صديق الشعب الفلسطيني... وداعاً- نايف حواتمة*
رحل الصديق الكبير السياسي والدبلوماسي اللبناني والعربي غسان تويني..
رحل فيلسوف الصحافة اللبنانية وعميدها وأحد فرسانها الذي كان مدرسة في السياسة والاعلام والصحافة، مدرسة في الفكر الحضاري المتنور، مدرسة في الاخلاق والقيم الانسانية النبيلة.
رحلت بصمت كواحد من عظماء أمتنا الشامخين الذين تركوا بصمة كبيرة في سماء الفكر والادب. برحيلك أيها الصديق الكبير نفقد ويفقد شعب لبنان والصحافة عموما اللبنانية والعريبة واحدا من أبرز روادها، بعد رحلة متواصلة في بلاط صاحبة الجلالة امتدت لأكثر من نصف قرن عايشت خلالها جميع المحن التي شهدتها منطقتنا والقضية الفلسطينية وشهدها لبنان بشكل خاص، تلك التجارب التي أصقلت تجربتك السياسية والدبلوماسية المقترنة بتجربة انسانية استطعت التغلب عليها والاستفادة منها.. فكنت عن حق كبير الرجال.
كنت واحدا من قلائل تحدوا الواقع المرير، وصمدوا بشجاعة قلَّ نظيرها امام الطوفان، وواصلت رحلتك مع المعاناة ومع الكتابة والسياسة، فلم تعلن الاستسلام يوما ولم تتعب، وتسلحت بايمان قوي وارادة صلبة جعلتك تقاوم وتقاوم حتى لحظتك الاخيرة.
بنيت للصحافة اللبنانية مجدها وصنعت ألق كلمتها وأعطيت لفكرها نبل المعاني الانسانية. رحلت يا صانع الرؤساء والعهود والسياسات في زمن مجد لبنان، وفي الاحداث الكبيرة وزمن الكبار الكبار. عايشتك يا غسان في أصعب فترات نضالنا... وعرفناك صديقا ونصيرا لشعبنا وقضيته.. عرفناك انسانا ومناضلا.. سياسيا ومفكرا ملتزما قضايا شعبه وأمته.
تفتقدك القضية الفلسطينية اليوم.. كما يفتقدك الشعب الفلسطيني الذي عرفك مدافعا صلبا عن قضيته وحقوقه الوطنية.. ولم ينس انه في عهدك، كسفير لبنان في الامم المتحدة، شهدت القضية الفلسطينية فترات ازدهارها ونال شعبنا اعترافات دول العالم.. فصدرت القرارات الدولية التي دائما ما توصف بـ"شرعة حقوق الشعب الفلسطيني التي ما زالت تشكل نبراسا وعنوان نضالنا حتى هذه اللحظة.. اضافة الى دورك المشهود في صناعة القرار 425 الذي شكل منعة للبنان ومقاومته.. وكنت واحدا من المساهمين في تظهير وتقديم الحقوق العربية والفلسطينية الى العالم.
فباسمي وباسم شعبنا الفلسطيني وعموم قادة وكوادر ومناضلي الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، نتقدم من عائلة الراحل والصديق غسان تويني ومن الشعب اللبناني الشقيق ومجتمع الصحافة والاعلام باحر العزاء.
عزاؤنا يا غسان ان "ديك النهار": سيبقى كما كان.. متيقظا.. شامخا كشموخ الارز.. لا تهزه الاعاصير ولا تنال منه الصعاب.. عزاؤنا انك ستبقى معنا دائما.. لأن الكبار لا يموتون، فهم حاضرون في وجدان أمتهم.. حاضرون بكتاباتهم.. بمآثرهم.. بجيل من الشباب الذين سيحملون ويحفظون ارث غسان تويني.. الى الأبد.
فوداعا أيها الصديق الكبير
صديق الشعب الفلسطيني.. المدافع عن حقوقه في السياسة والصحافة والاعلام.
الخلود للراحل الكبير والعزاء لعائلته ومحبيه وأسرة النهار وأسرته في المجالين الصحافي والاعلامي.
*الامين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين