الى الوالد القائد أبو داود عودة الذكرى الثانية لاستشهاده- داوود عودة
أبي الغالي:
صباح الخير في كل الاوقات، فأنت صباحي الدائم ومفتاح عمري الذي ما كان له ان يكون لولاك.. ولك تحياتنا.. انا واخواتي، كريماتك اللواتي يطبعن قبلة الوفاء على راحة روحك الطاهرة، مع تحيات شقيقتك عمتي الامينة امينة، بكل ما تحمله لك من محبة وذكرى عطرة.. ولك دائما وقبل اي شيء.. تحيات آل عودة جميعا، بل اهل سلوان والقدس.. ولم لا اقول فلسطين من الماء الى الماء؟
واذا كانت فلسطين حاضرة في هذا المقام وكل مقام، فاسمح لي - وانا ابنك البكر، الولد الوحيد بين خمس كريمات، ان ارفع رأسي فخورا بانتمائي اليك، لا لأنك والدنا وحسب، بل لأنك واحد من رموز بلادنا المضيئة، والله يشهد انك زرعت في مهجنا وارواحنا حب هذا الوطن، حتى اصبحنا جزءا من الطبيعة فيه، فنحن بفضلك من سهول فلسطين وبحرها وجبالها وهوائها، نحن ابناء النخلة الشاهقة الطالعة ابدا من تراب فلسطين، نخلة فلسطين محمد عودة، ابو داود..
ابي الغالي:
لقد كان من كرم الله علينا انه جعلنا من ابناء هذا الوطن، واننا نشأنا في ظلك.. بل انك طوقت عمري فخرا وسعادة، عندما جعلت اسمي بعضا من اسمك، فأنا، في آخر حساب داود بن ابي داود فلا يذكرك الاهل والاحبة الا وبطل اسمي من خلال حضورك، وحولي كريماتك الغاليات منية وهناء وحنان وسناء ووفاء، نحن الذين رضعنا حليب رفيقة عمرك، امنا ام داود، التي غادرتنا منذ بضعة اشهر، لا تنكرا لامومتها العابرة للزمن، بل التحاقا بك وانت في عليين.. واليوم في ذكراك نرسل اليكما وقع ارواحنا، فعليكما الرحمة واليكما منا واجب العهد والوفاء..
من حق من عرفوك ان يستذكروا، بالفخر، والاعتداد، نخلة فلسطين، صاحب القامة الفارهة والنظرة الثاقبة الحاسمة، رجل المواقف الذي لم يبحث عن الاضواء، فأنت ضوء فلسطيني بحد ذاتك.. ومن حق من عرفوك ان يلتمسوك في تاريخنا الوطني المعاصر، اما نحن، فلذات كبدك وذوب روحك، فنعرف ما هو ابسط واعمق، نعرف الاب الحنون ذا اللمسة الدافئة والنظرة الحانية، الحازم بكل رفق، الحاسم بكل وداعة.. والى ذلك.. الفلسطيني القائد بلا جلبة او جعجعة، فان تكون فلسطينيا - هكذا علمتني - يعني ان تكون ابن الحياة، وان تعطي هذه الارض ما تستحق هي، وما تستطيع انت ان تعطي حتى تكون جديرا بها..
ابي الغالي:
احدق واخواتي وعمتي واحفادك الى صورتك التي تزين البيت، فاذا انت حاضر فينا، خارج الصورة وداخل الروح وفي كل مكان، كأنك ترشدنا بحضورك المهيب، وتشير علينا بلا اوامر او مواعظ سيادية، بل بالانموذج الانساني الفريد الذي تمثله لنا جميعا.. والى جانب سفر فلسطين، وانت صفحة فيه، يتقدم كتاب الحياة ليدلنا كيف نعيش.. كيف اعيش بالذات.. حاملا ارثك وصورتك ورسالتك النبيلة الجليلة.
وها انذا باسم ابناء شعبك، وباسم اهالي سلوان.. والقدس القدس القدس..
القي وردة البر والوفاء على ثراك الطاهر.. يضمنها ال عودة بكل العرفان والكبرياء..
رحمك الله وحقق آمال شعبك..
ابنك المحب داود عودة