الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم السابع على التوالي    آلاف النازحين يبدأون بالعودة إلى شمال قطاع غزة عبر شارع الرشيد    شهيد وإصابتان برصاص الاحتلال قرب حاجز قلنديا    مصر تؤكد رفضها لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو التهجير    "مركزية فتح" تؤكد رفضها القاطع لمحاولات تهجير أبناء شعبنا من أرضهم    الاحتلال يفرج عن الدفعة الثانية من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    "ثوري فتح": نشارك أبناء شعبنا وعائلات الأسرى المفرج عنهم فرحتهم    الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها: اعتقالات وتجريف محيط مستشفيي جنين الحكومي وابن سينا    الخليل: استشهاد مواطنة من سعير بعد أن أعاق الاحتلال نقلها إلى المستشفى    الاحتلال يطلق الرصاص على شاطئ مدينة غزة ومحور صلاح الدين    الاحتلال يشدد من اجراءاته العسكرية ويعرقل تنقل المواطنين في محافظات الضفة    الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال  

هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال

الآن

موسم الجوائز والتكريم - احمد دحبور

حين كانت أريحا تغص بالجموع التي تدفقت لتكريم شاعرنا الكبير سميح القاسم، كان أكثر ما شد انتباهي هو أن الفلسطينيين كانوا يتعانقون، كأنما كان كل واحد منهم هو المعني بالتكريم، ليست هذه اشادة بالروح الجمعية لدى شعبنا، بقدر ما هي انتباهة إلى أن هذا النوع من الفعاليات ينعش مساحات من المحبة والتواصل بين البشر.
فقد كان التكريم لسميح، لكن سميحا، من حيث يدري ويريد، قد أوجد في هؤلاء الذين يكرمونه، مناسبة ليكرموا أنفسهم ويؤكدوا زهوهم بهذا الوطن الزاهي.
ولم نكد نعود من أريحا، ونحن نستذكر تلك اللحظات البهية المفعمة بالفرح والفخر، حتى تلقينا سلسلة من الأنباء المفرحة، فقد تلقى أخونا جهاد أحمد صالح جائزة القدس، من مصر حاضرة العرب وأم الدنيا، اعترافا بعطائه السخي، حيث انفق ردحا من عمره على جمع أخبار الرواد المقدسيين ووضع أكثر من عشرين كتابا في تقديم كوكبة من آباء الثقافة الفلسطينية، أمثال خليل بيدس وأسمى طوبي ونخلة زريق وأحمد سامح الخالدي واسحق موسى الحسيني ونصري الجوزي وروحي الخطيب وفايز علي الغول وغيرهم. ومن يعرف هذا الرجل، منذ أن كان مشرفا على مدرسة الكادر حتى أصبح مدير عام الشؤون الثقافية في وزارة الاعلام الفلسطينية، يدهشه التحول الكبير المرفق بالدأب الجبار لمثقف عصامي نادر المثال، وهو معتصم بالورق والحبر، يكتب ويدرس ويبحث على طريق الابداع والعطاء.. فكانت الجائزة- بدلالة اسمها المقدس - تتويجا واعترافا بأحد نجوم العطاء الوطني على الجبهة الثقافية..
وقبل أن نزف التهاني إلى صديقنا جهاد، تلقينا نبأ فوز الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف بجائزة نجيب محفوظ التي نالها معنويا من مختلف المثقفين العرب قبل أن تصدع بها المؤسسة الرسمية.
فالتاريخ الأدبي يقول إن هذا الشاعر الاستثنائي، يقف مع طليعة الجيل الثاني من رواد الشعر العربي الحديث، ومنذ البداية كان يؤثر الابتعاد عن الأضواء حافرا في صخر القصيدة الحديثة، مشتقا منها ولها دروبا أصبحت من علامات ثقافتنا المعاصرة..
لقد كان سعدي يوسف، الشيوعي العراقي، مخلصا لنوع من الواقعية الاشتراكية في الثقافة والأدب، متخففا من التصورات المسبقة لمهمة الابداع، فقد يبدو واقعيا حتى ليذكر أسماء صريحة معروفة في قصائده، وهو يبدو غنائيا حتى لتكاد تتحول قصائده في بعض الأحيان إلى أناشيد، وسرعان ما اختار منطقة في الشعر هي بين التعبير والايحاء والهمس والجوانية.. فكل شيء لديه قابل لأن يكون شعريا أو مدخلا إلى ملكوت الشعر، وكان لا يضيع وقته في التنظير لأنه يذهب إلى قصيدته مباشرة.
وهو لا يطيق الصفات والنعوت التي قد تتدخل في براءة الفكرة. فقد قال لي يوما إن النعت يستعجل المعنى وليس الشاعر في عجلة من أمره عندما يتعلق الأمر باعادة انتاج العالم شعريا..
ومع أنه كان اسما كبيرا بين رفاقه ومحازبيه، إلا أن حزبه الأكبر كان هو الجمهور الغامض الذي يمده بالتأييد والاعتراف التكريس، حتى إننا اليوم حين نستحضر الأسماء الرائدة في الخريطة الشعرية، نقف عند اسم سعدي يوسف طويلا وهو في الصف الأول من القائمة الذهبية.. ولن أنسى ما ردده على مسامعي شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش: سعدي يوسف صياد فراشات، ولكن فراشاته مزيج من الروح والماس، حتى لأشك - والكلام لا يزال لدرويش - أن يكون شعرنا الحديث على ما هو عليه لو لم يكن في حياتنا سعدي يوسف.
ربما لم يسمع كثيرون بشهادة محمود درويش هذه، لكن الضمير الجمعي يحتفظ بهذه الحقيقة، وعندما يذهب إلى تكريم الشاعر فإنما يقوم بمهمة تكريم الحياة.


 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025