مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

انتخابات مصر بعين المرصاد "الاسرائيلي"- علي بدوان

اليوم يذهب ملايين المصريين الى مراكز الاقتراع، لاختيار رئيسهم الجديد، في أول انتخابات رئاسية مصرية بعد الثورة الناصرية، وفي ثاني انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر منذ استقلالها.
يذهب المصريون وبالملايين كما هو متوقع، الى انتخابات رئاسية حقيقية وشفافة وصحيحة منذ عقود طويلة، وقد توجوا انتفاضتهم وربيعهم بالوصول الى عنوان الانتخابات بالاختيار الحر والديمقراطي المسؤول لرئيسهم القادم بعد حراكات وخضات وهزات كبيرة وواسعة رافقت التحولات والأحداث التي وقعت في مصر منذ ما قبل الخامس والعشرين من يناير 2011 .
كما تأتي عملية انتخاب رئيس جديد لمصر في ظروف عصيبة بالنسبة لحال بلد عربي كبير تم تهميشه وتحييده عن مسار الأحداث في المنطقة قبل ثلاثة عقود ونيف، كما تم عملياً اخراجه من المعادلة الاقليمية وتحويله الى بلد جائع تحت رحمة (سلة القمح) الأميركية، وتحت رحمة المساعدات الخارجية ومنها المساعدات العسكرية بعد أن تم اعادة قولبة الجيش المصري وتغيير عقيدته القتالية.
مصر في العين «الاسرائيلية»
في هذه الأجواء والمناخات الحساسة والدقيقة، فان أنظار الدولة العبرية الصهيونية تترقب نتائج الحدث المصري بلهفة عالية مشوبة بالقلق الشديد والخوف والحذر. فمصر أم الدنيا واقعة في قلب منطقة مليئة بالصخب والضجيج، وليست جزيرة نائية في أصقاع المحيط الهادي. فما هي خلفيات الموقف «الاسرائيلي» وهذا القلق الذي يسود صناع القرار في «اسرائيل» ...؟
للاجابة عن السؤال الوارد أعلاه، نبدأ القول إن الناخبين المصريين يتوجهون الى مراكز الاقتراع، وفرائص «اسرائيل» ترتعد ليس خوفاً من فشل تجربة ديمقراطية رائدة لانتخابات رئاسية حرة في مصر أو فزعاً من امكانية حدوث انتكاسات أو تزوير في الانتخابات، بل هلعاً وخوفاً من نتائج ستكون على الأغلب منافية لما تريده «اسرائيل». فهي لاتريد رئيساً حراً لمصر يعيد الاعتبار لها ولدورها كدولة اقليمية ومقررة في المنطقة، بل تريده رئيساً يعيد انتاج ما سبق، وتريد تبديل طربوش بطربوش لا أكثر ولا أقل، متباكية على ايام العسل واللبن التي كانت تربطها مع الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي بكاه العديد من قادة «اسرائيل» ومنهم ذاك اليميني الليكودي بنيامين بن اليعازر (فؤاد) الذي اصدر كتاباً قبل فترة قصيرة أهدى مقدمته لحسني مبارك، مشيداً بدوره على صعيد العلاقات الرسمية المصرية ـ «الاسرئيلية» بالرغم من «السلام» البارد الذي كان ولا يزال يلف تلك العلاقات منذ معاهدة كامب ديفيد الموقعة عام 1979 .
وبالطبع فتلك الرغبة بالاتيان برئيس جديد وعلى قاعدة تبديل «طربوش بطربوش» من القماشة ذاتها، ليست رغبة «اسرائيلية» فقط، بل، هي رغبة أميركية وغربية نسبياً، فالولايات المتحدة تضغط عملياً، وتتدخل بالشأن الداخلي المصري عبر مختلف الوسائل، في محاولة لاسناد مرشح واخماد صوت مرشح، خصوصاً منهم المرشحين الاسلاميين، محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح، اضافة للمرشح القومي الناصري حمدين صباحي الذي يعلن ليل نهار نيته بإلغاء معاهدة كامب ديفيد حال فوزه بالرئاسة، منطلقاً أن المعاهدة اياها كبّلت مصر وأبعدتها عن محيطها القومي العربي وعن بيئتها الاسلامية.
