عندما يتحدث قليل الأدب عن الأدب! ـ بقلم: بهاء الشافعي
بكل وقاحة وكالعادة خرج الى الاعلام أمس "ونبح" الناطق بإسم الخارجية السوري أحد ادوات النظام المستخدمة في تلميع النظام البائد ورموزه، لينطق وكالعادة كفراً بدل أن ينطق بالحق، وكعادته الاحترافية في تضليل الأخبار والصور ليرسلها الى العالم مشوهة، فقال "الفلسطينيون في سوريا ضيوف يسيئون الأدب" وكأن الفلسطينيون سيروا دباباتهم وذهبوا الى القصر الجمهوري لقصفه، واعطوا اوامر للقناصة ان تفتك بكل من يمر بشوارع دمشق وحلب وحمص واللاذقية.
جهاد مقدسي النشيط في سفارة الأسد في لندن والذي ظهر الينا بالقبح إبان عجز النظام السوري عن تضليل الرأي العام، رشحته المدللة لدى الأسد الصغير زوجته أسماء الأخرس، لكي يكسر الأسد الصغير إرث أبيه بالاحتفاظ بالوجوه القديمة والتي أصبحت عاجزة عن الكلام والتضليل بعد ان رفعت الأقلام وجفت الصحف بسبب بشاعة المجازر التي يرتكبها جيش النظام، فما كان من اسماء الا ان تبعث مقدسي لكي يكون بديلاً عن المعلم والجعفري والمقداد وبثينة شعبان، وما هي إلا ايام قليلة حتى وجد مقدسي نفسه أمام الشاشات كناطق أو ربما – ناعق- باسم الخارجية السورية.
على مدى عقود طوال كان النظام السوري يبث الاوهام الى العرب والعالم، على أنه حامي الحمى، وقائد تيار الممانعة المناهض لإسرائيل، وكان يبعث رسائل تبين ان تدخله في الشأن الفلسطيني من حقوقه الطبيعية، فكيف لا وهو الذي كان يقول دوما "ان فلسطين عمقنا القومي العربي، وقضيتها هي قضية الشعب السوري ونظامه ولن نتوانى عن تحريرها"، وكانت هذه العبارة هي المبرر للتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني لتأجيج الصراعات بين الفصائل المتناحرة على الحكم، وليس مساعدة الفلسطينيين على التحرير، فلم يتوانى النظام حقاً كما كان يقول عن انشاء رموز فلسطينية في الداخل والخارج تتحرك بأوامره، حتى ذاك الأبله جبريل الذي قدم له الولاء بالروح والدماء!
لعل الشارع الفلسطيني كان وما زال يحترم القرار القيادي الفلسطيني، بعدم التدخل بما يحدث في الدول العربية الشقيقة، واعتبار ما يحدث هو شأن عربي داخلي لا دخل للشعب الفلسطيني به، مع احترام القيادة لارادة الشعوب دوماً، ولعل هذا الاحترام كان ينبع من الوضع الفلسطيني الاستثنائي في هذه الدول، فالقيادة الفلسطينية لا تريد ان تكرر تجربتها مع الكويت عندما اصطف الفلسطينيون مع العراق وأيدوا غزو الكويت إبان حكم الراحل عرفات، وكان لذلك نتائج وخيمة بحيث طرد الفلسطينيون العاملون في الخليج وعوائلهم وأصبحت أوضاعهم صعبة جداً، ولهذا الموقف دائماً كانت نتائج جيدة، فمن خلاله يبقى اللاجئون والمغتربون الفلسطينيون خارج حلبة الصراع وبمنئى عن القتل والترهيب والاعتقال.
دعوات القيادة الفلسطينية منذ البداية لم تختلف عن الدعوات التي كانت تطلقها في العواصم التي كانت تتعرض لصراعات أو تطولها ثورات الربيع العربي، ففي سوريا أيضاً عملت القيادة على ان يكون الفلسطينيون خارج اللعبة السياسية والصراع بين النظام والمعارضة، وكان ذلك أيضاً، ولكن عمل النظام السوري على زج اللاجئين الفلسطينيين في المعادلة من اجل تشعيب الوضع الداخلي السوري ولكي يكون كامل التعقيد، ومن خلال بعض القيادات المحسوبة على فلسطين وهي قلباً وقالباً مع النظام السوري أمثال احمد جبريل وماهر الطاهر وغيرهم ونتيجة لذلك قتل العشرات من الفلسطينيين في ظروف غامضة كغموض مقتل عشرات الالاف من السوريين في المجازر التي يرتكبها النظام الأسدي.
معروف عن الفلسطينيون احترامهم الكبير للبلاد المضيفة لهم، لأنهم يدركون ان مكوثهم في البلدان العربية ما هو الا مسألة وقت وحتى ان طالت وسيعودون الى بلادهم لا محالة، ويعرف عنهم انهم ينأون بأنفسهم عن أي صراع داخلي، أما ما حدث في سورياً في عملية زج منظمة من قبل النظام السوري للفلسطينيين في الصراع القائم هناك، وسيكون الفلسطينيون الخاسر الأكبر لأنهم مؤدبون ولا يقبلون بأي شكل من الاشكال ان يسجل التاريخ لهم نقطة سوداء في الاعتداء على مصيفيهم فلذلك انت اصغر من المسؤولية يا مقدسي لتتحدث عن الفلسطينيين بهذه اللغة، فلغة البالونات الهوائية في تعليقاتك وتصريحاتك والتي تحاول من خلالها وضع صورة قوية للنظام تطمئن بها الموالين لنظامك لم تؤثر في الفلسطينيين، أنهم أصحاب حق والتاريخ يشهد!