ألعاب خطرة- عطاف يوسف
كلما حدثت مناسبة، سواء أكانت عيداً دينياً أو وطنياً أو عرساً، يكثر الحديث عن خطورة استخدام الألعاب النارية، لكن من الواضح أن لا جهود حثيثة تبذل من أجل ذلك، لا من قبل المواطنين، الذين أصبحوا يستخدمون هذه الألعاب في كل مناسباتهم، ضاربين بعرض الحائط الأضرار التي تنجم عنها، ولا يهمهم لا من قريب أو بعيد ما يسببونه من إزعاج لمن حولهم، عندما يطلقون هذه الألعاب بعد منتصف الليل، أو في ساعات المساء.
الألعاب النارية تحتاج للظلام حتى يراها الناس، لكن أن يبدأ إطلاقها منذ الساعة السابعة صباحاً، ليصحو من لا زال نائماً غصباً عنه، فهذا والله كثير، خاصة، بعد ما حدث في قرية ترمس عيا الوافعة شمال رام الله، عندما انفجرت حزمة من الألعاب النارية المعدة للاستخدام في حفل زفاف، في المدعوين، فأسفرت عن ما يزيد عن الثلاثين جريحاً عدد منهم كانت جراحه خطيرة.
يوم الخميس الماضي، وقبل الإعلان الرسمي عن نتائج التوجيهي، بدأ إطلاق الألعاب النارية منذ الساعة السابعة صباحاً، لدرجة أنني اعتقدت أن المستوطنين يهاجمون إحدى القرى المجاورة، أو أنهم يقومون بتدريبات بالذخيرة الحية، لكنهم في العادة يقومون بها يوم الجمعة وليس الخميس. وتبين لي بعد أن فتحت الراديو، أن تلك الأصوات ناتجة عن الألعاب النارية، التي تطلق احتفاء بنتائج التوجيهي قبل إعلانها.
أعيش في بيت في قرية الجانية، المحاطة بعدد من القرى، وطالما كنت أتضايق من الأصوات العالية، حتى وصل بي الأمر تقريباً لمقاطعة حضور الأعراس، بعد أن أصبحت جميعها تقام في الصالات المغلقة، حيث يصبح الصوت أعلى مما تحتمل أذناي، فأصاب بصداع أعاني منه لعدة أيام لاحقة.
لكنني لا استطيع أن ابعد نفسي عن الأصوات العالية، عندما تقام السهرات التي تسبق حفل الزفاف بيوم أو يومين، خاصة، إذا كانت في القرية نفسها، أو في إحدى القرى المجاورة، وهذه السهرات لم تعد تقتصر على حفلات الزفاف، وإنما تقام أيضاً بعد نتائج التوجيهي والتخرج من الجامعات. وفي كل هذه السهرات تستخدم الألعاب النارية وبكثرة، وتكون محتملة في بداية السهرة، أما أن يتم إطلاقها بعد الساعة الواحدة ليلاً، لأصحو وغيرى على صوت الانفجارات، بعد قسط قليل من النوم المتقطع بسبب أصوات السماعات العالية، فهذا نوع من قلة الذوق والأنانية، التي لا تراعي أن هناك أناساً يحتاجون للنوم في الليل ليكونوا قادرين على الذهاب إلى أعمالهم في اليوم التالي.
في المدن هناك شرطة، وهناك قانون يمنع استخدام السماعات خارج قاعات الأفراح بعد منتصف الليل، أما في القرى، حيث تقام السهرات في الهواء الطلق، فلا شرطة ولا قانون، ويخضع طول السهرة أو قصرها لمزاج أصحابها، أو نَفَس المغني أو العامل على "الدي جي"، فربما تمتد السهرة إلى ساعات ما قبل الفجر بقليل، فمتى سيتم تنظيم ذلك، بحيت يتمتع المواطن بحقة في النوم المريح، ومن يفرح في مناسبة ما، يجب أن لا يفرض فرحته على سكان قريته والقرى المجاوة، فهم ربما لا يعرفونه ولا يريدون مشاركته السهر حتى الصباح، والأهم من ذلك أن لا يتم استخدام الألعاب النارية والناس نيام.
هناك قانون في فلسطين يمنع استخدام الألعاب النارية، لكنها تنتشر بشكل كبير. ربما يقول قائل أن لا سيطرة لنا على الحدود، وأنها يتم تهريبها، لكن بالتأكيد لنا سيطرة على البقالات والمحلات التجارية التي تبيعها، فلماذا لا تتم مصادرتها وإتلافها، ومعاقبة كل من يثبت عليه أنه يتاجر بها أو يهربها، بعدما ثبت ضررها على الناس وخاصة الأطفال منهم.
بعد أقل من شهر سيطل علينا عيد الفطر، فهل ستستمر المستشفيات في استقبال أطفال بترت أصابعهم، أو اقتلعت عيونهم بسبب الألعاب النارية ومسدسسات الخرز وغيرها، أم أن العيد سيأتي هذا العام، بعد أن تكون أسواقنا قد نظفت تماماً من هذه الألعاب الخطرة؟.