ان الخوف «الاسرائيلي» الأساسي من تحولات الأحداث الجارية في مصر، ووصول الانتخابات الرئاسية الى نقطة النجاح وتتويجها برئيس جديد من طينة مغايرة لطينة من عايش وساير العلاقات مع «اسرائيل» وتطبَع بكامب ديفيد، يدفع قادة الدولة العبرية من سياسيين وأمنيين وعسكريين، لمراقبة الأجواء الجارية في مصر، مع وضع تصورات جديدة لما ستؤول اليه العلاقات المصرية ـ «الاسرائيلية» في المرحلة التالية من حياة المنطقة. وهو أمر دفع كذلك العديد من القادة العسكريين «الاسرائيليين» للحديث عن امكانية اعادة بناء القوات «الاسرائيلية» لتستوعب فتح جبهة جديدة في الجنوب (جنوب فلسطين المحتلة)، جبهة قد تصبح أمرا واقعاً على حد تعبير بعضهم.
ليبرمان والجبهة الجنوبية
الرعب «الاسرائيلي» يتأتى بالدرجة الأولى من خوف الكيان الصهيوني على مستقبل علاقاته مع مصر، هذه العلاقات التي اسست لها وبنتها معاهدة كامب ديفيد الجائرة التي وقعها أنور السادات مع مناحيم بيغن عام 1979برعاية وادارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. كما يتأتى الخوف «الاسرائيلي» من امكانية عودة مصر لدورها الطبيعي في المنطقة مقروناً بقوة حضورها الجغرافي والبشري (الديمغرافي) والتاريخي، وبقوة تأثيرها المتوقع على مسار الأحداث خصوصاً على القضية الفلسطينية.
فـ «اسرائيل» تدرك في قرارة ذاتها، ويدرك عتاة السياسيين والأمنيين والعسكر فيها، أن التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر لن يكون لصالحها، وأن انتخاب رئيس جديد لمصر بطريقة ديمقراطية نزيهة، سيعلي من صوت الشعب المصري، وصوت الشارع الرافض لمعاهدة كامب ديفيد والرافض لأي شكل من أشكال العلاقة مع «اسرائيل» باعتبارها العدو التاريخي لمصر ولعموم شعوب المنطقة.
فانتخاب رئيس جديد لمصر في بيئة ديمقراطية حقيقية سيأتي بالتأكيد منسجماً مع صوت الشارع وصوت الناس على امتداد أرض مصر، هؤلاء الناس التواقين لعودة مصر لموقعها الطبيعي في المنطقة ولدورها المنتظر في اسناد الكفاح الوطني التحرري العادل للشعب الفلسطيني، وفي مواجهة سياسات «اسرائيل» في عموم المنطقة.
في هذا السياق، وقبل أسبوعين، كشفت صحيفة معاريف «الاسرائيلية» النقاب عن قيام وزير الخارجية «الإسرائيلي» الفاشي المتطرف أفيغدور ليبرمان، بتوجيه رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، اعتبر فيها أن الأوضاع في مصر تشكل مصدر خطر استراتيجي على «إسرائيل»، مطالباً باتخاذ ما أسماه «قرار سياسي شجاع» بإعادة بناء القيادة العسكرية «الاسرائيلية على الجبهة الجنوبية مع مصر، وتحشيد قوة عسكرية بواقع فيلق مؤلف من اربعة ألوية عسكرية مجهزة، ورصد الميزانيات والامكانات اللازمة على ضوء أي سيناريو قادم.
ان معنى طلب أفيغدور ليبرمان المشار اليه عميق في دلالاته، ويؤشر على مدى ما تراه «اسرائيل» بالنسبة لـ (مصر الشعب والأرض والتاريخ) التي تبقى عدوة لها بكل الظروف، فالنظم تنهار، والشعوب تبقى، والاتفاقيات والمعاهدات الظالمة تسقط في النهاية وتجرفها حركة التاريخ، لكن الشعوب تبقى وقوة الحق لايكسرها حق القوة.
