المحرر زيد الكيلاني وحكاية الوفاء- ثامر سباعنه
حكاية طويلة من العطاء و الأمل و الألم والوفاء ، لم تبدأ بالاعتقال ولم تنتهي بالافراج ، الاسير المحرر زيد عرسان حافظ الكيلاني الابن البكر لعائلة طيبة من قريه سيريس قضاء جنين، عاش مع اخوته زياد وزكريا ، عاش حياته كأي شاب فلسطيني يبحث عن لقمة العيش والعمل من اجل حياته وحياة اسرته .
بداية الحكاية:
كانت البداية مع الايام الاولى لانتفاضة الاقصى ، عندما خرج زكريا الاخ الاصغر لزيد في مسيرة مع طلاب جامعة النجاح الوطنيه احتجاجا على دخول شارون للمسجد الاقصى المبارك ، وهناك ارتقت روح زكريا شهيدا يروي ثرى ارضه الطاهره ، فكان حقا على زيد الوفاء لدمع امه و دم اخيه زكريا وهنا اختار زيد ان يغير حياته وان ينتقم لدم اخيه ودم شهداء فلسطين ، وبدات حكاية جديده لزيد خطها بعزم واراده ووفاء ، تقول والدة زيد : "ارجوكم لا تدعونا نفقد الامل, لانه الامل الوحيد لي فيما تبقى من العمر, لقد ودعت ابني شهيدا, ولكني لم ابك عليه كما ابكي زيد, فمنذ اعتقاله لم يغمض لي جفن."
الوفاء لدمع امه ودم اخيه:
انتقل زيد للعمل في صفوف المقاومه واستطاع بسبب معرفته بفلسطين المحتلة عام 1948 اثناء عمله هناك ، استطاع ان يزرع الرعب والدم في شوارع وقلوب الاحتلال ، ولم يستطع الاحتلال واجهزته التعرف على زارع الموت في شوراعهم وازقتهم الى ان جاء ذلك اليوم، في 3/3/2001 , واثناء نقل زيد لعبوة ناسفه اوقفه حاجز عسكري في وداي عارة, وعندما طلب الضابط الاحتلالي من زيد ابراز هويته قام بزيد بتفجير العبوة الناسفه التي يحملها فقتل فيها ضابط اسرائيلي واصيب اربعة جنود اخرين بجراح,
الاعتقال والمعاناة مع الاصابة وهدم المنزل:
اعتقلت قوات الاحتلال زيد من مكان العملية, ورغم اصابته البالغة وخطورة حالته الصحية, لم يعالج, واقتيد لاقبية التحقيق ثم حكم بالسجن المؤبد مدى الحياة اضافة ل 40 عام ، ولم يتمكن من العلاج من معظم إصاباته البليغة خلال سنوات سجنه بسبب رفض الاحتلال لذلك ، اثر العملية فقد زيد عينه اليسرى واصبح يعاني من ضعف رؤيا في عينه اليمنى, كما بترت يده اليسرى وبترت بعض من اصابع يده اليمنى, ويعاني من اصابه في بطنه وجرى وضع شبكة في بطنه نتيجة تمزق غشاء البطن ، وحسب تقارير اطباء مصلحة السجون فان زيد بحاجة لعدة عمليات جراحية, وعلاج ورعاية صحية مستمرة, ورغم ذلك فان ادارة السجن لا تلتزم حتى بتعليمات وتقارير اطبائه, فلم تجر له العمليات المطلوبة, وحالته كانت من سيء لاسوأ, لان العلاج ممنوع بموجب قرار رسمي يندرج في اطار الحرب وسياسة العقاب ضد اسرانا. داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة زيد في مطلع عام 2002 وهدمته وشردت اهله.
الزواج والمنع من الزيارة:
زيد اعتقل بعد 20 يوم من زواجه وقد رفضت زوجته ( سهاد) الانفصال عنه وهي تعلم أنه محكوم بالسجن المؤبد، ولديه إصابات بليغة وظلت تعيش على أمل الإفراج عنه متمسكة به في وفاء قل حدوثه، ولم يكتفي الاحتلال باعتقال زيد بل بل ورفضت السماح لزوجته بزيارته على مدار 9 سنوات , بذريعة الاسباب الامنية .
الافراج والابعاد الى غزة:
من الله سبحانه على زيد بالافراج ضمن صفقة وفاء الاحرار ، ولكن الفرحة لم تكتمل فقد قرر الاحتلال ابعاد زيد الى غزة ، وبالفعل خرج زيد مع الأسرى المبعدين الى غزة ، وبدأت معاناة الاهل الذين وجدوا صعوبه ومنع من قبل الاحتلال يمنعهم من السفر والانتقال من الضفة الغربية الى غزة ، وبعد عدة محاولات استطاعت العائلة السفر والاجتماع بزيد من جديد .
حكاية الوفاء والحب لم تنتهي:
لما أفرج عن زيد مبعدا إلى قطاع غزة في الدفعة الأولى من صفقة وفاء الأحرار، مكثت سهاد مع زوجها في غزة في سعادة غامرة وفي حلم جميل، ولكن زيد كان بحاجة إلى عمليات جراحية عديدة من أثر الإصابة التي كان قد اصيب بها يوم الاعتقال ،و لما تعذر إجراؤها في مصر، أصرت الزوجه سهاد على نقل زوجها للعلاج في الأردن ، حيث دخلا الأردن ، لكن في يوم 29-5 – 2012م وبينما كان زيد وزوجته يسيران في العاصمة الأردنية عمان صدمتهما مركبة مسرعة فأصيبا بشكل بالغ ولكن إصابة الزوجة سهاد كانت حرجة للغاية ، يقول زيد: "فقدت الوعي فور وقوع الحادث لاستيقظ بعد أيام في المستشفى وأتذكر آخر مشهد رأيته وهو زوجتي سهاد ممددة على الأرض وبغيبوبة كاملة". وأضاف: أول ما تبادر لذهني السؤال عن زوجتي ، فصدمت حين رأيتها ما زالت في غرفة العناية المركزة وفي غيبوبة كاملة، وأخبرني الأطباء أن إصابتها حرجة وأن رحلة علاجها ستكون طويلة.
واستطرد زيد قائلا: لقد وقفت زوجتي إلى جانبي خلال فترة اعتقالي ولم تتخلى عني، وأنا سأكرس كل حياتي من أجل علاجها، سأنقلها إلى أفضل المراكز الطبية، وسأقف إلى جانبها للأبد لأسد جزءا من دينها في عنقي.ويقول زيد: أن علاجه لم يعد اليوم أولوية بالنسبة له، وأن ما كان سينفقه على علاجه سينفقه على علاج زوجته، مؤكدا أن أمله في الله كبير أن يمن عليه بشفائها كما من عليهما بالإفراج عنه. ويضيف: كان التفكير بلقائنا بعد اعتقالي مجرد حلم رأى كثيرون أن مستحيل التحقق، واليوم آملي كبير بأن يكون هناك حلم جديد يتحقق وهو أن تتماثل زوجتي للشفاء وما ذلك على الله بعزيز.
حكاية المحرر زيد حكاية امتزج فيها الحب بالوفاء بالالم ، حكاية رائعه ترسم صورة العطاء الذي لاينتهي و إخلاص لا يعرف الكلل والتعب.