعليم الجامعي والتوجيهي ، ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى،و السماح بالزيارات العائلية وخاصة لأسرى قطاع غزة،وتحسين العلاج الطبي للأسرى المرضى،و قف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز،و السماح بإدخال الكتب والصحف والمجالات،وقف العقوبات الفردية والجماعية بحق الأسرى .