شجرات المحافظ وتقصير المجلس....- نهاد الطويل
ما أن تنقضي الفعاليات والنشاطات والحركات " الإستعراضية " المصاحبة لإحياء المناسبات الوطنية،تنقضي وتنتهي معها كل التفاصيل وكل الجهود التي بذلت وصفق لها الجميع،واحتفى بها أمام عدسات الكاميرا والبهرجات التلفزيونية،ففي يوم الشجرة الذي ودعناه منذ أشهر وزرعنا فيه الملايين من الأِشجار فيما كلفت في المقابل الملايين من الدولارات كميزانيات لإحياء المناسبة في عشرات المدن والقرى الفلسطينية سيما التي تعاني من مصادرة اراضيها ويتذوق سكانها مرارة اعتداءات المستوطنون.
الحديث يدور عن زراعة مئات الأشجار حينها في قرية فرعتا إحدى قرىمحافظة قلقيلية،بينما تعاني القرية من مصادرة أراضيها الزراعية واعتداءات المستوطنون في بؤرة" جلعاد" وللأمانة العلمية فإن حضور ومشاركة العميد ربيح الخندقجي محافظ محافظة قلقيلية لإحياء يوم الشجرة في تلك القرية كان لافتا وكان مضيئا في ذلك اليوم،كما كانت مشاركة الفعاليات الشبابية والنسوية في القرية شاهدا للعيان،حيث بدا المشهد باعثا للأمل للفرح بالنسبة لأهالي القرية،التي استيقض شبابها وأطفالها حينها بحيوية ونشاط مفعم بالأمل لغد افضل.
وأذكر تماما تصريحات العميد الخندقجي حينما شدد في كل شجرة كان يراقب غرسها :"إلى أهمية المنطقة المستهدفة استيطانيا، وأبدى استعداد المحافظة لتقديم ما يمكن من اجل دعم صمود المواطنين ، وقال بأنه يجب غرس ثقافة الشجرة لدى الأبناء مشيرا إلى مشروع تخضير فلسطين ، مؤكدا على أهمية الاعتناء بالأشجار" .
ابدأ من حيث انتهيت عطوفة المحافظ لأبشرك" عذرا" بأن لا أحد اعتنى أو اهتم بعشرات الشجرات التي زرعناها سوية وغرستها مع أبناء محافظتك،فالشجرات اليوم أصبحن " يابسات من شدة العطشي" هذا ان كان لها بقية باقية بعد ان باتت تلك الشجرات " مسليات لغنمات الراعي " في نهاية كل يوم كان عائدا فيه الى منزله في القرية المجاورة ،فيما كان المواطن يتخيل مداخل القرية على امتداد مئات المترات كجنة خضراء بعد زراعة عشرات الأشجار ..؟؟
إذا "غنمات الراعي " يتحملن المسؤولية ..؟
في المقابل عشرات الملاحظات والدعوات التي وصلت للمجلس القروي في هذا الصدد لم تلق اذانا صاغية لتحمل المسؤولية إزاء شجرات كان يفترض ان تضيف شيئا الى القرية وان تشكل بذرة لصمود الأهالي كما اتفق الجميع حتى المجلس لم يكلف نقسه ويشغل امكانياته في حمايتها من غنمات الراعي أو سقايتها فجفت ويبست ..؟؟
اليس هذا جزء من الفساد الإداري الذي يتفشى بين ظهرانينا واعني هنا كمجالس محلية وقروية ،ولست بصدد شخصنة المواضيع فالأشخاص نحترمهم لكن السياسات إن وجدت اصلا قادت الى إفساد ابسط مشاريعنا " كزراعة عشرات الأشجار" في يوم الشجرة مع انها في نظري اعظم الإنجازات،نظرا لقدسية الشجرة في حياتنا الفلسطينية فالاحتلال لم يرحم حتى الشجر ...؟؟
اليوم أنا حزين كما العشرات من أهالي القرية وشبابها ونسائها لأن حلم " فرعتا الخضراء" التي تخيلناها بعد زراعة تلك الأشجار ذهب هباءا منثورا ... والسبب تقصير المجلس القروي و"غنمات الراعي" كما يقول الأهالي ..؟؟!!
عطوفة المحافظ أنقل لك مجددا شكر أهالي القرية واحسبك انسانا غيورا ومقاتلا وطنيا في موقعك كما أنقل لك احتجاجهم الصامت بعد أن أفشلت جهودكم وقتلت اشجاركم المزروعة .. !!
هذا المشهد يقودنا أن الكل مسؤول في موقعه ،وأن إنجاز القادة قد يقتله كسل وفشل سياسات "الصغار المسؤولين" كما هو الحال في بعض المجالس القروية ،التي تعاني من فساد إداري تمخض عنه أشكالا أخرى "للفساد فمن يتحمل المسؤولية ... إذا لم يتم متابعة تلك الإدارات والسياسات حتى في أبسط القضايا كما هو الحال في زراعة عشرات الأشجار في تلك القرية الوادعة وما اخفي أعظم ..!!