"البؤساء"
الاحتلال يجلي اكثر من 40 عائلة من منازلهم بالقوة عشية البدء بتدريبات عسكرية واسعة شرق الضفة الغربية
جميل ضبابات
إلى أين؟. سألت الطفلة بصوت مرتجف. إلى... هناك وراء الشارع، أجاب الأب، قبل أن يضيف في لهجة حازمة: جاءت التعليمات من فوق!! وأشار إلى قمم جبال قريبة، تقع خلفها مرابض الدبابات.
رزان طفلة تبلغ من العمر( 9 سنوات) تحمل على ظهرها شقيقتها( بيسان 6) سنوات المصابة بشلل نصفي، بصعوبة تجاوزت أخدود صغير لنقل شقيقتها من المسكن الخيشي إلى الجرار الزراعي الذي يستعد لنقل العائلة.
وبسرعه يقوم محمد الزغير، برفع أطفال إلى جرار زراعي، لنقلهم من مكان سكنهم إلى مناطق أخرى، بعد ان أجلى الجيش الإسرائيلي عائلات بدوية بالقوة من مضاربهم عشية البدء بمناورات واسعة شرق الضفة الغربية.
سنقيم هناك" قال احد الاطفال الثمانية الذي حشروا في جرار زراعي فوق صفيح حديدي ساخن" هناك وراء الشارع".
مع حلول المساء، كانت عشرات العائلات البدوية، قد أتمت عملية الرحيل من مساكنها، في منطقة وادي المالح الى مناطق اخرى. كانت ساعة الصفر التي حددها الجيش للرحيل السادسة مساءً.
وامر الجيش الإسرائيلي برحيل نحو 40 عائلة عن مساكنها ليجري مناوارات عسكرية بالاسلحة الثقيلة في منطقة وادي المالح شمال الاغوار.
"جاء الجيش مرتين وقال ارحلوا. في الليل سمعنا اصوات قذائف من وراء الجبال". لحظة اعداد هذا التقرير كانت اصوات القذائف، بعد نحو 9 ساعات من الترحيل، تسمع من البلدات المجاورة على بعد اكثر من 10 كيلومترات.
وهو يدفع بالاطفال في اتجاه الجرار الزراعي يقول الزغير، ان الدبابات التي تشارك في العمليات التدريبيه لا تبعد كثيرا عن المنطقة.
في ساحة منازل الزغير واشقائه، ثمة نحو 30 نفر يستعدون للجلاء فورا. وفي مناطق اخرى قريبة امكن مشاهدة جرارات زراعية تنقل ايضا العائلات خارج المناطق التي امر الجيش برحيل سكانها.
وهذا الصيف الساخن، يشهد حملات تدريب واسعة في الاجزاء الشرقية من الضفة الغربية. وهنا في هذه المنطقة ذات التضاريس الصعبة، تقع معظم معسكرات ومهاجع الجيش الاسرائيلي.
المشهد حربي بالكامل: دبابات تأخذ اماكنها وجنود ينصبون خياما ومعدات عسكرية وسكان بؤساء يرحلون قسرا عن مساكنهم.
الغور المحاط بجبال صخرية من جهة الغرب، تلونها التربة النحاسية والرملية، تطوقه ايضا من ناحية الشرق نقاط الجيش والمعسكرات المعدة لانطلاق العمليات العسكرية التدريبية.
واقفا امام المضرب الذي يتم اخلاؤه قال الزغير" في هذا الوقت الموت يأتي من كل الجهات(,,,) الجيش يستعد لاطلاق القذائف والمستوطنة امامنا.".
وتظهر خيارات السكان في التحرك خلال النهار محدودة جدا. على قمم الجبال والتلال المحيطة بمضارب الزغير واشقائه تسمع اصوات الدبابات تتحرك استعدادا لليل.
وفي الليل بدأت المناورات وبدأت المدفعية بدك الجبال الواقعة على بعد كيلومترات من المضارب. "في الليلة الماضية سمعنا اصوات القذائف لكننا لا نراها" قال راضي الزواهرة الذي يسكن على بعد كيلومترات من ال الفقير. كان المساء قد حل وتجاوز الوقت الساعة السادسة لذلك كان الزواهرة وجيرانه ينتقلون الاطفال والنساء من المضارب على عجل.
" لا وقت للانتظار" قال الرجل فيما كان يقود جرارا زراعيا حمل فيه عدة اطفال فيما نقلت النساء في جرار اخر.
"هذه ثاني مرة نرحل من هنا. هذا عذاب لا وقت معي للحديث" قال رجل اخر. ولم يحمل الراحلون عن مساكنهم اي شيء سوى بعض الطعام والاغطية الخفيفة. في المرات التي سبقت تجمعت العائلات في المناطق الخلاء وبعضها لجأ الى مضارب اخرى.