امكانية تشتت الأصوات
وبالنتيجة، يذهب المصريون الى العملية الانتخابية لانتخاب رئيس للبلاد، في ظل تعدد الخيارات أمامهم بمرشحين كثر، في قائمة واسعة نسبياً، وفي مجال واسع للاختيار أمام عامة الناس في مصر، الذين عليهم تقع مسؤولية الاختيار الحر والديمقراطية المدروس لأي من المرشحين، وهذه الخيارات المتعددة أمام الناس لا يريح «اسرائيل» ولا الولايات المتحدة، فالولايات المتحدة و «اسرائيل» تمنتا أن تكون اسماء المرشحين محصورة بلون واحد تقريباً هو اللون السياسي التقليدي الأقرب او القريب من قماشة النظام السابق دون نزول للاسلاميين أو لأي مرشح قومي.
وفي هذا المقام، فإن الأخوة في حركة الأخوان المسلمين في مصر وفي حزب العدالة والتنمية، مطالبون بالتمسك بالمواقف والثوابت المبدئية التي كانت تشكّل أساساً في نهجهم تجاه مسائل كامب ديفيد والتطبيع وغيره، دون الرضوخ لمنطق الأثمان المطلوبة الذي يطالب به الغرب والولايات المتحدة لقاء الاعتراف بهم وبدورهم في مصر. وأن يرفع راية رفض التطبيع في المرحلة الانتقالية، وترجمة ذلك على أرض الواقع.
في هذا السياق، يتوقع أن ترافق العملية الانتخابية حالة من تشتيت للأصوات بسبب وجود أكثر من مرشح اسلامي، وان كانت حظوظ عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي وحتى حمدين صباحي عالية كما تشي مختلف المؤشرات الآتية من مصر، وهذا ما كان يملي على تلك القوى التنسيق فيما بينها أو وقف المشاغبة على بعضها البعض. فتشتيت الأصوات ان حصل (ويتوقع أن يحصل) سيصب بكل تأكيد في رصيد مرشحي الأحزاب والقوى المحسوبة على بقايا ومرشحي الحزب الوطني (حزب حسني مبارك) والأطر التقليدية، والتي لاتريد احداث تغييرات جوهرية في دور مصر الاقليمي والدولي ولا تريد أن تمس العلاقة مع «اسرائيل» أو وقف التطبيع معها.
ان تشتت أصوات جمهور المرشحين الاسلاميين سيصب لصالح المرشح عمرو موسى وغيره، وهو مرشح تحبذه النخب التقليدية في المجتمع المصري والأرستقراطية المدنية والحضرية، وبعض الأحزاب التقليدية أو الأطر المتناسلة من الحزب الوطني السابق الذي كان يقود البلاد في عهدي السادات ومبارك.
أخيراً، ومهما يكن من أمر الموقف «الاسرائيلي» من مسألة الانتخابات الرئاسية في مصر، فإن هذه الانتخابات تعتبر من أهم التطوارت السياسية في المرحلة الثالثة ما بعد رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، فالمرحلة الأولى كانت برحيله، والثانية بانتخابات البرلمان، والثالثة تتمثل في الانتخابات لرئاسة الجمهورية. فالانتخابات الرئاسية تطور مفصلي ستحسم بنتائجها عددا من القضايا ذات البعد الاستراتيجي المتعلق بمكانة ودور مصر، وبمسار العلاقات المصرية مع «اسرائيل» وهي علاقات كانت (متوترة وقلقة) على الدوام لأكثر من سبب بالرغم من سلام كامب ديفيد وسعي السادات ومبارك لتثبيت السلام اياه الذي ثبت بالملموس بأنه سلام وتصالح نُظم وليس سلام شعوب، ولا يفتح الطريق أمام تسوية حقيقية وتاريخية في الشرق الأوسط.
صحيفة الوطن القطرية

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024