في ذكرى وداعك وحرقة غيابك يا درويش- رامي الغف!!!
عذراً شاعرنا فوالله لم أجد لعواطفي ودموعي زاجراً، غير بضع كلمات أكتبها بإستحياء أمام عظمتك، ولست متيقناً إنها تشكل مثقال ذرة من وفاء لك، لأن الوفاء كل الوفاء تمثل فيك أنت وإستقر في سريرتك سيدي .. ماذا اقول وكل كلماتي تتحول إلى مرثية أخشى أن تكون قاصرة مقصرة في حقك فما في القلب أسمى وأعظم وما في القلب جرح تعجز عن وصفه الكلمات .. شاعرنا الحبيب لقد بكتك حبيبتك فلسطين وأبناءها، وليت البكاء يرد حبيباً ويرجع فقيداً، وقفنا شاعرنا نستذكر لحظات رحيلك، ففي مثل هذا اليوم إعتصرنا الألم وتتقاذفتنا أمواج الذكريات فماذا نقول وماذا نتذكر، وكيف نصبر والفراق حتمي وواقع لا محالة، فحارت دموعنا مع أولى هذه الذكريات التي قلبت في قلوبنا المواجع، آه آه وألف آه على تلك الذكريات والمواقف يا شاعرنا الكبير العظيم، لقد أصابتنا تلك الذكريات وعادت لتثير فينا جراحات شهداء فلسطين، فهل من إنقطاع لكل هذه الآهات، شاعرنا أبا ( فلسطين ) عزائي فيك أنك وحدت صفوف أبناء شعبك من خلال أشعارك الوطنية المجبولة بحب الوطن، وأحييت فيهم روح الإيثار وجعلتهم يدركون أن الإحساس بالحياة والخلود فيها لن يكون إلا من باب التضحية والقفز فوق الأهواء والرغبات، ولذلك كنت ولا زلت عظيماً وأفنيت آخر لحظات عمرك في سبيل تحقيق ذلك ونحن نقر بذلك عن راسخ إعتقاد. ماذا أقول فيك وقد وصفك عظماء هذه الأمة وقادتها الوطنيون، وصدحت بحبك حناجر الشعراء والمبدعون، ماذا أقول وماذا عساي أن أقول في رجل كان همه الوطن وكل ما فيه يحكي قصة وطن ويكتب تاريخ هذا الوطن بكل مكوناته وأطيافه وأديانه، ماذا أقول وكلهم خرجوا يذرفون الدموع رخيصة وفاءً لك لأنك صرت عنوان وحدة هذا الوطن. عرفناك بتواضعك الجم وبمثاليتك العالية مسالما تؤدي أعمالك بكل هدوء ورومانسية، عشت عصاميا، وكنت وبقيت تفلسف الحياة بطريقة مثالية حتى حين جرفتك أقدارك لتلقي بك في خضم المهام الوطنية الجسيمة، ومن ثم وجدناك في قلب المعادلة الوطنية الحافلة بكثير من العقد والتعقيدات, لم تخذل وطنك رغم التحديات بل خضت معترك التحولات الوطنية لتمارس دورا وطنيا خلاقا مجبولا بكل قيم الإيثار والتضحية ونكران الذات .. لقد شكل رحيلك فاجعة وخسارة وطنية لنا ولجميع محبيك, فليس المشكلة في الموت كحقيقة مطلقة وراسخة في ذاكرة وهويتنا الدينية فالموت حق وهو الحقيقة الوحيدة التي نسلم بها ونخضع لفلسفتها, لكن من عوامل أسباب الموت ما يعمق من فاجعة الواقعة والحدث في الوجدان والذاكرة. شاعرنا الحبيب لقد كنت بسيطا في سلوكك ومتواضعا في علاقتك ودمثا في أخلاقك , وكنت عظيم في افعالك كبيرا في عملك، إستثنائيا في علاقتك بوطنك ومخلصا لشعبك, وطامحا في الوصول بوطنك وشعبك إلى مصاف الدول والشعوب المتقدمة والمتطورة والمستقرة على كثير من قواعد التنمية المعرفية والإبداعية والثقافية. حبيبنا محمود لم تكن عاشقا للسلطة, بل كنت عاشقا لوطن وحالما بتنميته وتقدمه, كنت تعمل بوفاء ومصداقية وقدرة ووعي بما يريده وطنك ويحتاجه شعبك. شاعرنا الحبيب هل أكتفي،،، أم اقول إنك الأب الذي عوضنا فقدنا لآباءنا ولست أخشى أن يقال عني إنني غالٍ فوالله لم تكن لي غير الأب والمعلم الذي إسترشد بهديه لأنك أب لكل المستضعفين. لقد كنت أنوي الكتابة عن تجربتك وسني عمرك الشريفة ومراحل عملك الإبداعي والفكري والسياسي، لكن مشاعري قادتني لنعيك ورثائك رغم أن كل ما قلت لا يليق بمقام كمقامك، فقد أثبت إنك الحكيم والعزيز والعاشق لفلسطين، فإن رحلت عنا بجسدك فقيداً لكل فلسطين، لكنك باقٍ باقٍ بما تمثل من مشروع يجمع كلّ فلسطين.
إعلامي وكاتب صحفي ناشط ومفوض سياسي
mediaramy@yahoo.com