واشار الزغير الى وقائع كثيرة حرمتهم فيها التدريبات العسكرية من التنقل بشكل آمن في الجبال.
داخل المضارب وفي محيطها لا يصعب العثور على بؤس. اطفال كوت الشمس الحارقة وجوهههم، بعضم يمشي بدون اخذية.
وثمة بعض من ابناء الزغير احجم عن الاجابة فيما اذا كان يشعر بالحزن او السعادة. انه الصمت سيد الاجوبة في هذا المساء.
وللبدو في المنطقة تاريخ طويل في رعي المواشي قبل نكسة عام 1967 لكن قبائل مثل الصقور هجرت الى الاردن واصقاع العالم.
فيما هنا بعض عائلات بدوية تمتد باصولها الى مناطق جنوب الخليل تسكن منذ نحو عقدين مستفيدة من المراعي الطبيعية في المنطقة.
وتختفي ابتسامة رحيل الكعابنة وهو شاب بدوي يرعى الإبل في المنطقة منذ سنوات عندما يتحدث عن ما آلت إليه الأمور.
كان الجيش حضر قبل أيام لنزله وسكب المياه على الأرض في محاولة منه للضغط عليه للخروج من المنطقة.
وقال عارف دراغمة رئيس مجلس المضارب الرعوية في وادي المالح إن المنطقة التي يسكن فيها الرعاة تعيش أجواء حرب.
وبالرغم انه ليس هناك ضمان لتنقل الرعاة بشكل امن في المحيط، إلا أن كثير منهم يجازفون. امام مربض تصطف فيه عشرات المدفعيات امكن مشاهدة قطعان جرارة من المواشي يقودها شبان نحو مراعي قريبة من أهداف وهمية تطلق عليها النار.
كان ثمة جنود ينتشرون في المنطقة بعضهم يضع اهدافا جديدة لليلة القادمة.
"هذه منطقة خطرة. انظر هناك انظر. الجيش والدبابات في كل مكان" قال دراغمة فيما كان يجادل احد الرعاة حول خطورة الحركة في المنطقة.
" في الليل ستبدأ المدفعية باطلاق القذائف نحو الجبال. لا احد يعلم ماذا يمكن ان يحصل. لكنها مجرد ساعات سنعود فيها الى النزل" قال الزغير فيما كان دخان موقد الطعام يخبو شيئا فشيئا استعدادا للجلاء.
لمزيد من الصور على صفحتنا على الفيس بوك
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.475907385771393.121600.307190499309750&type=1
إلى أين؟. سألت الطفلة بصوت مرتجف. إلى... هناك وراء الشارع، أجاب الأب، قبل أن يضيف في لهجة حازمة: جاءت التعليمات من فوق!! وأشار إلى قمم جبال قريبة، تقع خلفها مرابض الدبابات.
رزان طفلة تبلغ من العمر( 9 سنوات) تحمل على ظهرها شقيقتها( بيسان 6) سنوات المصابة بشلل نصفي، بصعوبة تجاوزت أخدود صغير لنقل شقيقتها من المسكن الخيشي إلى الجرار الزراعي الذي يستعد لنقل العائلة.
وبسرعه يقوم محمد الزغير، برفع أطفال إلى جرار زراعي، لنقلهم من مكان سكنهم إلى مناطق أخرى، بعد ان أجلى الجيش الإسرائيلي عائلات بدوية بالقوة من مضاربهم عشية البدء بمناورات واسعة شرق الضفة الغربية.
سنقيم هناك" قال احد الاطفال الثمانية الذي حشروا في جرار زراعي فوق صفيح حديدي ساخن" هناك وراء الشارع".
مع حلول المساء، كانت عشرات العائلات البدوية، قد أتمت عملية الرحيل من مساكنها، في منطقة وادي المالح الى مناطق اخرى. كانت ساعة الصفر التي حددها الجيش للرحيل السادسة مساءً.
وامر الجيش الإسرائيلي برحيل نحو 40 عائلة عن مساكنها ليجري مناوارات عسكرية بالاسلحة الثقيلة في منطقة وادي المالح شمال الاغوار.
"جاء الجيش مرتين وقال ارحلوا. في الليل سمعنا اصوات قذائف من وراء الجبال". لحظة اعداد هذا التقرير كانت اصوات القذائف، بعد نحو 9 ساعات من الترحيل، تسمع من البلدات المجاورة على بعد اكثر من 10 كيلومترات.
وهو يدفع بالاطفال في اتجاه الجرار الزراعي يقول الزغير، ان الدبابات التي تشارك في العمليات التدريبيه لا تبعد كثيرا عن المنطقة.
في ساحة منازل الزغير واشقائه، ثمة نحو 30 نفر يستعدون للجلاء فورا. وفي مناطق اخرى قريبة امكن مشاهدة جرارات زراعية تنقل ايضا العائلات خارج المناطق التي امر الجيش برحيل سكانها.
وهذا الصيف الساخن، يشهد حملات تدريب واسعة في الاجزاء الشرقية من الضفة الغربية. وهنا في هذه المنطقة ذات التضاريس الصعبة، تقع معظم معسكرات ومهاجع الجيش الاسرائيلي.
المشهد حربي بالكامل: دبابات تأخذ اماكنها وجنود ينصبون خياما ومعدات عسكرية وسكان بؤساء يرحلون قسرا عن مساكنهم.
الغور المحاط بجبال صخرية من جهة الغرب، تلونها التربة النحاسية والرملية، تطوقه ايضا من ناحية الشرق نقاط الجيش والمعسكرات المعدة لانطلاق العمليات العسكرية التدريبية.
واقفا امام المضرب الذي يتم اخلاؤه قال الزغير" في هذا الوقت الموت يأتي من كل الجهات(,,,) الجيش يستعد لاطلاق القذائف والمستوطنة امامنا.".
وتظهر خيارات السكان في التحرك خلال النهار محدودة جدا. على قمم الجبال والتلال المحيطة بمضارب الزغير واشقائه تسمع اصوات الدبابات تتحرك استعدادا لليل.
وفي الليل بدأت المناورات وبدأت المدفعية بدك الجبال الواقعة على بعد كيلومترات من المضارب. "في الليلة الماضية سمعنا اصوات القذائف لكننا لا نراها" قال راضي الزواهرة الذي يسكن على بعد كيلومترات من ال الفقير. كان المساء قد حل وتجاوز الوقت الساعة السادسة لذلك كان الزواهرة وجيرانه ينتقلون الاطفال والنساء من المضارب على عجل.
" لا وقت للانتظار" قال الرجل فيما كان يقود جرارا زراعيا حمل فيه عدة اطفال فيما نقلت النساء في جرار اخر.
"هذه ثاني مرة نرحل من هنا. هذا عذاب لا وقت معي للحديث" قال رجل اخر. ولم يحمل الراحلون عن مساكنهم اي شيء سوى بعض الطعام والاغطية الخفيفة. في المرات التي سبقت تجمعت العائلات في المناطق الخلاء وبعضها لجأ الى مضارب اخرى.
واشار الزغير الى وقائع كثيرة حرمتهم فيها التدريبات العسكرية من التنقل بشكل آمن في الجبال.
داخل المضارب وفي محيطها لا يصعب العثور على بؤس. اطفال كوت الشمس الحارقة وجوهههم، بعضم يمشي بدون اخذية.
وثمة بعض من ابناء الزغير احجم عن الاجابة فيما اذا كان يشعر بالحزن او السعادة. انه الصمت سيد الاجوبة في هذا المساء.
وللبدو في المنطقة تاريخ طويل في رعي المواشي قبل نكسة عام 1967 لكن قبائل مثل الصقور هجرت الى الاردن واصقاع العالم.
فيما هنا بعض عائلات بدوية تمتد باصولها الى مناطق جنوب الخليل تسكن منذ نحو عقدين مستفيدة من المراعي الطبيعية في المنطقة.
وتختفي ابتسامة رحيل الكعابنة وهو شاب بدوي يرعى الإبل في المنطقة منذ سنوات عندما يتحدث عن ما آلت إليه الأمور.
كان الجيش حضر قبل أيام لنزله وسكب المياه على الأرض في محاولة منه للضغط عليه للخروج من المنطقة.
وقال عارف دراغمة رئيس مجلس المضارب الرعوية في وادي المالح إن المنطقة التي يسكن فيها الرعاة تعيش أجواء حرب.
وبالرغم انه ليس هناك ضمان لتنقل الرعاة بشكل امن في المحيط، إلا أن كثير منهم يجازفون. امام مربض تصطف فيه عشرات المدفعيات امكن مشاهدة قطعان جرارة من المواشي يقودها شبان نحو مراعي قريبة من أهداف وهمية تطلق عليها النار.
كان ثمة جنود ينتشرون في المنطقة بعضهم يضع اهدافا جديدة لليلة القادمة.
"هذه منطقة خطرة. انظر هناك انظر. الجيش والدبابات في كل مكان" قال دراغمة فيما كان يجادل احد الرعاة حول خطورة الحركة في المنطقة.
" في الليل ستبدأ المدفعية باطلاق القذائف نحو الجبال. لا احد يعلم ماذا يمكن ان يحصل. لكنها مجرد ساعات سنعود فيها الى النزل" قال الزغير فيما كان دخان موقد الطعام يخبو شيئا فشيئا استعدادا للجلاء.
لمزيد من الصور على صفحتنا على الفيس بوك
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.475907385771393.121600.307190499309750&type=1