يزيد الحويحي .... - د. مازن صافي
شخصية تحمل الصفات القيادية والإنسانية معا .. مجرد من الأنانية ، يحب جمال الحياة ، بسيط في مظاهره ، متواضع غير متكلف ، يحب الزهور والطبيعة والناس ، يتسم سلوكه بالحكمة والتفكير العميق ، قليل الكلام ، مفوه في وقت الحديث ، تشعر في أحاديثه أنك أمام إنسان يعرف أدق التفاصيل ، يتميز بنشاط متأجج وحس مرهف ، لا تغيب عنه روح الفكاهة بالرغم من صعوبة الحياة والمهمات الجسَّام الملقاة على عاتقه .. إنه الأخ الأسير المحرر المناضل يزيد عبد الرحمن الحويحي " ابو العبد " ، أمين سر اللجنة القيادية العليا في قطاع غزة .. يزيد الحويحي من مواليد 20 / 9 / 1962م وله 7 أبناء " عبد الرحمن ، دلال ، عطية ، أحمد وطلال وفادي ودارين " .. دارين البنت الأصغر طفلته التي أنكرته حين خرج من السجن قبل أشهر لأنه عندما تم اختطافه من منزله في بيت حانون بتاريخ 3-11-2006 أثناء اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة بيت حانون ، كان عمرها لا يزيد عن ثلاثة أسابيع .. وقضى في المعتقلات الإسرائيلية لمدة خمسة سنوات بعد أن حكمت عليه محكمة بئر السبع الاحتلالية بالسجن خمس سنوات بتهمة القيام بأعمال معادية للاحتلال الإسرائيلي . يزيد الحويحي ترأس مجلس كلية طلبة المجتمع العصرية في نفس العام الذي حدثت فيه مجازر صبرا وشاتيلا وفي نفس العام الذي تمت فيه أكبر عملية تبادل للأسرى في تاريخ الثورة الفلسطينية على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان واعتقال العشرات في معتقل أنصار في العام 1983 .. لقد التحق مبكرا بحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " وأصبح ملتزما بها ، وتولى مهام حركية وتنظيمية كثيرة جدا ، وقاد إقليم شمال قطاع غزة في حركة فتح لمدة تزيد عن عشر سنوات متواصلة ، حيث انتخب في أول مؤتمر تأسيسي للحركة وتم اختياره عضو في قيادة قطاع غزه .. وهو في عمر الشباب الواعي حيث كان عمره 25 عاما ، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي جسد فيها الشعب الفلسطيني بكل شرائحه مبادئ المقاومة الشعبية، واستطاع تحقيق أهداف وطنية بفضل قدرته على توفير مقومات الصمود من وعي سياسي وتنظيم أطره القيادية المناضلة إلى جانب قاعدة عريضة من التضامن والتكافل الاجتماعي .. هناك كان يزيد الحويحي من قيادات هذه الانتفاضة ومفكريها ومناضليها .. وأدركت إسرائيل خطورة هذا الشاب ونشاطه والالتفاف حوله فقامت باعتقاله في بداية انتفاضة الحجارة المباركة ، وحكمت عليه بالسجن لمدة 5 سنوات في معتقل النقب الصحراوي حيث كان أشهر شخصيه في داخل الأسر فقد كان موجه عام لكل قسم يكون فيه وممثل للمعتقلين أمام إدارة السجن الاحتلالي .. وبعد 24 عاما من الاعتقال الأول في الانتفاضة الأولى يعود الأخ يزيد الحويحي ليتصدر واجهة العمل التنظيمي في حركة فتح وبعد خمسة شهور من إطلاق سراحه بعد اعتقال دام خمس سنوات أيضا ليصبح قائد حركة فتح في قطاع غزة " امين سر اللجنة القيادية العليا " والتي تشكلت في مطلع شهر ابريل الماضي .. بعد أن قامت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في قطاع غزة بتعيين يزيد الحويحي أمينا لسر الحركة بالقطاع. قال وبوضوح أنه : " لم يسع للمنصب ولكن المنصب سعى إليه .. وأن المهمة التي أوكلت له في هذه الظروف الحساسة هي مغرم وليست مغنم ، وهي تكليف وليس تشريف ، وأنه كان يفضل أن يمنح شهورا على الأقل للراحة وفترة أطول يقضيها مع أسرته وطفلته الصغيرة دارين " ، ويضيف أنه سوف يدافع عن تاريخ الحركة ويعتبر نفسه جنديا فيها ولا تهمه المواقع أو المناصب ، وكونه ترأس اللجنة القيادية في غزة ، فسوف يعمل وبكل جهد وأمانة على إعادة اللحمة الوطنية، واستعادة المصالحة الوطنية، ومد جسور الثقة مع كافة الفصائل الوطنية، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس". ... رسائل واضحة المعاني والمعالم أراد الأخ يزيد الحويحي أن تصل مباشرة .. فهو انسان وحدوي فلسطيني قبل أن يكون فتحاوي .. وهو يؤمن ايمان قاطع بأن تحصين الجبهة الداخلية الفلسطينية، عامل مساند لاستعادة الحقوق الوطنية المسلوبة من الاحتلال، مشدداً في الوقت ذاته، على أن ذلك واجب وطني على كافة فصائل وقوى الشعب الفلسطيني، ومسئولية .. ولأنه يؤمن بأن الشعب الفلسطيني معطاء ومكافح وابهر العالم بنضالاته وتحديه للمحتل وانتفاضاته المتتالية فهو يقول : " كنا شركاء تحت القصف والحصار والمعاناة، فلماذا لا نكون شركاء في المحافظة على وطننا ووضعنا وقضيتنا " .. وعلى صعيد مهمته كأمين سر للجنة القيادية العليا يقول : " "سنفتح المجال أمام الجميع للعمل، كل حسب إمكانياته، وبما يخدم الحركة وأبناءها". وان حركة فتح في قطاع غزة ذاهبة اتجاه إعادة تنظيم وترتيب صفوفها في قطاع غزة، وتغيير النظرة التشاؤمية الموجودة لدى جميع كوادرها وأبنائها، مشدداً على "عدم وجود أي قرار لدى قيادتها الجديدة بإقصاء أحد من الحركة" .. ويضيف أمين سر اللجنة القيادية العليا أنه مطلوب منا أن نبني جسور ثقة مع الآخرين وأن نوسع دائرة علاقاتنا في قطاع غزة على أرضية وواقع يتماهى مع مصلحة قطاع غزة وفلسطين والقدس. وضمن البرنامج استنهاض الكادر المحبط والمستثنى، ولن يكون هناك فيتو على أحد. الفيتو الوحيد لمن يعمل خارج إطار الحركة. ويضيف أنه متفائل وهناك أشياء جديدة ستظهر للحركة خلال فترة ليست طويلة، فمن الممكن أن يحدث التغيير بعد ستة أشهر على الأقل بالمعنى وبالمفهوم، بمعنى أن الترهل الموجود سيتغير، مع تغيير السكون وتحريك الدماء في العروق. يزيد الحويحي رجل يؤمن بأن السلام لا يمكن ان يفرض فرضا على الشعوب ، فالشعب الفلسطيني محتلة ارض مسلوبة حقوقه ، يعاني من النكبة الأولى وحتى اليوم ، لهذا فنضال هذا الشعب مستمر حتى زوال الاحتلال .. ويقول : " أنا لم أحارب إسرائيل عشقا للدم او للاعتقال أنا قمت بواجبي الوطني من أجل الوصول للسلام ." .. مفهوم السلام عند يزيد هو مفهوم العدالة ، فمهما كان لدى إسرائيل من ترسانة عسكرية او ملايين من الطائرات والدبابات والجنود ، فهي لن تستطيع ان تفرض السلام أو تجعله يسود ، وحكومة إسرائيل تعرف طريق السلام وهي تتنصل من التزاماتها ومن الحقوق الفلسطينية وتتنكر من كل الاتفاقيات الدولية .. ومع ذلك فهو يفخر بان يكون ضمن منظومة الشعب الفلسطيني الباحث عن السلام الحقيقي المستند للشرعية الدولية الساعي لإقامة دولته المستقلة على حدود عام 67 بعاصمتها القدس الشريف .