بين السجون والقبور تعيش ايام رمضان وحياتها...... والدة الاسيرين عبد الله وعبد الرحمن الوحش
جنين –علي سمودي
" ساموت اذا لم احصل على تصريح ، 10 ايام مرت من رمضان وقلبي ينزف دما من شدة حزني وقهري لعجزي عن الوصول للسجن وزيارتهم فرغم مرور 4 شهور لم تصدر سلطات الاحتلال لي تصريح "، كلمات رددتها والدموع تنهمر من عينيها بغزارة الوالدة رقية برغيش من مخيم حنين وهي تغادر مرة اخرى مكاتب الصليب الاحمر يسكنها الم كبير بعدما ابلغت ان تصريحها الجديد لم يصدر بعد ، فانطلقت مرة اخرى نحو وزارة الاسرى ونادي الاسير لتستصرخهم مساعدتها لانها لم تعد تحتمل حرمانها من ولديها الاسير عبد الله وعبد الرحمن الوحش الذين لم يجتمع شملها بهم منذ 11 عاما بسبب استهداف الاحتلال لهما تارة بالمطاردة واخرى بالاعتقال .
اين حقوق الانسان ؟
الام الفلسطينية التي تجاوزت العقد السادس ووهبت حياتها لابنائها تعيش رهينة الاسر والعذاب اليومي الذي يتفاقم في شهر رمضان ، وفي الوقت الذي يتبادل فيه الجميع التهاني والعزائم فان ام عبد الله تعيش اصعب اللحظات في ذكريات الالم التي صنعها الاحتلال في حياتها ، وتقول " لا يوجد من يعوضني في العالم عن ابنائي ثلاثة في عمر الورود لا اقدر على ضمهم او عناقهم او مشاهدتهم ، يتحدثون عن العدالة وحقوق الانسان ولكن أي قانون او شريعة التي تجيز ظلما المستمر منذ 11 عاما وانا استقبل رمضان وحيدة في منزلي الذي لو نطقت جدرانه لصرخت حزنا والما لوجعي وحتى رغم تحرر ابني الرابع عبد العزيز فلن اشعر بحياتي وانا محرومة من الحصول حتى على تصريح اربعة شهور وانا اتنقل من مؤسسة لاخرى لمساعدتي ولكن الاحتلال يتحكم بكل شيء فاين هي مؤسسات حقوق الانسان ".
تحدق ام عبد الله بصور ابناءها التي تتوزع في ارجاء منزلها ، ثم تقول وهي تبكي دون توقف " رمضان يفتح جراحي فالاحتلال لا يكتفي بانتزاع ابنائي اثنين منهم في السجون والثالثة في القبر ، بل حتى رؤيتهم وزيارتهم ممنوعه وقد بدانا بالاسبوع الثاني من الشهر الفضيل وكل الناس والامهات يعيشون فرحة رمضان ويجتمع شملهم على موائده بينما ابكي كل افطار وسحور ".
جرح لا يندمل
ولا تأبه ام عبد الله كثيرا بوجبات رمضان ومقبلاته ومسلسلاته التي تنشغل بها الامهات والعائلات لان مساحات الحزن التي تمتد في حياتها جعلتها تعيش عزله عن العالم ولا تفكر سوى بابنائها ، وتقول " في مثل هذه الايام في شهر رمضان اعتقلت قوات الاحتلال باكورة ابنائي عبد الله بعدما طورد منذ بداية انتفاضة الاقصى ، عبد الله الذي تحمل مسؤولية اعالة اسرتنا بعد وفاة والده لم يحتمل صور العذاب والماسي التي صنعها الاحتلال بابناء شعبه وخاصة في مخيم جنين فاختار طريق المقاومة واصبح من قادة سرايا القدس ، ولانه دافع عن شعبه وادى واجبه استهدفه الاحتلال وتعرض للملاحقة والكمائن ونجا من عدة عمليات اغتيال ، وطوال 3 سنوات حرم من دخول منزلنا الذي رصده الاحتلال ، كان ياتي رمضان وبعد العيد وانا ابكي لحرماني منه "، واتضيف " طوال فترة مطاردته كنت اتمنى ان يشاركني فطور او سحور ولكن كان قدره الاعتقال والحكم بالسجن 23 عاما ، ومنذ 8 سنوات اتنقل من سجن لاخر لزيارته كنت ازوره في رمضان فيخف حزني ويرفع معنوياتي ولكن حرموني منه حتى في هذه الايام المباركة ، فكيف افرح او اشعر بطعم رمضان في غيابه ، فاعتقاله جرح لا يندمل ".
