عظماء للتاريخ- بهاء رحال
الشهداء يعودون في مواكب رسمية وشعبية مهيبة وقد خرجوا من سجنهم المؤقت الذي وضعتهم فيه دولة الاحتلال لسنوات طويله بعد استشهادهم لتستقبلهم الجماهير الفلسطينية بحفاوة وصراخ يهز المكان بالهتاف والتحية يقدمون لهم الوفاء والعرفان بانحناء لأرواحهم الطاهرة وقد عادوا بعدما أدوا المهمات المقدسة الموكلة اليهم بكل بسالة وشجاعة وتقدموا صفوف المعارك بكبرياء منذ البداية وقد كتبوا التاريخ بالدم، فهم المؤمنون بأن التاريخ الذي يكتب بغير الدم مزيف وجبان، وأن الشعوب التي لا تكتب تاريخها بالدم لا يمكن أن تتخلص من عبودية الاحتلال وظلامه ولا يمكن ان تنال حريتها وكرامتها.
الشهداء يعودون ليرقدوا بسلام آمنين على مسافة قريبة من أمنياتهم التي ضحوا من أجلها ودفعوا أرواحهم لأجل الوطن وكرامته والتخلص من الاحتلال، هنا على تراب وطنهم وأرضهم يعودون قريبا من القدس وعلى بُعد أمتار قليلة من ذويهم وأحبتهم، هنا لترقد أجسادهم مطمئنة وتحلق ارواحهم في فضاء حلمنا الذي ضاق بفعل الانقسام علّهم يعيدوننا الى الطريق الصحيح، وعلّهم يدفعوننا نحو المصالحة بلا تردد وبلا تراجع لتتضافر جهود المتخاصمين ويصححوا طريق الانفصال نحو الوحدة والعودة الى طريق المصالحة الحقيقي دون زيف أو خداع.
الشهداء يبتسمون في لحظة لقاء ذويهم وأحبتهم وجماهير شعبهم وهم يعودون في كفن، يعودون من بين التراب ومن خلف متاريس العدم، متاريس الحقد التي وضعهم فيها الاحتلال ليصنع مجداً له على أشلائهم لتزيد اسطورة جيش الاحتلال الكاذبة وتتعاظم سطوتها وظلمها وفاشيتها ويصير جند الاحتلال ابطالاً فوق أشلاء الشهداء.
الشهداء يعودون، الشهداء لا يموتون بل يصعدون الى السماء ليحرسوا احلامنا وتحلق أرواحهم في فضاء الوطن فهم المؤتمنون الوحيدون على القضية التي ضحوا بأرواحهم لأجلها وعلى التراب المقدس الذي خضب ثراه بدمائهم الزكية.