وهو ينطلق أيضا في نضاله من منطلق القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف والتي تنص على أنه من حقوق الشعوب التي تقع تحت الاحتلال أن تقاوم المحتل بشتى الوسائل المشروعة ومن ضمنها الكفاح المسلح ، لهذا فهو يقول : " سياسياً أنا غير مقتنع بحل المفاوضات كحل أوحد مع الاحتلال قائلاً فعشرين عاماً قضيناها في المفاوضات ونتيجتها لا شيء فلماذا لا نقول أن جميع الخيارات مفتوحة بما فيها الكفاح المسلح وهو الخيار الأوحد الذي قامت عليه الحركة في بداياتها فلماذا لا نؤسس رؤية جديدة في الحركة ونتلمس خطاً آخراً للدفاع عن تاريخنا". لهذا ولتاريخ هذا الرجل ولمواقفه الوطنية والحركية والوحدوية فقد شنت وسائل الإعلام الإسرائيلية " صحيفة معاريف الإسرائيلية " هجوما غير مسبق على حركة التحرير الوطني الفلسطيني ، متهمة حركة فتح أنها تستعيد بعد خمس سنوات من غيابها شخصية (إرهابية).. وتساءلت مصادر إسرائيلية عن الأهداف التي تسعى إليها حركة فتح ورئيسها محمود عباس من وراء تعيين "الحويحي" قائدا لفتح في قطاع غزة. وردا على هذا الهجوم الإعلامي الإسرائيلي فقد قال أكد يزيد الحويحي أمين سر حركة فتح في قطاع غزة على أنه ليس غريبا علينا ما تدعيه إسرائيل من خلال اعلامها بأن شعبنا الفلسطيني برمته "إرهابي" للتهرب من استحقاقات السلام، فقد اتهموا الشهيد عرفات سابقا وسمعنا تصريحات المتطرفين في حكومة نتنياهو ضد الاخ ابو مازن والقيادة الفلسطينية. وقال أنا لم أحارب إسرائيل عشقا للدم او للاعتقال أنا قمت بواجبي الوطني من أجل الوصول للسلام ،وقال هذا هو المنطق الإسرائيلي العنجهي الذي يحاول تصوير الضحية بالمعتدي وطالب السلام بالإرهابي ، في الوقت الذي تتهرب فيه من استحقاقات السلام . ولأنه الأسير المحرر والقريب من معاناة الأسر والنشط وصاحب المهمات الخاصة داخل المعتقلات أبان اعتقاله ، فقد قال في 14/4/2012 أنه يتوقع وبل متأكد من قيام الانتفاضة الأولى للأسرى والتي ستنطلق قريبا جدا خلال الأيام القادمة ،و بين أن الإضراب الشامل للأسرى سببه سوء الأوضاع الإنسانية للأسرى في السجن من سوء المعاملة ونقص الخدمات المقدمة من إدارة السجن سواء في التغذية او مواد النظافة،بالإضافة إلى أن هذا العام السادس لأسرى غزة الذين لم يسمح لذويهم بزيارتهم،والقضية الأهم هي تزايد ظاهرة العزل الانفرادي، مؤكدا أن الأمر بدأ بمبادرة فردية من بعض الأسرى ليتحول إلى ظاهرة تمرد من قبل الأسرى على إدارة السجن. يزيد الحويحي " أبو العبد " أمين سر اللجنة القيادية العليا لحركة فتح انسان ملتزم بقضيته وقيادته وعدالة الحق الفلسطيني في الدولة والسلام والحياة الكريمة وبناء المستقبل ، وهو يعتبر أن النسيج الفلسطيني واحد لا يمكن إلا أن يبقى واحدا خاليا من أي تمزق أو تلوث .. انه يحب الحياة الخالية من المنغصات ، يعمل بإستراتيجية أن الاحتلال هو العدو الأوحد وأن الخلافات الفلسطينية الفلسطينية وإن تعاظمت فهي خلافات البيت الواحد ، وأن البيت الفتحاوي يجب أن يستعيد عافيته وقوته وحضوره لأن فتح حركة تحرر وطني وهي بوصلة فلسطين إلى الحرية ، لهذا فليس غريبا أن تصفه إسرائيل بالإرهابي ، بينما هو لا ينكر حقه كفلسطيني في تحرير أرضه وفق الحق في الحياة والقوانين الدولية التي لا تنكر عليه مقاومته وحقه في الوصول إلى ذلك .
د. مازن صافي
Clove_yasmein@hotmail.com