الأخوان في عربة الأمريكان!!! - نبيل عبد الرؤوف البطراوي
قد يستغرب البعض حالة الدفع من قبل الإدارة الأمريكية المجلس العسكري المصري لتسليم السلطة بشكل سريع إلى الأخوان ,والذين عملت أمريكيا منذ سنوات على تقوية شوكتهم من خلال حالة التشويه المستمرة التي مارستها أمريكيا بشكل خاص وإسرائيل ضد النظام العربي الرسمي والذي أمضى السنوات الطوال في خدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية بشكل خاص ,فما السر في هذه العجلة في عملية التسليم ؟وفي الإقرار بالحضور على الساحة الفلسطينية ,والدعوات من أوساط الأحزاب الإسرائيلية الحكومية بضرورة الحوار مع غزة ؟أو بالأحرى مع حركة حماس؟ لماذا القوى الليبرالية والنظام العربي المتهاوي ينتقد التعامل مع الأمريكيان وإسرائيل بعد هذه السنوات من الغرق في أحضان هؤلاء؟ومن يتحمل نتيجة هذا التهاوي لنظام العربي الرسمي سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد الشعبي؟ بالطبع الجميع يعلم أن العمر الزمني لحركة الإخوان المسلمين لا يقل عن الثمانين عاما أي قبل ثورة الضباط الأحرار بعشرين عاما تقريبا وفي هذه الفترة كانت تعيش مصر حالة من الظلم والقهر والاستعمار والاستغلال لكل مواردها بشكل غير يطاق ناهيك عن عملية الإهدار للحقوق القومية في ظل سيطرة حكومات كانت موالية للقصر والاستعمار ,ولم تكن هذه الحركة بعيدة عن حالة التناغم والتجلي مع هذه الحكومات لأنها تعتبر دعوتها دعوة غير قطرية من باب البعد عن الصدام مع القصر ,ولكن حين تمكن الضباط الأحرار من الثورة وطرد الملك أراد هؤلاء السيطرة على الثورة وسرقتها بنفس ما يراد اليوم في مصر ,حيث كانوا جزءا من النظام السابق من خلال الوجود في مجلس الشعب كدليل على ديمقراطية النظام السابق مع موافقتهم الصريحة على مبدأ التوريث الذي كان يطرحه النظام السابق ,وبعد الثورة نلحظ حالة الهلع والجموح من قبل هذه الفئة على السيطرة على الثورة ,ليس من خلال الاعتماد على شراء حالة العوز والفقر التي يعاني منها الشعب ,ولكن من خلال التنسيق مع من كانت تتشدق هذه القوى بحالة العداء لهم وهم (أمريكيا وإسرائيل )حيث أن هذه القوى الخارجية تعبر السند الحقيقي اليوم من أجل تأمين وصول هؤلاء إلى السلطة , لأن وصول احد المحسوبين على القوى الوطنية وممن عايشوا النظام السابق سوف يعين بناء العلاقات مع أمريكيا وإسرائيل على أسس وطنية وعلا مصالح متبادلة وعلى قواعد لعبة جديدة ,فلم تعد أمريكيا للقوى الليبرالية العربية هي السند الحقيقي بل السند الحقيقي يكمن في الاعتماد على الجماهير التي تم إغفالها سنوات طوال , فإذا كانت جماهير ميدان التحرير اليوم جماهير تخرج بحكم أطر حزبية وتنظيمية فان الجماهير التي خرجت بعد ثورة 23/يوليو 1952م لم تكن ألا جماهير أمنت بأن هؤلاء الشباب وهذه القيادة تمثل حلم الأمة ,حلم تحرير الفلاح ,حلم تحرير الصناعة ,حلم تأميم قناة السويس ,حلم تحرير رغيف الخبز, نعم وتمكن هؤلاء الثوار من جلب الجماهير في الوطن العربي أجمع حولهم لسنوات طوال رغم ما أصاب الأمة من نكسات نتيجة لحجم المؤامرة التي كانت تحاك ضد هذه الصحوة القومية العربية من قبل الاستعمار وأعوانه في الداخل ,وقد أستمر الالتفاف الجماهيري حول هذه الفئة إلى أن كان الشرخ في الجسم العربي بشكل عام حينما قام الرئيس السابق أنور السادات بزيارة القدس وعقد الصلح المنفرد مع الصهاينة ,وهنا بدا الانسلاخ الجماهيري عن القيادة المصرية التي لم تعد قيادة شعبية تحظى بمحبة الجماهير وبالدعم الشعبي . فلم يغادر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي بكته جماهير الأمة العربية من المحيط إلى الخليج وأحد يتحدث عن المال العام ,ولا عن أبناءه ,ولا زوجته ,ولا عن عقارات ,ولا حسابات بنكية ,فلم يكن أبناءه يختلفون عن أي مواطن مصري مجد ومجتهد في الدراسة والتعيين ,ولم يكن لهم نفوذ خاص ,ولا معاملة ومجاملة خاصة ,وكذا أنور السادات فلم تخرج قصص المال العام ورجال الأعمال ألا حديثا في عهد الرئيس مبارك ,بالطبع من يقف خلف هذا هي الدوائر الأمريكية والرغبة في صنع طبقة العولمة ,ومبدأ زيادة الأغنياء غنى والفقراء فقرا . ولكن هل عدم الرغبة في الاستجابة للشهوة والرغبة الأمريكية تعني استنساخ النظام القديم؟ما هو المطلوب من شفيق لو فاز في الانتخابات؟ بكل تأكيد لا أحد مع استنساخ النظام القديم بكل توجهاته والجميع مع محاسبة كل أركان الفساد في النظام القديم إعادة كل مقدرات الشعب المصري وفتح أفاق واسعة للشباب المصري ليأخذ دوره في عملية البناء العمل على تحرير المواطن المصري من إرهاب الحاجة والجوع والتي قد تجعله أداة سهلة في يد الأحزاب الطفيلية الإصلاح الحقيقي في كل مؤسسات الدولة بحيث يتم بناء مصر الحديثة والتي هي رأس الحربة لبناء الأمة العربية العمل الجاد على الاعتماد على المقدرات الذاتية للبلاد وإعادة دور مصر العربي والإفريقي والدولي كل هذه الأمور وغيرها تعيد الثقة بالذات الوطنية التي أضاعتها الأنانيات الفردية من قبل فئات لبست ثوب الوطنية لزمان طويل ,ليس في الساحة المصرية فقط بل في ساحات عربية كثيرة فهل يكون هذا؟ويخرج المراهن على الأمريكان صفر اليدين؟؟