«في ذكرى رحيل ابو داوود الثانية»- عيسى عبد الحفيظ
تمر هذه الايام الذكرى الثانية لرحيل القائد الفلسطيني عضو المجلس الثوري لحركة فتح نخلة فلسطين المناضل ابو داوود الذي قضى بعيداً عن الوطن في دمشق بعد ان تم منعه من العودة.
كنت قد كتبت في ذكرى رحيله الاولى وها انا استذكره مرة اخرى في هذا الجو المدلهم عربياً وفلسطينياً.. ويطفو السؤال على سطح الاحداث رغم كل همومنا وانشغالاتنا:- ألم يكن حرياً بحركة فتح وقادة فتح ان يشيروا الى تلك المناسبات رغم كثرتها فقط ولو على سبيل الذكرى ولتعريف الاجيال بقائمة المناضلين الذين قدموا حياتهم من اجل ان نحيا نحن؟
ابو داوود (محمد عودة) ابن القدس الذي هاجر يافعاً وانتمى الى حركة فتح في السعودية شاباً وقضى كل حياته متنقلاً بين مواقع النضال حتى وافته المنية. آمن بالنضال ووحدة الصف الفلسطيني وكان الصديق الاقرب لكل حركات التحرر الآسيوية والافريقية والعالمية وربطته بالإخوة الاكراد علاقة مميزة جداً حيث كان يصر على المشاركة في اعيادهم الوطنية في بيروت...
ايضاً كان للإخوة الاكراد واعتقد انه ما زال قائماً عشق مميز لفلسطين واذكر جيداً تلك الفرقة الفنية الكردية التي اتحفت الجمهور الفلسطيني واللبناني الوطني في قاعة بالجامعة العربية باغنياتها الجميلة والحماسية عن فلسطين بعد سقوط مخيم تل الزعتر.
نعود الى الذين فارقونا بدءاً من رمز الثورة ياسر عرفات الى عبد الفتاح الحمود وابو علي اياد وابو اياد وابو جهاد وابو المنذر وخالد الحسن وابو صبري وماجد ابو شرار وحسن وحمدي وابو علي طوق والقائمة تطول الى صفحات قد لا تتسع لتلك الاسماء، فلماذا لا يجري التكريم والتذكير لهم وبهم في يوم الشهيد مثلاً؟
سؤال واقسم انه بريء أوجهه للاخوة في مركزية فتح تحديداً، هذه القيادة التي افرزها المؤتمر السادس العتيد والذي طال انتظاره على مدار عشرين عاماً حتى يلتئم، وكان الجميع متفائلاً بعودة الصحوة الفتحاوية واذا بنا....
وعودة الى ابو داوود حتى لا نظهر وكأننا نستخدم هذه الذكرى مبرراً للنقد علماً بأن الامور باتت مكشوفة للعامة ولم تبق هناك اسرار تذكر..
نذكرك ابا داوود في معركة الفنادق في بيروت وانت تقود الشباب لتصفية جيوب الحاقدين والمتآمرين على الثورة، نذكرك في الاوقات الصعبة عندما كنت ترفع راية التحدي منذّ الخطأ وضد الانحراف وضد السلوكيات التي ساهمت في اضعافنا والنيل منا.
نذكرك وانت في غاية التواضع تستمع لأصغر المقاتلين والمناضلين وتحمل همومهم وتساهم في حل مشاكلهم الكثيرة، نذكرك وانت تتلقى تلك الرصاصات في وجهك من ازلام صبري البنا الذي انشق عن حركة فتح وباع نفسه للشيطان، رحلة طويلة قطعها ابو داوود من القدس الى السعودية الى بيروت الى تونس ثم الى الوطن ثم الى المنفى مرة اخرى ليقضي هناك في دمشق بعيداً عن الاهل والاصدقاء والوطن، لا بأس هذا قدر الفلسطيني وهذا قدر المناضلين.. يضيق العالم بهم الى درجة قد لا تجد لهم احياناً مكاناً لمثوى ولكنهم في قلوبنا الدامية وفي ذاكرتنا المتخمة بالاحزان وباسماء الشهداء..
نم اخي ابا داوود في المقبرة الدمشقية التي تحوي رفات ابو جهاد وباسم كساب وروبين جربوع وغيرهم الكثيرين هم رفاقك الان كما كانوا رفاقك في الدنيا وفي ايام العز والعطاء، عندما كان الألق الثوري يمتد من المحيط الى الخليج وكان الشعار التاريخي والمقدس يرفرف على كل موقع وفي قلب كل مناضل «ثورة حتى النصر».