كل الابناء في السجن
لكن الماساة لم تقتصر على عبد الله الذي يواصل تادية دوره النضالي في سجنه ، فالاحتلال غيب باقي الابناء عن منزلها في شهر رمضان وغيرها من المناسبات طوال السنوات الماضية ، وتقول " عندما يؤذن المغرب يتجدد المي رغم صبري وايماني ، فمائدة الافطار ما زالت تشتاق لابنائي الذين غيبهم الاحتلال عني ، كنت وما زلت اتمنى ان اعيش ككل الامهات فرحة واحدة في اجتماع شمل ابنائها على فطور او سحور ، ولكن حتى الامنيات محرمة علينا ، فخلال مطاردة عبد الله ، استهدف الاحتلال باقي ابنائي عبد العزيز اعتقل عدة مرات كان اخرها مع شقيقه عبد الرحمن الذي تعرض للمطاردة مع عبد الله ، ورغم صغر سنه هددنا الاحتلال دوما بتصفيته ولمن حب الوطن كان حياته فسار على درب شقيقه وشاركا في كل معارك مخيم جنين ، مما اثار غضب الاحتلال الذي واصل استهدافه بينما غاب عنا شهور وسنوات "، وتضيف " لن تتمكن كلماتي من وصف حالتي خاصة في شهر رمضان ، وحدة ومعاناة وشوق الام للقمة طعام هنية مع اولادها ، خوف وقلق والاحتلال يتهددهم ، وانا اتساءل كيف افطروا واين تسحروا وما هو طعامهم خاصة وان حملات الاحتلال كانت تشتد في رمضان لاستغلال اوقات الفطور لاعتقالهم ". وتقول ام عبد الله " وبينما كنت اتجرع مرارة اعتقال عبد الله ، كان الاحتلال بالمرصاد لباقي ابنائي ، و في عملية للوحدات الخاصة اعتقل عبد العزيز وحوكم 3 سنوات وعبد الرحمن الذي حوكم 18 عاما ، وعندما سمعت الحكم اغمي علي من شدة الصدمة ، فالاحتلال قرر تفريقي عن ابنائي لسنوات طويلة كل يوم فيها يساوي الف سنه فاين هي العدالة ، وكيف ساعيش دون ابنائي ؟.
بين القبور
وبينما اصبحت حياتها ترتبط بالزيارات وتستقبل رمضان والاعياد على بوابات السجون ، كانت ام عبد الله على موعد مع اقسى صدمة في حياتها ، فاصبح في جدول حياتها ايام طويلة تمضيها بين بين قبور الشهداء التي تضم رفات كريمتها بشرى التي استشهدت في منزلها وهي تستعد لامتحانات الثانوية العامة ، وتقول " سجون وقبور هي حياتي ، وعندما يسمح لي بالزيارة اتوجه للسجن ثم اعود للقبور لزيارة كريمتي بشرى التي قتلت بدم بارد ، كانت من تصبرني وترفع معنوياتي خلال مطاردة اشقائها ، فهي الوحيدة التي كانت تشعر بالمي وتشاركني الاحزان تخفف عني الالم في رمضان والعيد ، ولكن رمضان جديد ولم تعد بشرى معي فقد حرمني الاحتلال منها قبل 4 سنوات ، اقتحموا المخيم وحاصروا منزلنا في الوقت الذي كانت فيه بشرى تحمل كتابها وتدرس لانها كانت متفوقة وتحلم ان تصبح محامية ، ودون سبب اطلقوا النار عليها وهي تقرا ، لم تكن مطلوبة او تشكل خطر على الامن الاسرائيلي وبرصاص حكموا عليها بالموت وحرموني منها للابد "، وتضيف " اصبح البيت مظلما ورهيبا بعدما حرمت من عبد الله وعبد الرحمن وبشرى وفي رمضان ومن شدة حزني عليها وعلى اخوتها قررت ان استقبله بجانب قبرها لعل ذلك يخفف الالامي واحزاني التي لن تنتهي .
فرقة حتى في السجن
كل ذلك لم يكن كافيا للاحتلال ، فمسلسل العقاب لم ينتهي وتقول " فرقت ادارة السجون ابنائي رغم اعتقالهم واحكامهم القاسية ، لا زالت ترفض جمعهم في سجن واحد حتى في شهر رمضان حتى لا يجتمع شملهم "، وتضيف في كل لحظة من رمضان اشعر بالمزيد من المعاناة لان الاحتلال يطاردنا ويزرع الحزن في حياتنا لذلك لا املك سوى صلاتي ودعواتي في ايام البركة لله العلي القدير ليرفع عنا هذه الغمة ويرحمنا برحمته لتنتهي دوامة الالام وحلكة ليالينا التي لا نرى فيها سوى كوابيس الاعتقال وعذابات ابنائي وكل الاسرى "