طارق السكني: عندما اعتقل ابي كنت في عمر عام وزيارته اجمل هدية في حياته
تقرير للزميل علي سمودي كنا قد نشرناه قبل عام تقريبا نعيد نشره بسبب وفاة طارق هذا اليوم
جنين – تقرير علي سمودي
" متى الزيارة ، ومتى سارى ابي ، وهل ساعانقه بعد طول غياب ، وهل سيعرفني ؟"، اسئلة لا يتوقف الطفل طارق عن طرحها على جدته وعائلته منذ الاعلان عن موافقة السلطات الاسرائيلية على السماح لاهالي اسرى قطاع غزة بالزيارات عقب معركة " العهد والوفاء" التي خاضتها الحركة الاسيرة في نيسان الماضي .
وكالكبار في عائلته ، يتنقل طارق بين الصليب الاحمر ومكاتب مؤسسات حقوق الانسان ، ويتابع الاخبار وكله امل ان يتحقق حلمه بزيارة والده الاسير احمد رشاد الزين السكني (35 عاما ) الذي كان عندما اعتقل والده في عمر عام ، وعلى مدى سنوات عمره العشرة لم يحظى بزيارته خلف قضبان السجون الاسرائيلية سوى مرتين .ويقول طارق " انه الحلم الذي عشت طوال حياتي اتمناه بعدما حرمني الاحتلال ابي الذي تركني في اللفة واليوم انا كبرت واصبحت طالبا متفوقا كل عام اتمنى ان يعود ليتسلم شهادتي المدرسية ويكافئني بهدية ".
ويضيف " ان زيارة ابي ستكون اجمل هدية في حياتي التي لم اعرف فيها سوى الحزن والالم والمعاناة رغم محاولات والدتي وجدتي واسرتي تعويضي ورفع معنوياتي ولكن لا يوجد احد في العالم يمكن ان يعوضني عن ابي وحبه وحنانه الذي اشتاق اليه اكثر من النفس والحياة وكل شيء ".
اقسى انواع العقوبات
نفس المشاعر تعبر عنها الحاجة ام زكي والدة الاسير السكني التي اصابتها الامراض من شدة الحزن والبكاء على فراق احمد وحرمانها من زيارته ، وتقول " لا يحزننا السجن واعتقال ابني فهو مناضل واختار التضحية من اجل شعبه وكرامتنا والرسالة التي امن بها ولكن المؤلم منع الزيارات انها اقسى انواع العقوبات"، وتضيف " ابكي واتالم منذ اللحظة الاولى التي سمعت فيها حفيدي طارق يردد كلمة ابي ولا يتلقى جوابا من والده الذي لم يلمسه او يعانقه منذ فرض قرار منع الزيارات واتمنى ان تنتهي الترتيبا سريعا ونسعد برؤية احمد وكل ابطالنا المعتقلين ".
انتظار في السجون
وفي سجنه ، يعيش الاسير السكني اجواء التوتر في انتظار االزيارات ، وخلال زيارة المحامية بثينة دقماق رئيسة مؤسسة "مانديلا " له ، قال "يعتصر الالم قلوب اسرى قطاع غزة القابعين في سجون الاحتلال منذ سنوات جراء سياسات سلطات الاحتلال بحقهم وحرمانهم من كافة حقوقهم وفي مقدمتها الزيارات"، واضاف "وبعد الاعلان الرسمي عن الغاء القرار وقرب الموعد اصبحنا نعيش التوتر والقلق فسنوات الحرمان كانت مؤلمة واقسى من السجان والسجن وكل ماسي الاعتقال ".
واضاف الاسير السكني "نطالب بمتابعة مستمرة وحثيثة لانجاز الترتيبات ومنع تاجيلها لان اوضاعنا صعبه وقاسية ويجب ان تكون هذه القضية على راس اولويات عمل الجميع ،وادراجنا ضمن قوائم الزيارات بشكل دائم ومستمر ككل الاسرى من محافظات الضفة حتى تنتهي محطات العذاب الاقسى في اسرنا ".
محطات من الذاكرة
في لحظات الانتظار ، تستعيد الوالدة الخمسينية ام زكي كل صور العذاب التي رافقت مسيرة وحياة عائلتها منذ سنوات بعيدة لترويها على مسامع الاحفاد لتتذكرها دوما ، وتقول " من ينسى تاريخه لا حاضر ولا مستقبل له لذلك اعلم احفادي دوما تاريخنا وذكريات عائلتنا التي تجرعت كل صنوف المعاناة جراء استهداف الاحتلال لجدهم رفيق دربي الفدائي رشاد السكني بعد انخرط في صفوف الثورة الفلسطينية "، وتضيف " المطاردة والملاحقة ادت لتشرد زوجي في منافي الشتات بين لبنان وسوريا حيث كرس حياته لفلسطين والقضية وكان مخلصا ومقاتلا في كل معارك الثورة وتحدى كل الظروف الصعبة والعصيبة " .
في فترة اقامة الفدائي السكني في دمشق تعرف على رفيقة دربه ام زكي سورية الاصل التي لم تتردد على الموافقة بالارتباط به كما تقول " حبا ووفاءا لفلسطين واعتزازا وتقديرا لبطولته، فقد كان فدائي حقيقي وهبته حياته ورافقته في مسيرته النضالية الطويلة التي انجبت خلالها 10 ابناء حرصت على تربيتهم افضل تربية ليسيروا على درب والدهم ".
العودة للوطن
عقب اقامة السلطة الوطنية ، عادت عائلة السكني مع افواج الثورة العائدة للوطن واستقرت في مدينة غزة ،و تقول الوالدة ام زكي " استمر زوجي في تادية واجبه الوطني ورسالته لخدمة شعبه وترتيب امور حياتنا وتنظيم اوضاع ابنائنا بما فيهم احمد الثالث في ابنائي "، وتضيف "احمد يعتبر نموذج للفلسطيني المتعلم والمثقف ، كان مخلصا حنونا ومحب لشعبه وقضيته التي امتلكت روحه وحياته منذ صغره فاحلامه اختلفت عمن هم في سنه ويعشق وطنه وارضه التي حفظ تاريخها عن ظهر قلب "، وتكمل " في مدارس دمشق درس العلم وفي نفس الوقت لم ينسى التاريخ والقضية وحديثه الدائم عن النضال والعودة ، وكانت فرحته مزدوجه عندما حصل على الثانوية العامه في سوريا وعودتنا للوطن وتحقق حلمنا جميعا في دخول ارض فلسطين والحياة فيها ".
الانتفاضة والنضال
في غزة ، تابع احمد دراسته والتحق في صفوف قوات الامن الوطني حتى اندلعت انتفاضة الاقصى ، وتقول الوالدة ام زكي " ببسالة وشجاعة انطلق احمد في ميادين غزة ليؤدي واجبه النضالي والوطني ولكنه لم يكتفي بالمواجهات والمسيرات فالتحق سرا بالعمل العسكري وقاد المعارك في مواجهة الاحتلال الذي ادرج اسمه ضمن قوائم المطلوبين "، وتضيف " استمرت تهديدات الاحتلال بتصفية احمد بعدما وجهت له تهمة العضوية في قيادة حركة الجهاد الاسلامي و رغم مطاردته تزوج ولكن لم يفرح بمولوده البكر طارق فقوات الاحتلال كانت له بالمرصاد واعتقلته عن حاجز ابو هولي في 10-12-2001 ".
خلف القضبان
بعد التحقيق والتعذيب حوكم بالسجن الفعلي لمدة 37 عاما بتهمة النشاط العسكري في سرايا القدس ، ثم بدات سلطات الاحتلال في فرض العقوبات عليه ، وقالت والدته " تجرعنا كل صنوف المعاناة في عملية نقل وعزل احمد ولكن لا يوجد اصعب من معاناتي والمي جراء حرماني من رؤية وزيارة ابني المستمرة للعام السابع على التوالي ، عندما اعتقل ترك ابنه الوحيد طارق في عمر عام واليوم يتجاوز العشر سنوات ولم يراه سوى مرتين كبر الصغير ولا زال يردد ابي الذي حرم من حنانه وحضنه رغم كل محاولاتنا التخفيف عنه ، لا توجد كلمات تصف مشاعر والالامي كام وجدة اصبحت رؤية ابنها حلم مستحيل ". وتكمل " لن نصدق بالغاء قرار المنع حتى ارى احمد امامي انني اعيش حتى تتحقق تلك الامنية التي رحل والده وهو يتمناها ، فخلال اعتقاله مرض والده ورفضت سلطات الاحتلال منحه تصريح لرؤيته ، وقبل 3 اعوام تجرعنا حزن والم رحيله وهو يردد اسم ويوصي به "،وتضيف " لن انسى ابدا ان الاحتلال حرمه من وداعه او الاتصال بنا لتعزيتنا بوفاته لذلك نطالب كافة الجهات المعنية بمتابعة هذه القضية المؤلمة والمؤثرة " .
الانتظار الصعب
نفس الامنيات عبرت عنها زوجة السكني،وقالت " ننتظر لحظة بلحظة لتنتهي ماساة الحرمان من الزيارات وتامين حقنا برؤية زوجي وكافة اسرانا حتى يتم تحريرهم والافراج عنهم "، وتضيف "كل يوم ابكي عندما اشاهد ابني طارق يبحث عن والده الذي لم يعرفه الا من خلال الصور فالى متى ستستمر هذه الماساة ومتى سيجتمع شملنا دون قيود او سجون" .